IMLebanon

جلسة التحدّي  

لا نبالغ إذا ادّعينا أن جلسة مجلس الوزراء، المقررة اليوم، في قصر بعبدا، هي جلسة تحدٍ، وبامتياز! ان تكون الجلسة مخصصة لمعالجة أزمة الكهرباء ليس بالأمر البسيط… فهي تتناول اللبنانيين جميعاً والمقيمين على أرض لبنان بأطيافهم كافة (…) فالناس إكتوت جراء ما يترتب على أزمة إنقطاع التيار الكهربائي منذ ما بعد انتهاء الحرب العبثية وحتى اليوم.

لن نكرّر الكلام (على أهميته) حول هذه المعاناة المروّعة، وما تترك من جروح مزمنة على المستهلك: جروح مالية، وجروح صناعية، وجروح تجارية، وجروح نفسية… أمّا عن الإشتراك في المولّد فحدّث ولا حرج، بعدما ازدهر قطاع المولّدات على حساب الناس، وبعدما فرّخت مافيات المولّدات في معظم المناطق إن لم يكن فيها كلّها، وبعدما سُجّلت وقائع مذهلة عن الشراكة المخزية بين أصحاب الكثير من المولّدات وبعض المسؤولين السياسيين والبلديين، وبعدما تحوّل جلاوزة بعض أصحاب المولدات الى ما يشبه العصابات(…).

إنه التحدّي المباشر للدولة بأركانها كلّها.

بداية هو التحدّي المباشر لفخامة رئيس الجمهورية الذي أثار هذا الموضوع مراراً وتكراراً منذ مطلع العهد الذي لا يزال في بداياته، ذلك أن عدم التوصل الى حل عملي (تنفيذي… بل سريع التنفيذ) سيشكّل نكسة لسيّد العهد المعروف عنه التزامه المواقف ووفاؤه الوعود والعهود.

وهو التحدّي المباشر لدولة الرئيس سعد الحريري الذي يريد إنجازاً لحكومته على مستوى عال، وفي تقديرنا أنه ليس أعلى أهمية من إنهاء أزمة الكهرباء المزمنة التي باتت تأكل مع الناس في الصحن. وإن أحداً لا يمكن إلاّ أن يثق بحرص رئيس مجلس الوزراء على وضع حد لهذه المعاناة المتمادية التي ليس هناك أي مبرّر لاستمرارها.

وهو التحدّي المباشر لأعضاء الحكومة مجتمعين، بدءاً بوزير الطاقة والمياه الذي يعتبر أكثر المطلعين على هذا الملف الذي عايشه منذ سنوات غير قليلة، يوم كان في الموقع الإستشاري، واليوم بات في الموقع التنفيذي.

ونود أن نصارح هؤلاء السادة جميعاً بأنّ الناس غير معنية كيف يأتي الحل… ولكنها تريد حلاً.

أن يأتي الحل بسلطة مركزية (القطاع العام) فهذه غاية المنى.

وأن يأتي بالخصخصة فهذا أمر محمود.

وأن يأتي بالمشاركة بين القطاعين العام والخاص فهذا أمر مطلوب أيضاً، المهم أن يأتي الحل كيفما أتى.

فاللبناني يريد التيار الكهربائي أربعا وعشرين ساعة على أربع وعشرين. هل نصارحهم فنقول: إن اللبناني يريد التيار ولو من الشيطان، على أن يكون ثابتاً، وبالسعر المعقول. وهم يعرفون أكثر منّا ما هي سلبيات عدم التوصل الى هكذا حل. وهم يعرفون أن الإيجابيات ستنعكس سريعاً على السياحة، خصوصاً على الصناعة، وطبعاً على سائر القطاعات من دون استثناء.

إن مجرّد عقد جلسة يخصصها مجلس الوزراء لمعالجة أزمة التيار الكهربائي هو، في حدّ ذاته، عنصر إيجابي وشهادة لهذا العهد، ولهذه الحكومة. ولكن ليحذر الإثنان معاً من أن الجرجرة ستشكل صدمة يتعذر تقدير عواقبها على الجميع، خصوصاً لجهة الثقة التي نعرف أن العهد والحكومة يعملان لشدّ خيوطها مع الناس.