IMLebanon

رابطة مخاتير بيروت: العونيون ضحية خدعة حريرية

كان يفترض بانتخابات رابطة مخاتير بيروت أن تكون حدثاً أقل من عادي نتيجة توافق القوى السياسية المسبق على لائحة من 13 مختاراً. إلا أن انقلاب تيار المستقبل على التوافق الذي تولى إعداده وتنفيذه، صوّب الأضواء نحو هذا الحدث، ولا سيما أن الضحية مجدداً: التيار الوطني الحر

لا يفصل تيار المستقبل بين رئاسة جمهورية والتمديد لقائد الجيش ومنصب مختار في أحد زواريب بيروت عندما يتعلق الأمر بالتيار الوطني الحر.

وبدلاً من التعامل مع العونيين “على القطعة”، اختار الحريريون حرمانهم حقهم في مدينة بيروت وتنويمهم على لائحة توافق في انتخابات رابطة المخاتير، ليستفيقوا في اليوم التالي على خدعة حريرية قضت بإنجاح كامل مرشحي اللائحة المتفق عليها باستثناء التيار الوطني الحر! ما سبق فتح النقاش مجدداً بين العونيين حول صوابية التحالف مع تيار المستقبل من جهة، ومسؤولية المكلَّف التفاوض في هذا الملف، أي نائب رئيس التيار الوطني الحر نقولا صحناوي، من جهة أخرى. ففي الوقت الذي سلّم فيه صحناوي مفاتيح التفاوض للقوات، وأمّن لوعود “المستقبل”، شُطِّبَت مرشحته نيللي تابت واستُبدل بها مرشَّحٌ من خارج اللائحة محسوب على النائب نديم الجميِّل، يُدعى ميشال فياض. هكذا تمثلت كل القوى السياسية في بيروت ما عدا التيار البرتقالي!

القصة بدأت منذ 10 أيام عندما اتفقت القوى السياسية على عدم تكرار التجربة السابقة باستثناء التيار والشيعة والمستقلين، وتخلل الاجتماع مع صالح فروخ التوافق على مجموعة أسماء تمثِّل جميع الأحزاب وبرضاها. يومها عُقد ميثاق شرف تعهد بموجبه تيار المستقبل تولي مسؤولية اللائحة المشتركة المؤلفة من 13 عضواً، 7 مسلمين و6 مسيحيين (5 من الأشرفية والرميل والمدور والصيفي وواحد من المصيطبة).

القوات سـ {تعاقب» الجميّل، وأول الغيث خفض التمثيل في احتفال اليوم

وفعلياً، لم تكن أجواء يوم أول من أمس توحي أن “المستقبل” يكمل في انتخابات رابطة المخاتير ما كان قد بدأه في السياسة مع التيار الوطني الحر، وأنه أوعز إلى مخاتيره ومخاتير الجماعة الاسلامية المتحالفة معه الاستبدال بمرشحة التيار مرشحاً آخر من خارج اللائحة كان قد رشحه النائب نديم الجميّل، هو المختار فياض. والأخير مرشح نديم الشخصي، وهو كتائبي سابق ومقرب جداً منه. فحازت نيللي أصوات 28 مختاراً (من أصل 103 اقترعوا). وكان واضحاً أن مؤامرة ما حيكت تحت الطاولة بين المستقبل ونديم قضت بتشطيب اسم مرشحة التيار مقابل إنجاح مرشح الجميّل.

مصادر عونية معارضة للقيادة، وأخرى قواتية، تعزو النتيجة، في جانب منها، إلى ضعف في إدارة المعركة. فمن جهة، “لم يتصل صحناوي بالمخاتير المحسوبين على التيار. ومن جهة أخرى، تتحدّث المصادر عن “عدم صوابية اختيار مرشحة من المدور حيث الأكثرية للأرمن بدلاً من الرميل حيث النفوذ العوني القوي”. أما الأهم، فهو أن التيار الوطني الحرّ لم يكلف نفسه، ولا طلب من منسقيه الاستعداد للمعركة كسائر القوى السياسية التي لم تتكل فقط على التوافق، بل ضمنت مرشحها عبر اجتماعات بالمخاتير واتصالات لضمان أصواتها، وعبر تشطيب بعض من مرشحي المستقبل لضمان نجاح مرشحها حتى في حال خرق اللائحة، وهو ما لم يفعله التيار. هذا فضلاً عن تقليص حصته إلى مرشح واحد مقابل مرشحين للقوات، علماً أنهما يحوزان عدد المخاتير نفسه.

ويُطرَح في هذا المجال تساؤل عمّا إذا كان بعض حلفاء التيار المسيحيين قد شطّبوا مرشحته، على اعتبار أن حزب الله يحزم بأنه منح اللائحة كامل الأصوات المحسوبة عليه، وهم 8 مخاتير.

وكانت النتيجة أن أنجح النائب ميشال فرعون مرشحه (إيلي صباغة 76 صوتاً وحاز منصب نائب الرئيس) والقوات مرشحيها (خليل واكيم وفارس مراد) والطاشناق مرشحه بيدروس كولاجيان (74 صوتاً)، وتمكن الجميّل من فرض مرشحه ميشال فياض (56 صوتاً) والحريري (جان مطران 77 صوتاً)، فيما خرج العونيون من المولد بلا مختار. وأهمية رابطة المخاتير أنها صلة الوصل بين المختار ومحافظ بيروت ووزارة الداخلية، وتمرّ عبرها كل المشاريع في ما عدا قدرتها على فرض قراراتها على المخاتير بالإجماع.

ينفي أحد المقربين من صحناوي ما سبق، عازياً الخسارة إلى انقلاب “تيار المستقبل على التوافق وخداعه القوى المسيحية التي استنكرت ما جرى عبر رفض القوات والطاشناق حضور اجتماع الرابطة أمس لانتخاب الرئيس ونائبه وأمين السر، ما أدى إلى إلغائه ريثما يتشاور المخاتير مع قياداتهم. وكان واضحاً يوم الأحد الماضي أن كلمة سرّ من المستقبل قلبت كل الموازين وأطاحت مرشحنا”. كيف سيتعامل التيار مع هذا الأمر؟ لا جواب حاسماً بعد، بانتظار ما ستؤول إليه الأوضاع في الأيام المقبلة. إلا أن هناك من يستند إلى هذه الحادثة للقول إن تيار المستقبل يرفض منح أصواته للعونيين للفوز بمركز عضو رابطة المخاتير، فكيف سيمنحهم أصواته لرئاسة الجمهورية؟

من ناحية أخرى، تشير مصادر القوات إلى أنها ستتخذ موقفاً مناسباً من النائب نديم الجميّل على خلفية الانتخابات البلدية الأخيرة وانتخابات رابطة المخاتير أول من أمس. وأول الغيث اقتصار تمثيلها في الاحتفال الذي يقيمه الجميّل اليوم (في ذكرى انتخاب والده رئيساً للجمهورية قبل 34 عاماً) على التمثيل الرسمي، فيما دأبت سابقاً على التمثّل بنحو 1000 حزبي يحملون أعلام القوات، وهو ما اضطر نديم إلى إجراء اتصالات بإقليمَي المتن وبعبدا الكتائبيَّين لمحاولة حفظ ماء الوجه وتأمين بعض الحضور، على ما تقوله هذه المصادر.