IMLebanon

الواضح والغامض  في اللعبة الانتخابية

فرنسوا ميتران كان آخر الرؤساء المثقفين في فرنسا. ومن أقواله المأثورة ان الأنظمة الاستبدادية تجد في كل أزمة مذنبا، لكنها لا تجد حلا. ومع ان النظام اللبناني ديمقراطي برلماني حسب الدستور، فان تقليد الأنظمة الاستبدادية في الأزمات هو الغالب على سلوك أطراف عدة في التركيبة السياسية. ففي أزمة البحث عن قانون انتخاب، تبارى المتحاورون في تبادل الاتهامات حول الفريق المتهم بتعطيل التوصل الى اتفاق، من دون أن يجدوا حلا. وفي أزمة الخلاف على الضرائب خلال الجلسات الغيابية المخصصة لسلسلة الرتب والرواتب، جرى اللجوء الى نظرية المؤامرة والحديث عن مسرحية فقدان النصاب وتوجيه الاتهام بالتعطيل الى طرف واحد لتبرير العجز عن ايجاد حلّ.

والآن دخلت اللعبة الانتخابية في فصل واضح يقود الى فصل غامض. الواضح هو اننا تجاوزنا خط اللاعودة الى قانون الستين الذي صار في حكم الميت من دون دفن. وهو أيضا انه لا انتخابات في الأشهر الثلاثة الباقية من عمر المجلس النيابي الممدد له. أما الغامض، فانه أولا مدى التمديد التقني للمجلس واحتمال أن يمتد ويصبح ما هو تقني ضرورة سياسية شرعية. وهو ثانيا نوع القانون الذي يمكن الاتفاق عليه والوقت الذي يستغرقه ذلك، في ضوء تجربة ثماني سنوات من الفشل في انجاز قانون مارس خلالها كثيرون نصيحة بنيامين فرانكلين: العجلة تصنع الخراب. ولا أحد يجهل ان الخلاف على القانون يدور بين ثلاثة اتجاهات: أولها الرغبة في قانون يعيد انتاج الوضع الحالي نفسه. وثانيها الحرص على قانون يضمن تغيير الستاتيكو، ولكن نحو الأسوأ. وثالثها الرهان على قانون يقود الى نوع من التغيير نحو الأفضل لجهة التمثيل الصحيح.

والسؤال هو: ماذا لو تعذر الاتفاق على قانون جديد، وبالتالي اجراء انتخابات، وصار التمديد الطويل المرفوض قدرا لا مهرب به في الخيار بين التمديد والفراغ؟ وماذا، حتى لو أجريت انتخابات، وكانت الأجندة الخفيّة لها هي تحسين بعض المواقع وإضعاف مواقع أخرى، ولكن داخل المأزق السياسي وضمن الدوران فيه، لا الخروج من المأزق؟ وهل صارت النسبية الكاملة هي الممر الإلزامي الى الانتخابات، مع استعداد للحوار حول حجم الدوائر؟

مهما يكن، فان النسبية الكاملة في نظام طائفي يفرض دستوره توزيع المقاعد بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين، ونسبيا بين طوائف كل من الفئتين، ونسبيا بين المناطق هي تجربة صعبة ومعقدة. فالنظام النسبي نموذجي بوجود أحزاب قوية عابرة للطوائف. ومثل هذه الأحزاب في لبنان أضعف، مع الأسف، من الأحزاب الطائفية والمذهبية.

والامتحان قريب.