IMLebanon

بري يدير ظهره للمرسوم الرئاسي.. ويستذكر دور البرلمان في المساءلة والمحاسبة؟!  

بادر رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى اصدار مرسوم بفتح دورة استثنائية لمجلس النواب اللبناني تكون في أولوياتها اقرار قانون جديد للانتخابات النيابية والموازنة العامة للدولة..

التقط رئيس مجلس النواب المبادرة، فدعا هيئة مكتب المجلس الى جلسة برئاسته عقدت في عين التينة، وليس في ساحة النجمة.. فجاءت المفاجأة الخروج بجدول أعمال واقتراحات قوانين قاربت التسعين بنداً، وليس على جدول الأعمال بند قانون الانتخاب ولا بند الموازنة العامة..؟!

يستذكر الجميع، انه عند كل استحقاق، او عند كل مناسبة كان الرئيس بري يسارع الى القول: »ان الوقت يداهمنا ويضغط علينا، والمطلوب انجاز قانون جديد للانتخابات في أسرع وقت..«.

ليس هناك ما يبرر او يبين حقيقة هذا التجاهل من هيئة مكتب المجلس، إلا اذا كان في جعبة الرئيس بري »سلة متكاملة« على غرار السلة التي كان تحدث عنها في أوقات سابقة، والجميع يستغرب كيف ان رئيس المجلس ادار ظهره للمرسوم الرئاسي بفتح الدورة الاستثنائية ومضى بالذي في رأسه، إلا اذا كان لديه من المعطيات ما يكفي للحديث عن »صفقة ما« تجري خلف الكواليس، وخلاصتها التمديد لمجلس النواب بحجة »الضرورات التي تبيح المحظورات« او التسليم بقانون الستين كخيار بات الأقرب الى اجراء الانتخابات في موعدها..

لم يجد الرئيس العماد عون – وهو العائد من زيارته السعودية وقطر محمولاً على انجازات بالغة الأهمية – من سبب لتجاهل هيئة مكتب المجلس بندي قانون الانتخاب والموازنة، وهو، على ما تقول مصادر مقربة اليه، سيبادر الى اتصالات ومراجعات، لاسيما وان موعد انعقاد جلسة مجلس النواب التشريعية لم يحسم نهائياً بعد..

ليس من شك في أنه، ومع عودة العماد من زيارته الخارجية، وهي الأولى مع بداية عهده، ستتفاعل الاتصالات، لكن من دون أية ضمانات بأنها ستؤدي الى توافقات، وقد تعددت الآراء والاقتراحات، وكل فريق متمسك بخياره على أنه الأنسب.. والعودة الى قانون الستين، او صيغة تمديد ولاية المجلس، باتت حاضرة وجاهزة، وتحظى بقبول ضمني من عديدين: بحجة أنه »إذا أردنا ان تجري الانتخابات في موعدها المحدد يجب ان يكون القانون يعتمد النظام الأكثري.. لكن اذا كان القانون يتوزع بين »الأكثري« و»النسبي«، فإن احتمال الضغط »لتأجيل تقني« يكون هو الخيار الذي لا بد منه.. على ما يقول نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري..

لقد مدّد مجلس النواب لنفسه مرتين تحت عنوان السعي لايجاد قانون جديد للانتخابات.. ولدى هيئة مكتب المجلس »كدسة« من مشاريع واقتراحات القوانين، التي أكلها الغبار..

عاد الرئيس عون من زيارته الخليجية، ومن الجو – ومن قبل ان تحط طائرته في مطار بيروت الذي تصدر اهتمام الدولة بفصل »طيور النورس« – أعلن تمسكه بالبحث عن قانون جديد للانتخابات، من دون أية اشارة لافتة الى ان الاجتماعات الجانبية التي حصلت بين وزير الخارجية جبران باسيل ووزير المال علي حسن خليل، ونادر الحريري، كما ووزير الاعلام ملحم الرياشي، على هامش الزيارة الخليجية، قد أثمرت عن نتائج ايجابية او شيء من التوافق الأولى على خط الاستحقاق الانتخابي..

ومن التدقيق في المواقف يتبين ان الافرقاء في غالبيتهم الساحقة يرددون المعزوفة ذاتها:

– لا عودة الى قانون الستين

– لا فاعلية، ولا قيمة فعلية لقانون مختلط يجمع بين »الأكثري« و»النسبي« وهو سيكون نسخة منقحة او محرفة عن قانون الستين..

– لا للنسبية المطلقة، بحجة وجود السلاح، الذي لا يفعل فعله إلا مع النسبية، ولا قبول بلبنان دائرة انتخابية واحدة، مع بقاء النظام الطائفي القابض على رقاب اللبنانيين..

– ليعود البعض الى فتح الادراج من جديد يفتش عن »اتفاق الطائف« وما تضمنه هذا الاتفاق..

لم يفهم كثيرون ما قصده الرئيس بري من ادارة الظهر هذه لدعوة رئيس الجهورية.. وهو كان في »لقاء الاربعاء النيابي«، شدد على »ان مجلس النواب مقبل على ورشة عمل ناشطة ومكثفة للتشريع والرقابة..« (تعيشوا وتفيقوا)؟! مشيراً الى أنه (أي الرئيس بري) عازم على عقد جلسات مكثفة للمحاسبة والرقابة للوزارات حيث في لبنان لا فصل بين النيابة والوزارة..

لا أحد ينكر أهمية اعادة الحياة الى مجلس النواب، الذي لم يعد اللبنانيون يتذكرونه سوى باغلاق المعابر والطرقات في وسط العاصمة.. وهو المجلس الذي سجل رقماً قياسياً في التوقف عن أبرز وأساس أدواره وصلاحياته وواجباته في الرقابة والتشريع والمساءلة والمحاسبة.؟! لكن السؤال الذي سيبقى وماذا عن قانون الانتخابات الجديد؟ وهل هناك من »صفقة سرية« للمضي في »صيغة الستين«؟ وما سيكون عليه موقف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الذي وضع في صلب أولوياته اجراء الانتخابات النيابية وفق صيغة جديدة؟ وهل سيكون ما جرى ويجري طعنة في مسيرة العهد الأولى؟!

يحيى جابر