IMLebanon

«السهم الازرق» تدريبات اسرائيلية تحاكي «انفاق حزب الله»

منذ ان هدد امين عام حزب الله السيد حسن نصر الله باقتحام الجليل مع ما يعنيه ذلك من قدرة للحزب على دخول المستوطنات، يعيش سكان المناطق الحدودية كابوسا حقيقيا في وقت تؤرق تلك التهديدات المستويين السياسي والعسكري في تل ابيب. فالحزب الذي راكم خبرات قتالية عالية في حرب الشوارع والاقتحام نتيجة مشاركته في الحرب السورية ، التي شكلت معمودية حقيقية لقواته، مع تحول عقيدته القتالية من الدفاع الى الهجوم والقتال بتشكيلات عسكرية تختلف شكلا ومضمونا عن قتاله في 2006 في اطار مجموعات صغيرة لا يتعدى افرادها الخمس الى ثمانية عناصر، اذ يحتاج اي هجوم الى قتال على مستوى كتائب وسرايا تضم المئات مع ما تحتاج اليه من دعم لوجستي. هذا ان دل على شيء فعلى المدى الذي بلغه حزب الله والقدرة على التنسيق بين مختلف اصناف الاسلحة، علما ان عمليات اقتحام المواقع في فترة التسعينات كانت نموذجا مصغرا.

واستكمالا لتحضيرات المنازلة المنتظرة، اختتم الجيش الإسرائيلي برنامج تدريب حمل اسم «السهم الأزرق»، يستند الى سيناريو مفترض لحرب لبنان الثالثة في مواجهة حزب الله وفقا لخلاصات حرب تموز 2006، اشتمل على تدمير نفق للحزب واحتلال مناطق جديدة، شاركت فيه وحدات من سلاحي الهندسة، وحدة «يهلوم»، والمدرعات ووحدات انشأت حديثا مختصة بالقتال على الجبهة اللبنانية على مدى ثلاثة أيام، هدفه الحفاظ على جاهزية الجيش تحسبا لاي طارئ على الجبهة الشمالية، بحسب ما اشار ضباط اسرائيليون. يشار الى ان القوات الاسرائيلية كثفت من وتيرة تدريباتها، ويسعى جيش الاحتلال من خلال كل ذلك إلى تحسين قدراته في مواجهة سيناريوهات مفاجئة، مختبرة جاهزية قواتها للتعامل مع أي هجمات شمالا او جنوبا.

ووفقاً لتقارير اسرائيلية ، فقد ركّز الجيش اهتمامه لبحث سيناريوهات قيام «الحزب ومنظمات أخرى»، بحفر أنفاق هجومية، تبدأ من الأراضي اللبنانية، وتنتهي داخل البلدات والمستوطنات الإسرائيلية، على غرار الأنفاق الهجومية التي تمكنت «حماس» من حفرها في العمق الإسرائيلي، رافعا من عديد وحدات الهندسة ومحسنا من تجهيزاتها، خصوصا المختصة بالحرب تحت الأرض، لمواجهة خطر الأنفاق، وتشكيل وحدات إضافية لهذه الغاية، بالتزامن مع تشكيل هيئة تكنولوجية، تركّز جهدها في مجال إيجاد حلول تكنولوجية لخطر الأنفاق، بعد أن فشل الجيش الإسرائيلي، بالرغم من معرفته بوجود الأنفاق في قطاع غزة، في إيجاد طريقة لكشف هذه الأنفاق وهدمها، حيث يسعى الجيش لتطوير وسائل تكنولوجية تساعد في هذه المهمة في أعالي الجليل، لمحاولة اكتشاف أنفاق من المحتمل أن يكون «حزب الله» قد حفرها ، باعتبار انها الوسيلة الوحيدة التي تسمح لعناصر الحزب بتخطي السياج الحدودي والدخول الى عمق المستوطنات الاسرائيلية، في حال اراد الحزب تنفيذ تهديداته.

في مقال تحليلي له نشرته مجلة «إسرائيل ديفينس» العسكرية، اعتبر الخبير العسكري الإسرائيلي عامي دومبا، إن السنوات الأخيرة شهدت تزايدا في استخدام الأنفاق من قبل «المنظمات المعادية» لإسرائيل، مؤكدا أن الجيش استخلص من حرب «الجرف الصامد» ضرورة التدريب على القتال داخل الأنفاق، حيث اعد سلاح الهندسة خطة تدريب عسكرية شاملة لتأهيل الجنود على القتال الحقيقي داخل الأنفاق، ومحاولة نقل ومحاكاة الظروف الحقيقية لهذه الأنفاق إلى تلك التي يتم حفرها من قبل الجيش، لتكون التمرينات واقعية أكثر، مشيرا الى وجود الجندي في مواجهات مستقبلية داخل نفق ما يعتبر تحديا حقيقيا، لأنه لا يمكن معرفة ظروفه داخل النفق بصورة مسبقة، مما يدفع الجيش الإسرائيلي لجعل هذه التدريبات على القتال داخل الأنفاق في رأس اهتماماته، مضيفا ان الجندي حين يدخل النفق يكون وحده، ويمكن توقع انتشار العديد من العبوات الجانبية، فلا أحد يستطيع الجزم بطبيعة الظروف التي قد يواجهها وسط الظلام، «لذلك يعتقد الجنود الذين قطعوا مسافة ثلاثمئة متر في النفق خلال التدريب أنهم قطعوا تسعمئة متر، وحين يمكثون أربعين دقيقة في النفق يعتقدون أنهم قضوا فيه قرابة ساعتين».

خطر يقر به الجيش الاسرائيلي ويسعى جاهدا لمواجهته، اذ بدأ فعلاً في تنفيذ خطة واسعة متعددة المستويات ومعقدة التنظيم لمواجهة خطر الأنفاق، تشمل فضلاً عن جمع المعلومات، وتحديد أماكنها، والتعرف الى طبيعتها وتجهيزاتها، الجاهزية الفورية لتدميرها بحسب تقارير العدو، والتعاون مع بعض الدول والحكومات الصديقة والحليفة، التي تملك الخبرة والتجربة في علوم الجيولوجيا وطبقات الأرض، واستيراد معداتٍ وتجهيزاتٍ خاصة، وتطوير آليات وأجهزة من شأنها دراسة طبقات الأرض وتحديد محتوى أعماقها، ورصد أي ترددات أو ذبذبات داخلها، وزرع مجسات حرارية غاية في الدقة والتطور، تكون قادرة على حساب أي متغيرات جوفية، ومعرفة أو تحليل أسبابها.

وعليه يبدو، ان الخطط الاسرائيلية قد شهدت تغييرا مع دخول تقنيات جديدة، كشفت عنها مواقع استخباراتية الكترونية، اذ افاد موقع «ديبكا»، ان الجيش الاشرائيلي بدأ اختبارات عملية على سلاح جديد سري يتصدى للأنفاق التي يحفرها حزب الله وحماس لشن هجمات مفاجئة ضد إسرائيل، اطلق عليه اسم ـ القبة الحديدية تحت الأرض ـ يمكنه رصد أي نفق، ثم القيام بتفجيره بواسطة صاروخ موجه. وكشفت مصادر الاستخبارات الأميركية، بحسب الموقع، أنه تم تجهيز سلاح جديد مع أجهزة استشعار زلزالية للكشف عن أي اهتزازات تحت الأرض وتحديد مواقعها على الخريطة قبل تدميرها.

وكان سبق للخبراء الغربيين ان تحدثوا لسنوات عن السلاح الإسرائيلي السري القادر على تدمير منشآت إيران النووية، المدفونة على عمق كبير داخل جبل على مقربة من مدينة «قم»، مشيرين الى أن هذا السلاح الافتراضي قد يتم انزاله من خلال فتحات التهوئة ، ثم شق طريقه تحت الارض لتدمير منشآت التخصيب «غير الشرعية».

كذلك جاء تشكيل وحدة «يهلوم» الهندسية، التي تتميز بدرجة عالية من الأهلية والكفاءة والتدريب النوعي، متخصصة في حروب الأنفاق، تتدرب وتواصل استعداداتها لخوض هذه المواجهة العسكرية التي تعتقد بأنها ستكون دامية وموجعة على الحدود الشمالية والجنوبية بحسب التقارير الاسرائيلية، افرادها من سلاح الهندسة، قادرون على كشف الأنفاق وتحديد أماكنها وعمقها وطولها وتجهيزاتها، وغير ذلك مما يلزم لمواجهتها في أي حربٍ قادمة، تم تجهيزها بروبوت عسكري متطور ، بعد نجاحه في تخطي مرحلة التجارب والاختبارات بنجاح، يزن 15 كيلوغراما،  قادر على الدخول إلى الأنفاق، وتصوير الأماكن الدقيقة، وإصدار إشارات إلى مراكز التحكم، تحدد الأهداف بدقة، وترسم المساراتِ بوضوحٍ، قادر على العمل لساعاتٍ طويلةٍ في أقسى الظروف وأصعبها، يمكن برمجته مسبقاً وتحديد مهامه حيث يشغل عن بعد، أو عبر التحكم به من خلال الصورة والصوت التي تنقلها، وتحديد مهامه وتغييرها وفق المعطيات الجديدة والمعلومات المنقولة، مزود بأجهزة استشعار ولايزر قادرة على كشف العبوات والاسلحة على انواعها.

وبحسب ما يكشف ضابط اسرائيلي في سلاح الهندسة ان التدريبات تحاكي أربعة أنواع من الأنفاق، الأولى هجومية، يتراوح طولها بين مئات الأمتار حتى كيلومتر واحد، يصل عمقها لعشرات الأمتار، محمية بجدران من الباطون ومجهزة لتخزين الوسائل القتالية، الثانية دفاعية، تنتشر فيها العبوات الجانبية اضافة الى ما تقدم، اما الثالثة فتستخدم كمراكز قيادة وسيطرة ، واخيرا المخابئ والمستودعات.

في البر والبحر والجو تعيش القيادتان العسكرية والسياسية في اسرائيل هاجساً ما قد ينتظرها على الجبهات، خصوصا الشمالية، حيث اعتادت ان يفي حزب الله بوعوده، مفجرا مفاجآته، خصوصا في ظل التهديدات التي يطلقها امينه العام. فماذا ترى سنشهده في الحرب المقبلة التي يعد لها الطرفان العدة؟