IMLebanon

أبعد من تلازم مسارين في الحرب على داعش

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يعترف متأخراً بما يعرفه هو والجميع منذ إعلان الخلافة الداعشية: الحرب على داعش في العراق تتطلب ضربه في سوريا. وهو يطلب من مجلس العموم التفكير في موضوع لم يصل بعد الى طاولة التقرير في الحكومة، ولا الى طلب التفويض البرلماني في شأنه: مشاركة الطائرات البريطانية في ضرب داعش في سوريا مع ضربه في العراق، ضمن ما كنّا نسمّيه تلازم المسارين السوري واللبناني في مفاوضات التسوية مع اسرائيل.

وليس واضحاً ان كان هذا الموقف تعبيراً عن تبدّل في مقاربة التحالف الدولي أو مجرد ردّ فعل على عملية داعش الارهابية في تونس والتي أوقعت أكبر عدد من السيّاح البريطانيين بين الضحايا. لكن المؤكد هو ثلاثة أمور. أولها ان لندن لن تفعل شيئاً قبل الخريف بعد اجراء مشاورات اقليمية ودولية، وثانيها ان أي جهد بريطاني في الحرب الجوية ضد داعش يبقى محدوداً. والثالث ان أميركا هي التي تدير اللعبة مع داعش وتحدّد الوقت المطلوب لاضعافه واحتوائه والوقت اللازم للقضاء عليه بعد انتهاء وظيفته.

ذلك ان حرب سوريا أكبر من الحرب على داعش التي هي حجر الأساس لاعادة بناء البيت العراقي. وكل قراءة في الحرب من خلال ما يدور على الارض تحتاج الى قراءات في ما تدار به الحرب من فوق ضمن خطوط حمر. فلا معركة تخطت الخطوط الحمر، كما يظهر من مجريات التقدم او التراجع على الجبهات الاساسية في الشمال والجنوب والوسط. ولا اللاعبون الكبار يعمل كل منهم بحرية كاملة من دون حساب للآخرين. وهم، مع اميركا، روسيا وايران وتركيا والسعودية وقطر.

ولعل ما يختصر سياسة الرئيس باراك اوباما هو توظيف الاستنزاف ضمن معادلة مكتوبة على الجدار ومحكومة بتحديد الممنوع والمسموح به في اللعبة: لا اسراع في انهاء داعش ودولته لئلا يربح النظام، ولا اسقاط للنظام خوفا من ان يملأ داعش او الفوضى الفراغ. لا خطوة واسعة في اي اتجاه قبل ايجاد البديل وسيناريو اليوم التالي. ولا تنشيط للحرب على الارهاب من دون ترتيب حل سياسي يضمن نجاح الحرب.

والخطر ليس محصورا في العراق وسوريا. ولا هو فقط حيث ظهر مؤخرا في تونس والكويت ومصر وفرنسا. فحرب داعش في سيناء دفعت الرئيس عبد الفتاح السيسي الى المطالبة بقيام حلف عربي لمواجهة الارهاب والتطرف. وتطورات حرب سوريا جعلت الرئيس فلاديمير بوتين يقترح نوعا من تحالف اقليمي – دولي نواته دمشق وانقرة والرياض والدوحة لمحاربة داعش. لكن الساعة لم تدق بعد للقيام بمثل هذه المهمة المستحيلة او أقله الصعبة.