IMLebanon

باسيل يتحدث بلغة القوات وجعجع يتحدث بلغة التيار!

حالة الهيجان المسيطرة على المكونات السياسية في البلد تتخذ خطا تصاعديا وتصعيديا لدى الأطراف المعنية، مغلفا بمواقف معلنة ناعمة تدعو الى التهدئة والتفاهم والتعاون، والتنازلات المتبادلة حول قانون الانتخاب، تجنبا لانفجار أزمة طاحنة في مستهل العهد الجديد، وتدفع به الى التآكل. وهذا التحوّل الطارئ والمقلق يبدو مفاجئا لغالبية الناس التي تفاءلت بوصول عهد جديد يقلب صفحة الماضي من زمن المناكفات العبثية بين أقطاب السياسة، ويفتح صفحة جديدة تطلّ على أفق المواطنة والمساواة في الحقوق والواجبات، وتؤسس لبناء الدولة المدنية التي تبتعد عن العصبيات الطائفية والمذهبية والفساد، وتبشر بولادة عهد الاصلاح والتغيير…

جرى ما لم يكن في الحسبان، ويقود الى نقيض ما كان متوقعا. وقد استبشرت خيرا غالبية من مكونات العائلة الروحية المسيحية في لبنان بعد التفاهم التاريخي الذي أعلن عنه بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية. وكان من نتائجه حدوث انفراج واسع وفرحة متبادلة لدى الطرفين، وكان من نتائجه تبنّي ترشيح العماد عون للرئاسة، وانسحاب الدكتور سمير جعجع لمصلحته. بل ان غالبية المكونات اللبنانية كانت مرحبة بهذا التطور الذي يغلق بابا في وجه الصراعات الحادّة حتى داخل البيت الواحد، أو يسدّ فوهة من فوهات بركان الخلافات اللبناني المتفجر!

حلول استحقاق التوافق على قانون جديد للانتخابات النيابية أطلق سباقا محموما، وكشف ما كان خافيا، وظهر المستور، ويبدو ان التفاهم بين الطرفين تفاعل في لحظة الاختمار، وترك آثاره على مستوى القيادة في التيار والقيادة في القوات معا. وقد فوجئ الوسط السياسي بنمط التفكير الجديد لدى رئيس التيار جبران باسيل في عرضه لمشاريعه الانتخابية، وفي توغله عميقا وبعيدا في خطاب سياسي يختلف في الشكل والمضمون عن خطاب التيار على مدى العقود الماضية. والمفارقة ان خطاب باسيل اليوم هو أقرب الى لغة خطاب القوات قبل التفاهم، في حين أن خطاب الدكتور جعجع رئيس القوات يتبنى اليوم خطابا هو أقرب الى روح خطاب التيار أحيانا.

لعل هذا الواقع هو من أسباب سيطرة حوار الطرشان حول قانون الانتخاب بين مختلف الأطراف في هذه الآونة…