IMLebanon

عرسال تعيش صدى «لوائح الإعدام»!

يرقد محمد علولي، أحد مخاتير بلدة عرسال في مستشفى دار الأمل الجامعي في دورس ــ بعلبك. وضعه الصحي «مستقر»، بعد إصابته بطلق ناري في وجهه من قبل مسلحين مجهولين كمنوا له بالقرب من منزله في حي «المعيصرة» جنوبي البلدة. ما تعرّض له المختار علولي، ليس الكمين الأول الذي ينفذه مسلحون في عرسال ويستهدفون فيه أحد أبناء البلدة.

ثمة لائحة طويلة من الأسماء التي جرت تصفيتها بعد اختطافها، أو اغتيالها بكمائن مسلحة داخل البلدة، وآخرهم المواطن قتيبة الحجيري الذي قُتل قبل نحو أسبوعين على أيدي مسلحين يرجح أنهم من تنظيم «داعش» الإرهابي، وكونة عز الدين التي أطلق النار عليها ثلاثة مسلحين داخل منزلها قبل أشهر.

الوضع في عرسال «سيئ وعرضة لأن يسوء أكثر»، كما يؤكد لـ«الأخبار» عدد من أبناء البلدة، وسط ترجيحات بتنفيذ عمليات تصفية بحق أشخاص من أبناء البلدة ومن النازحين السوريين، والتهمة الحاضرة الجاهزة لكلّ مخالفٍ للتنظيمات الإرهابية وهي «الخيانة». ويجري التداول منذ أيام في عرسال ببعض الأسماء التي «اتخذ القرار بتصفيتها في عرسال»، من قبل التنظيمين الإرهابيين «جبهة النصرة ـــ فرع القاعدة في بلاد الشام» و«داعش».

«لائحة الإعدام» التي صدرت أخيراً، تضاف إلى لوائح سبق أن أعلنها التنظيمان في بلدة عرسال، ونفذت أحكام التصفية والإعدام بحق البعض بتهمة «التعامل مع الجيش ومخابراته، ومع حزب الله»، في حين أن البعض استدرك الأمر، وفضّل مغادرة البلدة والعيش خارجها منذ أكثر من سنتين.

إطلاق النار على علولي جزء من لائحة الإعدام التي تضمّ أيضاً اسم رئيس البلدية

وما لفت في لائحة الأسماء الجديدة، التي يتردد أنها تراوح بين عشرة و18 اسماً، ورود اسم كل من المختار علولي، ورئيس بلدية عرسال باسل الحجيري فيها. الأخير نفى لـ«الأخبار» وجود لائحة اسمية واضحة بالأشخاص الذين اتخذ القرار بتصفيتهم، وأن «الأمر يقتصر على ما يتردد داخل عرسال وخارجها، عن 7 أسماء لعراسلة وثلاثة سوريين». إلا أنه في المقابل، أكد أن الكمين الذي تعرض له المختار علولي دلّ على جدية التهديدات من قبل المجموعات المسلحة، خصوصاً أن اسم المختار «كان من بين الأسماء التي جرى تداولها، إلى جانب اسمي أيضاً»، كاشفاً أنه تلقى قبل أسبوعين تهديداً من قبل أحد الأشخاص، ادعى فيه أنه من «الدولة الإسلامية»، على أثر «المطالبة بضبط الوضع في عرسال ومنع تجوال السيارات ذات الزجاج الحاجب للرؤية، وهددني شخصياً بالقتل، مع تحميلي مسؤولية المطالبة بدخول الجيش إلى بلدة عرسال، علماً بأن نهجنا ليس عدائياً، وأن انفتاحنا على الدولة ومحيطنا الهدف منه إراحة عرسال، لكن البعض لا يريد منا التعامل مع الخير، وهو ما يدفعهم إلى معاداتنا واتخاذ قرارات بتصفيتنا»، كما يقول.

بعد حادثة المختار علولي، تعيش عرسال حالة من الحذر في ظل انعدام عناصر الحماية لأبناء البلدة، وعدم تلبية الجيش الطلبات المتكررة بالدخول إلى البلدة وتكريس الأمن فيها. ويؤكد عدد من أبناء عرسال لـ«الأخبار» أن توجيه أصابع الاتهام باتجاه تنظيم «داعش» دون «جبهة النصرة»، «ما هو إلا تضليل، لأن ما يتردد في عرسال من معلومات، يشير إلى أن عناصر من النصرة هم الذين كمنوا للمختار علولي»، كذلك «سبق لها أن أصدرت لائحة اسمية لأشخاص من عرسال تنوي تصفيتهم وتضم 27 اسماً». الحجيري من جهته، شدد على أن الجيش يتحفظ عن ذكر طرق معالجة الوضع في عرسال، «لكن بدورنا نشدد على المطالبة بحماية العراسلة والنازحين الشرفاء وقطع يد كل من تسول له نفسه التطاول على كراماتنا». وأوضح أن بلدية عرسال ومخاتيرها أصدروا بياناً منعوا فيه تجول السوريين من الساعة العاشرة مساءاً وحتى السابعة صباحاً، «من باب التعاون والحرص على أمن الجميع، وتأكيد عدم صحة ما يشاع بأن بلدية عرسال ومخاتيرها دعوا الجيش إلى دهم المخيمات والإساءة إلى أهلها، وان الهدف من ذلك التحريض والفتنة». وبذلك، تكون بلدية عرسال قد انضمّت إلى لائحة البلديات التي تمارس العنصرية بحق النازحين السوريين، علماً بأن وجهاء البلدة يعرفون أن عدداً من أبنائها (وهم لبنانيون لا سوريون بطبيعة الحال) ينشطون في صفوف التنظيمات الإرهابية التي تحتل الجرود. وبالتالي، من غير المعروف ما إذا كانت إجراءات منع النازحين من التجول ليلاً ستؤدي إلى وقف عمليات الاغتيال، فيما المعالجة الأمنية الرسمية تكتفي بالعمل عن بُعد، لأن تيار المستقبل لا يزال يمنع صدور قرار سياسي يمنح الجيش الضوء الأخضر لتنفيذ عملية كبرى لتحرير الجرود المحتلة.