IMLebanon

خرق الجمود في اتجاه سلّة متكاملة فصل للحل عن سوريا أو مواكبة له؟

يترك الربط الذي احدثه افرقاء لبنانيون، بين ايجاد حلول للاستحقاقات اللبنانية وفي مقدمها انتخاب رئيس جديد للجمهورية واجراء انتخابات نيابية بناء على قانون انتخاب يتفق عليه، وتبيان نتيجة الحرب في سوريا وفي اي اتجاه سيرسو الحل فيها، اثرا كبيرا في تقويم التطورات الاخيرة التي تمثلت في بروز ترشيح النائب سليمان فرنجيه للرئاسة الاولى.

والربط الذي بات اساسيا في اذهان اللبنانيين، يدور حول تساؤلات محددة تطاول ما اذا كان هذا الترشيح تعبيرا عن ترجيح كفة بقاء بشار الاسد في سوريا او ترجيح كفة رحيله، باعتبار ان لكل من هذين الاحتمالين ابعاده وانعكاساته. وقد اعطت مصادر سياسية تفسيرات على قاعدة ان قوى من 8 آذار اعتبرت بروز هذا الترشيح إذكاء لانتصار هذا المحور، وخصوصا في ضوء التدخل الروسي المباشر الذي اعاد الاعتبار الى النظام محاولا إنقاذه من الانهيار، وتاليا هو تأكيد لاستمرارية الاسد، في حين ان قوى من 14 آذار بررت الموضوع بان الاسد، ولو بقي مرحليا، على رغم ان هذا لا يزال موضوع خلاف دولي واقليمي كبير، فسيتغير موقعه ونفوذه من ضمن معادلة حكم جماعية، بحيث لن يعود الحاكم الفعلي لسوريا في اي حال، لان هناك استحالة للعودة الى سوريا السابقة. والتساؤل الآخر الذي يستتبع ذلك هو: هل بوادر الحل التي بدأت تطفو على السطح قبل اسبوع، تواكب حلا سوريا وضع اطاره في فيينا في 14 من الشهر الجاري، بحيث ان هناك ربطا وتلازما بين التوجه الى حل في سوريا ومساعي ايجاد حل في لبنان، ام ان هناك فصلا للوضع اللبناني عن التطورات السورية؟

يغلب الاقتناع لدى سياسيين من مختلف التوجهات بأن هناك مسعى للفصل وليس لإقامة تلازم بين حلين، واحد للحرب السورية وآخر للوضع في لبنان. يستند ذلك الى تلاق، ولو من منطلقات مختلفة، على ان المسار السياسي الذي وضع اطاره في فيينا كحل للحرب في سوريا بمشاركة كل من ايران والمملكة العربية السعودية، وهو ما اعطى صدقية لهذا المسار، لا يعني ضرورة انطلاق الحل فعلا. فمع ان مجموعة امور ساهمت في تحفيز السعي الى الاتفاق، من بينها التدخل الروسي الذي لا يستطيع ان يظل تدخلا عسكريا يستنزف من دون السعي الى حل سياسي، ومن بينها ايضا موضوع تدفق اللاجئين الى اوروبا ثم الاعتداءات الارهابية في باريس، الا ان التطورات الاخيرة اظهرت وفق هؤلاء السياسيين ان الاطراف الدولية ليست على الموجة نفسها، ولا تزال مواقفها متباعدة، بما قد لا يسمح بتحديد مسار سياسي لحل الازمة، على رغم رسم اطارها او خطوطها الكبرى. ويدرج هؤلاء السياسيون من ضمن التطورات، الآتي:

– فيما يشكل الموقف من تنظيم الدولة الاسلامية اجماعا اقليميا ودوليا، ليس هناك استراتيجية واحدة محتملة. فحتى الفرنسيون الذين قام رئيسهم بجولة على الولايات المتحدة وروسيا من اجل توحيد التحالف الدولي من تنظيم “داعش”، اتسم الموقف الرسمي لديهم بارتباك واضح، على رغم ان فرنسا قد تكون من الاقدر على رسم سياسة بعيدة من الانفعال والغضب اللذين يتسم بهما موقفها. وثمة اهمال لواقع ان الاستراتيجية الفعلية لمحاربة “داعش” يجب ألا تسبق او توازي حلا سياسيا في سوريا، بل يجب ان يسبق الحل السياسي خطة القضاء على “داعش” في موازاة حل سياسي في العراق وازالة التوتر بين المملكة العربية السعودية وايران، اي بين السنة والشيعة، مع عدم امكان حصر القضاء على “داعش” في سوريا والعراق في الوقت الذي تشكل في ليبيا مثلا موئلاً مهماً للتنظيم. فامكان الاستعانة بجيش النظام مثلا يتجاهل ان روسيا لم تتدخل لانقاذ النظام، كما ان ايران وكل التنظيمات التابعة لها في المنطقة تدخلت لان جيش النظام الذي يراد الاستعانة به لم يعد موجودا، والاستعانة به تعني الاستعانة بهذه التنظيمات الشيعية في مواجهة تنظيمات سنية. اضف الى ذلك ان الولايات المتحدة اظهرت انها لا يمكن ان تكون في تحالف واحد مع روسيا في ظل اختلاف الاهداف.

وقد شكل حادث اسقاط الطائرة الروسية تعبيرا عن اختلاف الرؤى لجهة رفض سيادة المنطق الروسي او فرضه، وخصوصا ان الاختلاف في وجهات النظر من مصير الاسد لا يسمح بتعبيد الطريق امام الحل السياسي الذي حددت أطره. وفي موقف لافت ومعبر، يشير السياسيون المعنيون الى استمرار تأكيد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير موقفا لم يتخل عنه، حتى بعد اجتماع فيينا والبيان الذي صدر في شأن الحل في سوريا، ومفاده ان بشار الاسد لا يزال امامه خياران، اما ان يرحل بطريقة سلمية واما ان يبعد بعملية عسكرية، ولا مستقبل له في سوريا. ولعل الاشارة المتكررة الى العملية العسكرية تنطوي على تلميح الى الاستعداد لتزويد المعارضة المعتدلة الاسلحة اللازمة لذلك، بما يشير الى عدم تغير المواقف، في مقابل اصرار روسيا وايران على حل سياسي يكون عبر اشراك المعارضة التي يراها مناسبة، في مقابل حكومة انتقالية، مع الاصرار على مرحلة عملية المشاركة هذه من ضمن محاربة الارهاب، وترك المجال متاحا للاسد للترشح مجددا في اي اتفاق على تعديل للدستور.

ومع ان المؤشرات لامكان انطلاق الحل السياسي في سوريا لم تبدأ بعد في انتظار مطلع السنة الجديدة، بحيث تتضح جديتها ام لا، هناك ترجيح لاستمرار الحرب السورية لمدة طويلة بعد، وهو ما يترجم تاليا محاولة فصل لبنان، اقله وفق هذا المنطق على الاقل.