IMLebanon

شطارة السيد نصر الله في رمي الكرة في ملعب الحوار «ليتملص» من التزاماته العونية؟  

أطفأ لبنان أول من أمس الاربعاء 25 ايار شمعة العام الثاني في الشغور الرئاسي، وبدأ عام جديد، لا يملك أحد بالضبط ما يمكن ان يكون عليه، وهل سيكون للبنانيين فرصة انتخاب رئيس للجمهورية، أم سيتمدد هذا الفراغ عاماً ثالثاً، أقل قليلاً، او أكثر قليلاً…

اللافت ان الافرقاء جميعاً، وعلى تنوع واختلاف مواقعهم السياسية وغير السياسية يجمعون على وجوب وضع حد لهذا المسلسل غير المسبوق والخروج منه بانجاز «لا يموت فيه الذئب ولا يفنى الغنم…»؟!

في قناعة عديدين، ان الرقم 40 الذي تحمله الجلسة المقبلة لانتخاب الرئيس مرشح للارتفاع مرة واثنين وثلاثة وأكثر، بالنظر الى ان الجميع رهنوا انجاز هذا الاستحقاق بالواقعين الدولي والاقليمي، وما ستكون عليه خريطة المنطقة في ظل التطورات الحاصلة، او المتوقع حصولها، خصوصاً ان الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله، أشار في كلمته أول من أمس، في الذكرى الـ16 لتحرير جنوب لبنان، الى توقعات قاسية ومؤلمة في الفترة الفاصلة عن انجاز انتخاب رئيس جديد للولايات المتحدة الخريف المقبل… لافتاً الى «ان المنطقة، وعلى ما يبدو ستذهب الى حماوة من الآن الى حصول الانتخابات الرئاسية الأميركية…» لكنه لم يقفل الباب نهائياً  في وجه الاستحقاقات اللبنانية، ابتداءً من قانون جديد للانتخابات النيابية يعتمد النسبية بشكل كامل وصولاً الى انجاز الاستحقاق الرئاسي داعياً من يريد انجاز هذا الاستحقاق «ان يتحرك ويحاور ويفاوض وألاّ يدير ظهره ويتهم الآخرين بالتعطيل…» وهي رسالة واضحة المعالم، وقد رمى الكرة في ملعب «الآخرين» من خصوم ومن حلفاء، من دون ان يعيد الى الذاكرة «التزامه الأدبي والأخلاقي» بتأييد حليفه النائب ميشال عون؟!

لا أحد يستطيع ان يؤكد او ينفي تنبؤات السيد نصر الله حول التطورات المتوقعة في المنطقة، وهو الذي جزم بأن النصر لن يكون للآخرين… داعياً الى «وجوب التعاطي مع المرحلة المقبلة بحذر وعدم انكفاء».

لقد تصاعدت في الأيام الأخيرة سيناريوات تتحدث عن قرب انجاز الاستحقاق الرئاسي بعيد عيد الفطر، وذلك استناداً لما فهم من كلام السفير السعودي في لبنان علي عواض عسيري، الذي استضاف على طاولة العشاء في دارته في اليرزة أكثر من مئة وخمسين شخصية من مختلف الطوائف والمذاهب والانتماءات السياسية من بينهم الجنرال عون نفسه…

في رأي العديد من المتابعين، أنه من غير المنطقي، وليس في مصلحة أي من الافرقاء الاقليميين والمحليين الابقاء على الشغور الرئاسي في لبنان… خصوصاً، وأن غير مسؤول أممي ودولي، يدعو الافرقاء اللبنانيين الى التحرر من ارتباطاتهم الخارجية و»التصرف بمسؤولية» وانتخاب رئيس للجمهورية… لكن ما بين التمنيات والوقائع ومصالح الدول مسافة لا يمكن القفز من فوقها على هذه الدرجة العالية من السهولة، وقد بات لبنان في نظر عديدين «حاجة»، بل «مادة حيوية» في أية مفاوضات اقليمية جدية مستقبلاً… وعلى هذا، فإن شراء الوقت بات حاجة ملحة بالنسبة الى كثيرين، وان المادة في هذا متوافرة عبر صيغة  «الجدل البيزنطي» الدائر، على خلفية أيهما أولاً، بيضة قانون الانتخابات النيابية، ووفق أي صيغة، أم دجاجة انتخاب الرئيس، ومن سيكون هذا الرئيس وهل سيقبل الجنرال عون مثلاً التنحي، هل سيقبل النائب سليمان فرنجية التراجع، ولمصلحة من، وكيف السبيل الى الوصول لما دعا اليه السيد نصر الله لجهة «التحرك والتحاور والمفاوضات» وبين من ومن، وهل هناك من معطيات ما يجعل الأبواب مفتوحة أمام امتناع الجنرال عون عن تمسكه بترشحه الذي لم تتوافر له فرص التقدم، لا مع حليفه «حزب الله» ولا مع حزب «القوات اللبنانية» التي تراجع رئيسه سمير جعجع وأيد ترشيح عون؟!

هناك من يعتقد، بل يجزم، ان الرئيس نبيه بري يملك من المعطيات ما حاذر السيد نصر الله الحديث عنها… وفي بعض التسريبات، ان «حزب الله» وهو في وضع حرج للغاية مع حليفه عون، كما وفي وضعه الاقليمي والدولي المستجد، فوّض الرئيس بري الكلام باسمه، على ان يكون هناك مخرج لائق، بوابته هي اقناع عون، عبر الحوارات والمفاوضات بالتنحي، وهذا، على ما يظهر، وان بدا صعباً، إلا أنه لن يكون مستحيلاً… وقد كان اللقاء الأخير بين الرئيس بري والرئيس سعد الحرري بمثابة «حجر أساس» لوضع صيغة جديدة للتعاطي مع هذه المسألة…

نقل بري للرئيس الحريري، وبطريقته، «حرج حزب الله»، وقد خلص الأخير الى قناعة ان «التمديد للفراغ في موقع رئاسة الجمهورية هو أسوأ اشكال التمديد للاستحقاقات الدستورية ونقطة سوداء في سجل كل جهة لا تشارك في وضع حد لهذا الفراغ وانهاء مهزلة الانتظار وتعطيل دور مجلس النواب في تحمل مسؤولياته…».

المسألة لن تكون سهلة، وهي ستأخذ وقتها، خصوصاً وان السيد نصر الله، بعث برسالة قابلة للتأويل، وهو وإذ تمسك بالنسبية المطلقة في أي قانون للانتخابات النيابية المقبلة، فإنه في المقابل، وبعد انجاز هذا القانون، ترك مسألة أولوية الانتخابات الرئاسية، أم النيابية جانباً… وان كانت «غلطة الشاطر بألف» حين غمز من «المستقبل» من دون ان يسميه بأنه لا يريد النسبية، ويفضل «الآحادية والاستئثار»، الأمر الذي لم يرق للرئيس الحريري، فسارع الى الرد صباح أمس قائلاً: «لو كان تيار المستقبل يسعى للاستئثار لما كان وافق ووقع على اقتراح قانون نسبي مختلط مع «القوات اللبنانية» و»اللقاء الديموقراطي» في المجلس النيابي…

في النهاية، المسألة موقوفة على خواتيمها… وبانتظار التطورات الخارجية وانعكاساتها في الداخل، يبنى على الشيء مقتضاه؟؟