IMLebanon

«لبنان والمهجر»: نمثل كافة شرائح المجتمع اللبناني وطوائفه

إجماع «المركزي» و«المصارف» على التزام العقوبات رغم تفجير «بلوم»

«لبنان والمهجر»: نمثل كافة شرائح المجتمع اللبناني وطوائفه

«البزنس» المصرفي سيسير كالمعتاد من دون أي تعديل لمساره، والتفجير الذي استهدف مقر «بنك لبنان والمهجر» (بلوم) في فردان «رسالة إفلاس لا قوة». العبارة الأولى خلاصة موقف حاكم المصرف المركزي رياض سلامه أمس أثناء اجتماعه بمجلس إدارة جمعية المصارف، والثانية تُعبّر عن نظرة الجمعية إلى هذا العمل الإرهابي.

منذ مساء الأحد، عقب تفجير الجزء الخلفي لمقر المصرف تزامناً مع موعد الإفطار، أعرب صنّاع القرار المصرفي التضامن مع «بلوم»، وقبل ظهر أمس بدأ المصرفيون التحرك عملياً باجتماع على مستوى مجلس إدارة جمعيتهم، قبل أن يلتئم شملهم عند حاكمية مصرف لبنان ظهراً، حيث عُقد اجتماع مع الحاكم رياض سلامه، الذي نقلت عنه مصادر المجتمعين في تصريح لـ«المستقبل» إن «البزنس سيسير كالمعتاد، وما نفعله سنبقى عليه، وليس بالضرورة أن تكون التحليلات الأولية بالنسبة للفاعلين صحيحة، فربما يكون المقصود من العملية الإضرار بالقطاع أو توريط جهة ما، أو الهدفين معاً».

كما نُقِل عن الحاكم تشديده على ضرورة عدم التسرّع في إطلاق الأحكام لكن «في شتى الأحوال نحن نطبّق الآن ما يجب تطبيقه، ولا نستطيع أن نخالف الاتجاه الذي نسير فيه».

في السياق، نقلت «المركزية» عن سلامه إنه «سيعمد إلى تعزيز وسائل التواصل مع مسؤولي حزب الله حول آلية تطبيق قانون العقوبات الأميركي، لإنشاء سدّ منيع أمام طابور خامس قد يسعى إلى إرباك الإستقرار الداخلي»، مطمئناً إلى أنه ليس قلقاً على الوضع النقدي. 

كما نقلت الوكالة عن المصادر نفسها إن «المصارف لن تفتح خط حوار مع الحزب فرادة، أي كل مصرف على حدة، بل ستضمّ جهودها إلى جهود الحاكم سلامه، وبالتالي ستكون المساعي موحّدة في هذا الشأن«. وشددت على أن سلامه «لن يتردّد في رسم خطة تحرّك وآلية عمل تُحكم القبض على أي محاولة لخرق سلامة تطبيق القانون الأميركي من جهة، وتعكير جوّ الإستقرار من جهة اُخرى، بالتنسيق مع حزب الله والمصارف«.

الاجتماع أتى طبعاً في سياق حراك القصد منه معالجة الوضع المستجد، وجرى فيه بحث مضمون البيان الذي أصدرته الجمعية عقب اجتماع مجلس إدارتها قبل الظهر، وما عبّر عنه من تضامن كل المصارف مع أي مصرف يتعرض للأذى، لأن أي اعتداء يطال بالنهاية القطاع بأسره.

وأجمع المشاركون في اجتماع الجمعية على أن «هذه الرسالة مهما كان مصدرها ودافعها هي رسالة لا فائدة منها، كما أنها رسالة إفلاس وليست رسالة قوة»، بحسب المصادر إيّاها، التي أضافت أن «القطاع مشهود له بالتعاون مع المجتمع الدولي وتطبيق القوانين الدولية، بما يتطلب هذا الأمر من إجراءات«، مع التأكيد على أن «القطاع عاش أياماً أصعب بكثير مما يواجهه اليوم، ولن يهزه ما حصل مساء الأحد».

وفي مواجهة المخاطر المستجدة على مقار المصارف، ثمة توجه إلى تعزيز الحراسة الخاصة، إلا أن مصادر مصرفية تؤكد أن مهمة حفظ الأمن تقع أساساً على عاتق الأجهزة الأمنية المعنية.

في كل الأحوال، لم ينعكس التفجير هلعاً في أسواق المال والنقد، حيث أكدت مصادر مصرفية في تصريح لـ»المستقبل» ان الهدوء ساد الأسواق المالية والنقدية أمس الإثنين في بداية تعاملات الأسبوع، ولم تُرصد أي حالة ذُعر بين المتعاملين ولا أي طلب على التحويل من الليرة إلى الدولار، لكن «بعض الزبائن هاتفوا فروعهم للاستفهام عن الأوضاع وحصلوا على التطمينات اللازمة من المصارف». كما استفهمت «المستقبل» من بعض فروع المصارف عن مجريات عملها، فكانت أجواؤها إيجابية.

«الجمعية» و«بلوم»

قبل ظهر أمس، عقد مجلس إدارة جمعية المصارف اجتماعاً إستثنائياً للتداول في التطورات الراهنة عقب التفجير في منطقة فردان، وأصدر بياناً أكد فيه أن المصارف تعمل وفق أعلى الممارسات المهنية وضمن القواعد السائدة في الأسواق الدولية، كما تخضع في لبنان للقوانين الللبنانية المرعية ولتعاميم مصرف لبنان حفاظاً على مصالح جميع اللبنانيين.

وأهابت الجمعية بالسلطات والأجهزة القضائية والأمنية كشف الفاعلين، مثلما نجحت في حوادث سابقة، ما أكسبها بجدارة تقدير العالم أجمع. وأعربت عن مشاركتها اللبنانيين كافةً إدانتهم واستنكارهم لوقوع عملية التفجير على مؤسسة اقتصادية رائدة، معتبرة أن التفجير أصاب القطاع المصرفي بكامله، وأنه يهدف الى زعزعة الإستقرار الاقتصادي.

ولفتت الجمعية الى أن مصارف لبنان اعتادت العمل في بيئة ملأى بالتحديات، وقد خرج القطاع المصرفي منها دائماً أكثر متانةً وسلامة.

وتعليقاً على الحادثة، أصدرت إدارة «بلوم بنك» بياناً رسمياً أعلنت فيه أن عدم المساس بأي أوراق أو مستندات تابعة للمصرف، الذي يواصل تقديم كافة خدماته المصرفية في جميع فروعه، في حين أن يتابع الفرع الرئيسي أعماله في مبناه الملاصق للمبنى المتضرر ريثما يتم إصلاح الأضرار. 

وإذ أكد «أن الحادث لم يؤد إلى أي خسائر بشرية، وإنما اقتصرت أضراره على بعض الماديات«، أوضح المصرف أنه يمثل شرائح المجتمع اللبناني كافة وطوائفه، سواء لجهة زبائنه البالغ عدد حساباتهم أكثر من 400 ألف في لبنان، أو لجهة مساهميه الذين يفوق عددهم 10 آلاف، أو موظفيه البالغ عددهم أكثر من 2500 في لبنان فقط. 

مواقف

في المواقف، غرّد وزير الاقتصاد آلان حكيم عبر «تويتر» قائلا «نحيّي عقلانية حاكم مصرف لبنان رياض سلامه وموقفه، ونشد على يده في الحفاظ على أمن القطاع المالي والمصرفي، ونطالب مجلس الوزراء بأخذ موقف حازم من انفجار فردان«.

اما رئيس «مجموعة بنك بيبلوس»، الرئيس السابق لجمعية المصارف فرنسوا باسيل، فاكد «التزام توجيهات مصرف لبنان لجهة تطبيق القانون الأميركي بحذافيره«، لافتا الى إلى أن «تطبيقه ليس اعتباطياً إنما وفق الواقع اللبناني، ولا يمكننا أن نخرج من العولمة وأن نرفض تطبيق قوانين الخارج لأن ذلك يشكل خطراً كبيراً على الوضع المالي والمصرفي«.

وقال «لقد صدرت لائحة تضم 105 أسماء في العالم لها علاقة بحزب الله، ويجب تحاشي التعامل معها. وأي عمليات فتح حسابات جديدة في المصارف يجب أن تخضع لاستقصاءات يجريها المصرف، وممنوع فتح أي حساب قبل توجيه كتاب إلى هيئة التحقيق الخاصة في مصرف لبنان، وإذا لم تُجب في مهلة محددة، عندئذٍ يتخذ المصرف على مسؤوليته قرار فتح الحساب من عدمه».

ودان رئيس اتحاد الغرف اللبنانية رئيس غرفة بيروت وجبل لبنان، محمد شقير، «التفجير الارهابي الذي استهدف اكبر المصارف«، وأكد أنه «مهما فعل أعداء الوطن، سيبقى القطاع المصرفي والقطاع الخاص متمسكين ببلدهم«. وقال «لن نخاف تفجيراً من هنا ولا عملا ارهابيا وترهيبيا من هناك، وسنستمر في عملنا بقوة واندفاع لتقوية الاقتصاد، وسنستمر في تنظيم الوفود الاقتصادية الى الخارج لزرع علم لبنان في شتى أنحاء العالم«. 

وزير المالية السابق جهاد أزعور حذرَ من جهته من «خطورة الإنجرار إلى ردود فعل تؤدي إلى فتنة خطيرة وتطيح الإستقرار الداخلي«. ونبه في بيان إلى أن «استهداف القطاع المصرفي بالعنف أو بغير العنف يعرض الاستقرار المالي للخطر، ما ينعكس سلباً على الإقتصاد اللبناني وعلى الوضع المعيشي للمواطنين». 

واعتبر «أن أي مس بالقطاع المصرفي، وأي ضرب للثقة في الإستقرار، لن يسيء إلى المصارف نفسها فحسب، بل الأهم أنه ينعكس سلباً القطاعات الإقتصادية كافة، وعلى جميع المواطنين، ويعرض مدخراتهم للخطر، وسيكون ذوو الدخل المحدود الأشد تضرراً منه«. ودعا المتضررين إلى أن «يعملوا صفاً واحداً مع القطاع المصرفي والمصرف المركزي ومع جميع اللبنانيين، على محاولة الحد قدر الإمكان من الإنعكاسات السلبية لهذه الإجراءات الخارجية المصدر«. واعتبر أن «التعاطي مع موضوع الإجراءات المصرفية يجب أن يتم من خلال مؤسسات الدولة حصراً»، داعياً الحكومة الى أن «تتحمل مسؤوليتها في هذا الشأن وخصوصاً أنها تضم مختلف الأطياف».

وصدر عن دائرة المصارف في مصلحة النقابات في حزب «القوات اللبنانية» بيان اعتبر أن التفجير «استهدف المدماك الأساسي في الهيكل الاقتصادي للدولة، في رسالة تزامنت مع حملة إعلامية منظمة على القطاع المصرفي وحاكمه رياض سلامه بعد البدء بتطبيق قانون العقوبات الأميركي على حزب الله«.

واستنكرت دائرة المصارف في المصلحة «العمل الإرهابي الذي طاول بنك لبنان والمهجر«، وحذرت من المس بالقطاع المصرفي، القطاع الوحيد الذي ما زال صامدا في وجه التحديات التي تعصف بالدولة، علما ان مصرف لبنان بسياسته الحكيمة، استطاع المحافظة على الليرة وإنعاش الإقتصاد ومنع الدولة من الانهيار«.

وتابع البيان إن «تطبيق القوانين العالمية يمنع خروج لبنان من المنظومة المصرفية العالمية ويحميه من تداعيات العزل العالمي للعملة الوطنية وللإقتصاد اللبناني، ما يؤدي حتماً إلى الإفلاس وانهيار الدولة«، ودعت الدائرة «إلى عدم الخضوع للضغوط مهما كان الثمن، لأن سلامة الوطن لا تقدر بثمن«، وطالبت الأجهزة الأمنية بوجوب كشف من يقف وراء التفجير.