IMLebanon

شطرنج بوتين وأوباما:  أي خيار في حلب؟

معركة حلب تشعل الأضواء الحمر في معظم العواصم من دون قدرة على وقفها ومن دون رغبة لدى البعض. فهي، على المستوى المحلي، توازي في حسابات النظام والمعارضين نصف حرب سوريا. وهي، على المستوى الاقليمي، تمثل مسرحا للتنافس بين ايران وتركيا على النفوذ والأحلام الامبراطورية مع أدوار لدول عربية تقاتل بالواسطة. أما على المستوى الدولي، فانها لعبة شطرنج بين رئيس أميركي لا يريد أن يربح ولا أن يخسر ورئيس روسي مصمم على الربح، ومن حولهما أوروبيون يتفرّجون. لا بل ان رهانات الرئيس فلاديمير بوتين في اللعب مع أميركا والمشاركة الندية لها على المسرح الدولي أكبر من حرب سوريا التي أعطته فرصة لتحقيق أهداف مهمة عدة. وهو يصرّ حاليا على انهاء قصة حلب.

كيف؟ بواحد من خيارين: إما ان ينفذ الرئيس باراك أوباما ما التزمه في اتفاق كيري – لافروف اخراج جبهة النصرة وبقية التنظيمات الارهابية من حلب، وبالتالي أخذها بالسياسة. وإما ان يكمل الروس القصف لتدمير القسم الشرقي من حلب على طريقة غروزني. ولو كان أوباما قادرا أو راغبا في ما سمّي الفصل بين التنظيمات الارهابية والمعارضة المسلحة المعتدلة لما سقط الاتفاق الذي قضى وزيرا الخارجية الأميركي والروسي جون كيري وسيرغي لافروف أشهرا في التفاوض عليه يساعدهما فريق من الخبراء العسكريين والديبلوماسيين. ومن الصعب تصور نجاح الخبراء الذين يعاودون التفاوض على تنفيذ الاتفاق بعد اتصال هاتفي بين كيري ولافروف.

ذلك ان حرب سوريا كرّست على مدى عام معادلة واضحة بين الأميركيين والروس: لا يريدون الصدام، ولا يستطيعون الاتفاق. ولا مجال بالطبع للمقارنة بين الوضع في سوريا وبين أزمة الصواريخ السوفياتية في كوبا في ستينات القرن الماضي. لكن ادارة الوضعين تغري بالمقارنة. فليس في البيت الأبيض رئيس مثل جون كينيدي يمارس في وقت واحد التفاوض مع موسكو عبر السفير دوبرينين والذهاب الى حافة الهاوية في صدام نووي. وليس في الكرملين زعيم مثل نيكيتا خروشوف يرفض بموافقة سوسلوف طلب كاسترو الابقاء على الصواريخ في كوبا ولو قاد ذلك الى حرب، ويفتح للرئيس الأميركي طريق التراجع عبر اتفاق على سحب صواريخه من كوبا مقابل سحب صواريخ أميركية من تركيا والكفّ على السعي لاسقاط النظام الشيوعي الكوبي.

ومختصر الوضع الحالي، كما يقول المتحدث باسم الكرملين ديمتري بسكوف، هو انه ليس في سوريا سوى خيارين: رئاسة الأسد أو حكم النصرة. وهذا ما قادت اليه عسكرة الانتفاضة وجرى التخطيط للوصول اليه، بحيث يتم تجاهل الأزمة الفعلية ويصبح الخيار معروفا بالطبع.