IMLebanon

عند أبواب دمشق  

في 17 تموز العام 2012 كتبنا في هذا الهامش بعدما أصبحت المعارك على أبواب دمشق وكان العالم العربي يترقّب نبأ سقوط وفرار أو مقتل المجرم بشّار الأسد، أتذكّر يومها أنّ صعاليك سوريا في لبنان اندفعوا ليقولوا: «سقوط بشار لن يُغيّر شيئاً في لبنان»!!

من السخرية بمكان أنّه وبعد سقوط حلب اندفع جماعة سوريا يتسابقون للحديث عن انتصار النظام، وأنّ بشّار الأسد سيتربع على كرسيّ سوريا في اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة الدورة العادية الثامنة والعشرون، وكانت المفاجأة لهؤلاء ومعهم روسيا وإيران، إعلان وزير الخارجية الأردني «أيمن الصفدي» أن نظام الأسد لن يتلقى دعوة للمشاركة في القمة العربية المقرر إقامتها في عمان نهاية هذا الشهر، لأن «الجامعة جمّدت عضويتها»، في حين استنكر الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، التدخلات الإيرانية في شؤون عدة دول عربية، فأين هو الانتصار الذي «هلكونا» وهم يتحدّثون عنه؟!

في 17 كانون الأوّل 2017 وبعد سقوط شرقي حلب أعلن سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي «أنّ دمشق كانت على وشك السقوط، عندما بدأت روسيا عمليتها في سوريا لمحاربة الإرهاب في أيلول عام 2015» وأنّ «العاصمة دمشق كان يفصلها آنذاك أسبوعان أو 3 أسابيع عن السقوط»، اليوم عادت دمشق إلى الواجهة، من بوابّة كاراج العباسيّين ومحيطه، مجدّداً الثورة على «بوّابة» دمشق، ومن المبالغة أن يتحمّس كثيرون معتبرين أنّ ما يحدث قد يُغيّر من مجرى الصراع، ما يحدث هو إرباك كبير لفريق الممانعة الذي ظنّ أنّ دمشق باتت بمنأى عن الثورة وعن الثوّار، الحسنة الوحيدة للاشتباكات العنيفة التي دارت يوم الأحد 19 آذار الجاري، بين الجيش السوري ومسلحي هيئة «أحرار الشام» والفصائل المتحالفة معها، هزّت كثيراً من وضع ظنّ بشار الأسد وحزب الله وإيران أنّه استتبّ لهم، «لا تؤاخذونا.. الثورات والشعوب لا تموت»، وإذا ما انتقلت اللهبة الدائرة إلى شوارع دمشق فهذه المعركة الدامية التي طالت واستطالت ستتغيّر معادلتها من دون شكّ!

والاشتباكات التي اندلعت تخلّلها إطلاق قذائف صاروخية على أحياء عدة في وسط العاصمة، أبرزها العباسيين والمهاجرين وباب توما والقصاع، والذين يعرفون دمشق يعرفون أن القصف طاول قلب المدينة، والتساؤل الذي يطرح نفسه وبشدّة، ماذا سيفعل الطيران الروسي الذي خرج من المعركة؟ هل سيقصف مناطق العاصمة ليطارد المقاتلين، أم أنّ الميليشيات الشيعيّة ستجتاح العاصمة الدمشقيّة لتفرغ دمشق من أبنائها؟ علينا الانتظار والترقب لحجم تطوّر العمليات وتطوّرها، ولنزوح محتمل جديد لسكّان دمشق هرباً من تحوّل المدينة إلى مسرح حربيّ من نوعٍ آخر!

حفظ الله دمشق وأنقذها من براثن بشّار وبوتين والخامنئي، تحمّلت دمشق الكثير وتجرّعت الغصص مُرّةً، ومرّة بعد مرّة، على أبواب دمشق وعودة الروح إلى الثورة لا يختصر الموقف إلا أبياتٌ من قصيدة الشاعر الدكتور وائل حبنكة الميداني إبن العالم الكبير عبدالرحمن حبنكة الميداني رحمه الله.. وهي قصيدة «من أوباما إلى الشعب السوري»:

«وهنا بدايةُ قصتي مع شامكم/ وهنا طريق الغدرِ صارَ لزاما/ ما جئتُ أدفع عن دمشق وأهلها/ ظلمَ الطغاةِ ولا أريد سلاماً/ هي لعبةٌ وجميعنا أبطالها/ لكنّنا نستغفلُ الإعلاما/ إيران منّا وهي بعضُ جنودنا/ ورجالها نحْسَبْهمو أرحاماً/ صاروخُها النوَويُّ صُنْعُ رجالنا/ وبِتلْ أبيبَ نُخَزّنُ الأرقامَا/ لا تحسبوا أنَّ الذي ما بيننا/ ممّا تروْنَ تنافراً وخصاماً/ نحن اتفاقٌ مُسْتَجِدٌّ دائمٌ/ لقديمِ عهدٍ نحنُ فيه قدامى !!!/ أمّا وقوفُ الروسِ حيثُ تروْنهم/ فهو الوقوفُ كما نريدُ (تماماً)!!/ هُمْ نحن!!… لكنْ دورهُم أن يُطفئوا/ نيراننا لنزيدها إضراماً !!!/ والصين تحذو حذوَهم.. وجميعنا/نُرضي (الكنيسَ) وننصرُ الحاخاما/جئناكمو بعد العراق وكفُّنا/ حول الخليجَ… توزّع الألغاما/ فالأمر ليس كما تراه عيونكم/ شعبٌ يبادُ وبلْدَةٌ تترامى/ الأمرُ في التوراةِ معقودٌ لنا/ في أرضكم كي ندحرَ الإسلاما/ هي قصّةٌ جئنا لنُكْمِلَ فصلها/ ونحققَ الآمال والأحلاما/ لكننا (والحقُّ في قرآنكم )/ نخشى الذي حفظَ الصلاةَ وصاما/ نخشى العُدُولَ.. ولا نخافُ رعاعَكُم/ حتّى ولا نتهَيّبُ الحُكّاما/ فجميعهم بأكفّنا…. وجميعهم/ مُذ عيّنوا خطوا لنا استسلاما/ جئناكمو .. واظنُّ رغم عُلُوّنا/ أنّا سيحْصُدُ جيشُنا الأوهاما/ فالحقُّ باسم الله يعلو شأنه/ لا باسم ما يعلو به أوباما!!!!/ قل للمترجم: إن وعيتَ قصيدتي/ ترجمْ.. وسطّرْ في الختامِ سلاماً/ واعلم بأنّ الله بالغُ أمره/ مهما علا شرُّ الطغاةُ وداما!!!»…

ميرڤت سيوفي