IMLebanon

قَدَرٌ و … قضاء  

 

إستهل البيان الرسمي الصادر عن مجلس الوزراء، أمس، بالكلام الآتي: «إنّ رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون دعا القضاء للعب دور أساسي للحدّ من الفلتان الأمني بالتعاون مع الأجهزة الأمنية»… أما الرئيس سعد الحريري فدعا وزير العدل الى «إعادة النظر ببعض عقوبات السجن (…) لاسيما لجهة التشدد (..)».

وهذه الإستهلالية تفتح الباب أمام سلسلة نقط وملاحظات ذات صلة بالقضاء اللبناني نسوقها من باب الإحترام والتقدير لهذا الجسم الذي فيه نخبة من العلماء البارزين، ونخبة من أصحاب الضمائر الحية، ونخبة ممن يمكن وصفهم (بحق وحقيق) بأنهم حماة العدالة.

ولكن هذه الحقيقة لا تحول دون تلك الملاحظات التي سنورد بعضاً منها في الآتي من الكلام:

1 – لماذا يكثر الحديث عندنا عن تدخّل السياسة في القضاء؟ ولماذا «يجب» أن تتدخل السياسة في القضاء؟ ولماذا لا يرفض القضاة أن يتدخل السياسيون في عملهم؟ واستطراداً: لماذا «يجب» على القاضي أن يكون خاضعاً للسياسي، فيسمح له أن يتدخّل في شؤونه؟!.

2 – هل صحيح أنّ بعض القضاة حوّلوا الوظيفة (هي، بموجب النص، سلطة وليست وظيفة، وهي السلطة الثالثة بعد الإثنتين الأولى: السلطة التشريعية والثانية: السلطة التنفيذية) حوّلوها  الى مورد رزق من نوع التجارة بكل ما للكلمة من معنى؟!.

3 – وهل صحيح أن هناك قضاة «متخصصين» في التقليل من أهمية الجريمة وخطورتها ليصدروا الأحكام المخففة؟!.

وهل صحيح أنّ العشرات من المحامين الجدد سواء أكانوا لا يزالون في مرحلة التدرج أم باتوا في مرحلة الإستئناف، لا يجدون لهم شغلاً في المحاكم، لأنّ أيّ قضيّة كبيرة كانت أو متوسطة أو صغيرة سيكتفي القضاة بعد إفتتاح الجلسة بإعلان العبارة الأثيرة «عُينت الجلسة في (…)» بعد شهرين وثلاثة أشهر وربما أكثر! لدرجة أن قوافل المحامين من الأجيال الطالعة بات طموحهم أن يدلوا ولو ببضع كلمات أمام أقواس المحاكم.

4- لماذا لا يوجد في لبنان تجمع قضائي (يمكن وصفه بالـ»فدائي») يتصدّى للفساد ويكون إستكمالاً للعمل العسكري الأمني الذي يأتي بالمجرمين والمرتكبين والخارجين على القانون… فما أن يدخلوا التوقيف من باب حتى يخرجهم القضاء من باب آخر!

5 – هل صحيح أنّ هناك قضايا «ينوِّمها» القضاء سنوات طويلة جداً جداً جداً… لدرجة أن يد القضاء والقدر تتدخل فتقصف مدّعياً هنا ومدّعى عليه هناك، وشاهداً هنالك… والرزق على اللّه؟!.

6 – لماذا لا يكون عندنا قضاة أمثال تلك المجموعة التي إنطلقت من قصور العدل في إيطاليا… تلك المجموعة الرائعة  من القضاة المحترمين الذين حوّلوا أنفسهم دروعاً بشرية في وجه الفساد والفاسدين، والإجرام والمجرمين، والتدخل والمتدخلين (الخ …)؟!.

7 – إننا نكرر أننا ننطلق من إحترامنا للقضاء، للجسم القضائي، وللقضاة أفراداً… ومن أجلهم كتبنا ما كتبنا أعلاه، فثمة أوادم كثر بين القضاة يجب أن لا يؤخذوا بجريرة المرتكبين الفاسدين.