IMLebanon

برّي: لا حلّ إلّا بقانون الإنتخاب حتى ولو انتخَبنا فؤاد شهاب آخر

 

أسقَطت الانتخابات البلدية والاختيارية في جولتها الأولى التي شَملت بيروت والبقاع الأحد الماضي، كلَّ الذرائع التي كان بعض القوى السياسية توَسّلها لفرض تمديدِ ولاية مجلس النواب على دفعتين في العامين 2013 و2014، ولم يعُد في إمكان المتذرّعين وكلّ المعنيين الهروب إلى تمديدٍ جديد.

يجزم رئيس مجلس النواب نبيه برّي بأنّه لن يكون هناك تمديد جديد للمجلس بعد اليوم مهما كلّف الأمر، ويرى أنّ الانتخابات البلدية في الأجواء التي جرَت فيها تفرض واقعياً تقصيرَ ولاية المجلس الممدّدة وإجراء الانتخابات النيابية، ولكن عملياً سيكون من الصعب إنجاز خطوة من هذا النوع إذا لم يُقرّ قانون انتخابي جديد، فهذا القانون بات الأساس في أيّ حلّ للأزمة ولإعادة تكوين السلطة سواءٌ قبل انتخاب رئيس الجمهورية أو بعده.

ويضيف برّي أنه لا بدّ من إقرار مِثل هذا القانون معتمداً النظامَ النسبي، لأنّ النسبية تُحقّق التمثيل الشامل للّبنانيين في مجلس النواب، ولم يعُد جائزاً بقاء البلاد في دوّامة قوانين انتخابية تعتمد النظام الأكثري. ولكنّه كبداية لا يرى غضاضةً في البدء بإقرار قانون مختلط يعتمد مناصفة النظامين النسبي والأكثري ويكون مقدّمة إلى قانون يعتمد النسبية كلّياً.

ويشير إلى أنّ مشروع المختلط الذي اقترَحه ويقضي بانتخاب نصف أعضاء المجلس على أساس النظام النسبي والنصف الآخر على أساس النظام الأكثري فيه من «الغموض البنّاء» ما يؤدي إلى شمولية التمثيل وعدم إقصاء أيّ فريق لآخر، فلا فريق «14 آذار» يمكنه الفوز بالأكثرية النيابية ولا فريق «8 آذار» أيضاً، وأنّ ذلك «الغموض البنّاء» سيؤدّي إلى فوز مرشّحين وسطيّين ونشوء كتَل نيابية وسطية، في حين أنّ «المشروع المختلط» الذي اتّفق عليه تيار «المستقبل» و«القوات اللبنانية» والحزب التقدمي الاشتراكي «ليس مختلطاً بل هو مخلوطة»، لأنّ الذين وضَعوه، يَهدفون إلى هزيمة الفريق الآخر.

وإذ تشير معلومات إلى أنّ الحزب التقدمي الاشتراكي انسحبَ من هذا المشروع «المختلط»، يكشف برّي أنّه بموجب دراسات وحسابات أجراها ومعاونيه حول المشروع الذي قدّمه، وما يمكن أن يُحقّقه من نتائج في حال اعتماده، ظهرَ أنّه يُمكّن المسيحيين من انتخاب 52 نائباً مسيحيّاً مباشرةً من دون تأثيرات الأفرقاء الآخرين، ويضاف إلى هؤلاء الـ 52 انتخاب المسيحيين أيضاً مجموعةً من النواب المسلمين على لوائحهم بأعداد تفوق ما يمكن المسلمون أن ينتخبوه من نواب مسيحيين في بعض الدوائر، ما سيفسِح المجال لانتخاب نواب وسطيين ويَمنع فوز أيّ فريق بعينه بالأكثرية النيابية، وبالتالي الاستحواذ على السلطة.

في هذا السياق، تُظهر عملية حسابية للفترة الفاصلة عن موعد الانتخابات النيابية المقرّرة في ربيع 2017، أنّ عامل الوقت لإقرار قانون انتخابي جديد تُجرى تلك الانتخابات على أساسه بدأ يَضغط، فعملياً لم يبقَ مِن ولاية المجلس الممدّدة سوى عشرة أشهر وليس سَنة، لأنّ الدستور والقوانين المرعيّة الإجراء تقضي بإجراء الانتخابات قبل ستّين يوماً من موعد انتهاء ولاية المجلس، ما يعني أنّ الفترة المتبقّية من هذه الولاية التي تنتهي في حزيران 2017 هي عشرة أشهر وينبغي على الجميع اغتنام النصف الأوّل منها لإقرار القانون الانتخابي العتيد إذا كانوا جدّيين فعلاً في ذلك، والانصراف في النصف الثاني المتبقّي إلى التحضير العملي والميداني لانتخاباتهم، وإلّا فلن يكون هناك من خَيار لإجراء الانتخابات إلّا القانون الحالي النافذ، أي قانون الستّين الذي تبنّاه مؤتمر الدوحة عام 2008.

على أنّ برّي العامل بشدّة على إقرار قانون انتخابي جديد، يقول في معرض الحديث عن الأولوية بين انتخاب رئيس الجمهورية والانتخابات النيابية، إنّه حتى ولو انتخب فؤاد شهاب آخر رئيساً للجمهورية كونه كان أنجحَ الرؤساء، لن يكون في إمكانه والآخرين حلّ الأزمة وتطوير الدولة ومؤسساتها إذا لم يُقرّ قانون انتخاب عصري يُحقّق عدالة التمثيل وشموليته لكلّ أبناء الشعب اللبناني من خلال اعتماد النظام النسبي.