IMLebanon

عون «الرئيس الواقعي» يراعي التوازنات.. والطموحات

يعلن رئيس الجمهورية ميشال عون منذ فترة عناوين رؤيته لكيفية ادارة البلاد من كل النواحي السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والتربوية، في ما يبدو انها مقاربات مكملة لخطاب القسم، وكلها تحت عنوان واحد مفتاحه الاصلاح والالتزام بالدستور والقوانين والانظمة التي ترعى عمل المؤسسات ولو اضطر احيانا للخروج عن بعض الأعراف الموروثة في عهود ما بعد الطائف.

لكن مقاربات عون الاصلاحية في الحكم ما زالت تصطدم بالواقع السياسي المشكو منه، وخصوصا طبيعة التركيبة الطائفية والتوازنات القائمة التي تفرض على الرئيس نمطا من التعامل لا يكون راضيا عنه لكنه سيكون مضطرا للقبول ببعض أعرافه التي تفرض عليه ايضا «تفاهمات الضرورة» لإنجاح وتحقيق ما يريد في بداية العهد، في انتظار ما ستفرزه الانتخابات النيابية المقبلة.

وتشير أوساط مقربة من بعبدا الى ان عون يلتزم عدم الخوض في تفاصيل عملية تشكيل الحكومة، وان كان قد وضع لها ضوابط ومفاهيم جديدة مبدئية قد لا يختلف عليها احد، واشارت الى ان الرئيس عون يربح سلفا نصف المعركة عبر تمسكه بمبادئه ومواقفه المعلنة، وهو بمثابة كتاب مفتوح، البعض يقرأه ويؤيده، والبعض الاخر يقرأه ويتحسر، واخرون يقرأونه ويحتاطون حسب درجة الخطر على مصالحهم السلطوية، الا ان ما اعلنه رئيس الجمهورية واكبه تأييد شعبي واسع ما اعطى بعدا وطنيا للعهد الاصلاحي.

الا ان الأوساط نفسها تشير إلى ان عون لم يضع بعد كل اوراقه على الطاولة ولم يستخدم كل اسلحته، إذ أن اولى مهام الرئيس هي اعادة تكوين السلطة عبر تشكيل الحكومة، لكنه لن يضع توقيعه على اي مرسوم تشكيل لا يرضيه ولا يكون مقتنعا به، لكنه في الوقت ذاته، هو انسان واقعي، ويدرك طبيعة التوازنات التي تفرض تشكيلة معينة للحكومة، وهو سيوازن بين الرغبة الاصلاحية وبين التوقيت المناسب لاطلاق وسائل تنفيذ ورشة الاصلاح، وهذا يبدو جليا في طبيعة اللقاءات التي يجريها مع الهيئات الرقابية والقضائية والادارية والاقتصادية والاهلية، الا ان بعض القوى رفعت اول متراس بوجه الرئيس عبر تعقيد تشكيل الحكومة وطرح موضوع قانون الانتخاب ليغطي على الوضع الحكومي.

وتوضح الأوساط أن الرئيس عون «كان قد اعلن صراحة ان الحكومة لن تكون هي حكومة العهد الاولى بل هي حكومة قانون الانتخاب واجراء الانتخابات النيابية، لذلك لن يوقع مرسوم التشكيل ما لم يراعِ التوازنات الحالية وتمثيل كل القوى، كي لا يصطدم بجدار سميك يطيح مشروع قانون الانتخاب والانتخابات نفسها».

وترى الأوساط ان الانتخابات النيابية لن تخلق بالضرورة توازنات جديدة، إذ ان القوى السياسية ستبقى هي ذاتها وبتحالفاتها المعروفة، وإن حصل خرق معين هنا أو هناك، لذلك، لا يمكن تكوين صورة واضحة جلية عما يمكن ان يحققه العهد قبل تشكيل الحكومة واجراء الانتخابات النيابية المقبلة، وهذا الامر يحتاج الى قليل من الصبر والهدوء.

وتستدرك الأوساط نفسها بالقول أن مقاربة رئيس الجمهورية لتشكيل الحكومة هي القول للقوى السياسية الآتي: اعطونا الأفضل والأنظف لديكم لننجح سويا.

وتختم «من العبث اتهام الرئيس وتياره بعرقلة التشكيل وهي حكومته الاولى ويعوّل عليها كثيرا لإنجاز قانون الانتخاب واجراء الانتخابات، لذلك قد يهادن هنا وقد يتصلب هناك، لكنه لن يخوض حربا بوجه القوى السياسية نهائيا، بل العكس سيتصرف من وحي «البيان الأبوي» الأخير الذي أعلن فيه أن أبواب القصر الجمهوري مفتوحة أمام الجميع.