IMLebanon

خرق في مناقشات الموازنة: التيار الوطني الحر لن يعترض السلسلة

شهدت جلسة مجلس الوزراء، أمس، تطوراً لافتاً، إذ أعلن وزير الخارجية جبران باسيل، في خضمّ مناقشة مشروع قانون موازنة عام 2017، أنَّ التيار الوطني الحر لن يقف ضد تخصيص الاعتمادات لتعديل سلسلة الرتب والرواتب في الاحتياطي، إذا كانت هذه هي وجهة الجميع في المجلس. لم يعلّق رئيس الحكومة، سعد الحريري، على هذا الموقف المستجد، واكتفى بتكرار اشتراط أن يكون إقرار السلسلة مقترناً بـ«إصلاحات» في الوظيفة العامة

يعود مجلس الوزراء إلى الاجتماع، اليوم، لاستكمال مناقشة مشروع قانون موازنة عام 2017، بالإضافة إلى بنود جدول أعماله العادي. وأوضحت مصادر وزارية أنَّ جلسة أمس لم تشهد أي مناقشة للإجراءات الضريبية المقترحة، إلا أنها خطت خطوة إلى الأمام لحسم مسألة إدراج نحو 1200 مليار ليرة في احتياطي الموازنة، مخصصة لتعديل سلسلة الرتب والرواتب للعاملين في القطاع العام، على ألّا يُجاز استخدام هذه الاعتمادات إلا للسلسلة في حال إقرارها في مجلس النواب.

بحسب مصادر وزارية، ظهر أنَّ معظم القوى الممثلة في مجلس الوزراء تميل إلى هذا الموقف، ما عدا تيار المستقبل والتيار الوطني الحر والحزب التقدمي الاشتراكي. وطغت على المناقشات مخاوف من «الشارع»، في ضوء الاعتصام الحاشد الذي نفذته هيئة التنسيق النقابية والنجاح النسبي للإضراب الذي نفذته روابط المعلمين والأساتذة في معظم المدارس الرسمية والخاصة، وتهديدها بتصعيد التحرك وتعطيل العام الدراسي. وفي ذروة هذه المناقشات، أعلن وزير الخارجية جبران باسيل، أنَّ وزراء التيار الوطني الحر لن يعترضوا على إدراج اعتمادات السلسلة، إذا كانت هذه وجهة الجميع في مجلس الوزراء. هذا التعديل، بحسب المصادر، استدعى صياغة شروط، أبرزها أن لا يجري نقل هذه الاعتمادات إلى بنود إنفاق أخرى إن لم يقرّ مجلس النواب مشروع قانون تعديل السلسلة المطروح أمامه منذ سنوات، كذلك جرى التداول بإمكانية نقل هذه الاعتمادات من باب الاحتياطي إلى قوانين البرامج، إذا تقرر تقسيط السلسلة وفروقاتها على أكثر من سنة.

وتقول مصادر وزارية إنَّ موقف باسيل أربك رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي كان يراهن على استمرار معارضة التيار الوطني الحر للسلسلة، مُعفياً نفسه من تبعات مثل هذه المواجهة، فلم يعلق بأي كلمة. إلا أنه في مرحلة من مراحل المناقشات طرح تساؤلات عن مصير «الإصلاحات» التي يجب أن تطاول الوظيفة العامة في حال إقرار السلسلة، ما أوحى أنه أيضاً لن يعرقل التوافق على إدراج اعتماداتها.

وتوضح المصادر نفسها أنَّ الأمر لم يُحسَم نهائياً. إلا أنّ هذه الأجواء سمحت بالبدء بمناقشة مواد مشروع قانون الموازنة، فأُنجِزَت مواد الفصل الأول، ما عدا المادة الخامسة المتعلقة بالإجازة بالاقتراض، كذلك بدأ المجلس بمناقشة مواد الفصل الثاني المتعلقة بقوانين البرامج وتعديلاتها. وتشير المصادر إلى أنَّ تعليق بتّ المادة الخامسة جاء على خلفية السجالات السابقة التي دارت في لجنة المال والموازنة النيابية في شأن مخالفتها الأحكام الدستورية والأصول القانونية، ما استدعى الاتفاق على تشكيل لجنة من خارج مجلس الوزراء لإعادة صياغة نص المادة تضم وزير المال علي حسن خليل ووزير الاتصالات جمال الجراح ورئيس لجنة المال والموازنة النيابية إبراهيم كنعان، بالإضافة إلى من يرغب من الوزراء، وستعقد هذه اللجنة أول اجتماعاتها اليوم.

الجدير بالإشارة أنَّ هذه هي اللجنة الثانية التي تشكّل خارج مجلس الوزراء لدرس بعض الأمور المتعلقة بمشروع الموازنة، إذ سبق أن تشكّلت لجنة تضم وزير المال وممثلين عن تياري المستقبل والوطني الحر، وهي تقوم بمحاولة صياغة توافق بين الأطراف الثلاثة وتشكيل موقف أكثري.

بعيداً عن مسألة المادة الخامسة المستجدة، أكّد النائب إبراهيم كنعان أن موقف تكتل «التغيير والإصلاح» ينطلق من «أنَّ السلسلة أقرّت في مجلس النواب، وأنَّ إدراجها في بند الاحتياط لا يشكل أي التزام على الإطلاق لناحية صرفه للمستفيدين من السلسلة، إذا لم يقترن بإقرار قانون السلسلة في المجلس النيابي». وأوضح كنعان لـ»الأخبار» أنَّ «إقرار الموازنة بحالتها الحاضرة لا يعني إطلاقاً إقرار السلسلة، حتى ولو تضمنت كلفتها في بند الاحتياط، وبالتالي إنَّ إبقاء كلفة السلسلة في الاحتياط من دون إقرارها في مجلس النواب يسمح نظرياً للحكومة، بموجب صلاحيات تعطى لها، بنقل اعتمادات من بند إلى آخر لتغطية نفقات و/أو التزامات أخرى». ويرى أنَّ «المعالجة الجدية لهذا الملف تكمن في أن يستأنف المجلس النيابي بهيئته العامة ما كان قد بدأه في جلسة ١٥/٤/٢٠١٤، أي التصويت على بنود السلسلة والإيرادات، هذا إذا كانت الإرادة السياسية هي بتّ هذا الملف، وليس الاستمرار بالمماطلة».

في هذا الوقت، تواصل جمعية المصارف ضغوطها لإجهاض أي اقتراح يرمي إلى زيادة الاقتطاعات الضريبية من الأرباح التي تجنيها المصارف. ومن المقرر أن يزور وفد من الجمعية رئيسَ الجمهورية ميشال عون، اليوم.

في المقابل، حاولت هيئة التنسيق النقابية طمأنة السلطة السياسية إلى أنها ليست «ضد العهد الذي آمنّا به، ولسنا ضد الحكومة، وكلنا ممثلون فيها، ولسنا ضد إدارات المدارس، فنحن معها في خندق واحد». هذه الطمأنة جاءت على لسان عضو نقابة المعلمين أنطوان مدور، الذي قدم الخطباء في الاعتصام الذي نفذته الهيئة أمس في ساحة رياض الصلح بالتزامن مع الإضراب في المدارس الرسمية والخاصة.

إلا أنَّ هذه الطمأنة لم تنسحب على خطاب رئيس رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي، نزيه جباوي، الذي قال: «رأينا بالأمس بيانات المكاتب التربوية للأحزاب تؤيد الإضراب، وتؤيد المطالب والتصعيد بالتحرك. ألم تكونوا ممثلين لهذه المكاتب في مجلس النواب والوزراء؟». وأضاف: «لا تخطئوا وتفرضوا ضرائب على الفقراء وأصحاب الدخل المحدود، هذه الضرائب لا تفعل شيئاً، هناك أموال تكدست وتراكمت، فوائد وأرباح طائلة تجمعت من حساب هذا الشعب ومن تعبه وعرق جبينه ومعاناته، تفضلوا جيبوا الضرائب من هونيك، تفضلوا أوقفوا هذه المهزلة، عم تحكوا بالإصلاح، مين ضد الإصلاح؟ من هون بيبلش الإصلاح!».