IMLebanon

«الاتصالات»: هدر بعشرات ملايين الدولارات.. وبطء وتشكيك!

إفادة «مرتبكة» للمر: التخابر الدولي اللاشرعي للعمل لا للبيع

«الاتصالات»: هدر بعشرات ملايين الدولارات.. وبطء وتشكيك!

تبرز ملفّات فساد وتخبو أخرى، ودائما بلا «نهاية سعيدة». الانترنت غير الشرعي نموذجاً. تفرّع الملفّ، حتى يكاد ينسى المعنيون أين بدأ وكيف تطوّر والى أين يمكن أن ينتهي. الملف صار أربعة ملفات: الانترنت غير الشرعي، التّخابر الدّولي غير الشرعي، بيع خطوط الـE1، و «غوغل كاش».

كلّ واحد من هذه الملفّات الأربعة سلك الطريق القانونيّة المناسبة. فتعدّد المدّعى عليهم ولكن لا رؤوس كبيرة بينهم، خصوصاً من أولئك الذين أعطوا إفاداتهم وأكدوا امتلاكهم للشبكات غير الشرعية. وكانت هذه الاعترافات بمثابة الدليل الحسيّ على ارتكابهم «جرائم موصوفة»، على حدّ تعبير وزير المال علي حسن خليل، ولكن مع فارق واحد: بقي هؤلاء أحرارا طليقين.

ولولا اجتماعات «لجنة الإعلام والاتصالات النيابية» الدوريّة، لنامت هذه الملفّات في الأرشيف. وحدها اللجنة تبقي هذه الملفّات ـ الفضائح على قيد الحياة، خصوصاً أنّ المتضررين كثر.

مع ذلك، للعديد من أعضاء «اللجنة» انتقاداتهم لـ «البطء الشديد» في التعامل القضائي مع الملفات. بالنسبة لرئيس «اللجنة» حسن فضل الله، فإنّ المماطلة صارت أشبه بدفوع سياسيّة وليست دفوعا شكليّة، آملاً أن يسرع القضاء في بتّ هذا الملفّ، «لأنّ الصورة التي نقدّمها عن بلدنا هي صورة غياب المحاسبة، علما ان هناك فسادا وهدرا ومرتكبين».

وصل الأمر بأحد نواب «المستقبل» الذين حضروا اجتماع لجنة الإعلام والاتصالات، أمس، إلى طرح السؤال: «إذا كان ممثّلو الحكومة ومجلس النوّاب والتيارات السياسيّة الفاعلة حاضرين على هذه الطّاولة، فمن يعطّل الملفّ، ومن يمنع الدولة من وضع يدها، ومن يمنع إلقاء القبض على الذين وقّعوا على اعترافاتهم بقيامهم بالسرقة وإدخال أجهزة شبكة الانترنت غير الشرعي والتّخابر غير الشرعي إلى الدّاخل اللبنانيّ؟».

ما يزيد الطّين بلّة أنّ الهدر المالي حرم خزينة الدّولة من عشرات ملايين الدولارات. هذا ما أعلنه الوزير علي حسن خليل في جلسة أمس، في أول تقدير رسميّ للأضرار والخسائر. حضر الجلسة الى جانب خليل ووزير الاتصالات بطرس حرب، رئيس هيئة القضايا في وزارة العدل القاضي مروان كركبي. والأخير هو فعلياً ممثل الدولة اللبنانية في ادعائها على مرتكبي الجرائم ضدّها، والذي تحدّث عن مجريات الادعاء وقضيتي الانترنت والتّخابر غير الشرعي اللتين يتابعهما وسبق أن ادعّى فيهما الوزيران خليل وحرب.

لم يخف خليل أنّ لا أرقام دقيقة، بل كلّها تقديرات. الفضيحة أنّ الدّولة خسرت 60 مليون دولار من جرّاء الأموال التي هُدرت في قضيّة التخابر غير الشرعيّ ويعود «الفضل» في الأمر إلى «studio vision»، وأكثر من 25 مليون دولار خلال سنة ونصف في قضيّة الـ «E1»، وأكثر من 200 ألف دولار في قضيّة الانترنت غير الشرعيّ.

هناك فعلاً ما حيّر المجتمعين: «كيف نعلم الأرقام الحقيقيّة؟».

جاءت الكثير من الأفكار على لسان الوزير حرب الذي دخل في التفاصيل التقنيّة لمعرفة كميّة الهدر، خصوصاً أن لا وجود مثلاً لـ «سبكتروم» يغطي كل المناطق ويتم التأكد من خلاله من وجود انترنت غير شرعي من عدمه. فيما لفت خليل الانتباه إلى أنّه مهما اختلفت الأرقام والتقديرات، فهذا لا يغيّر أنّ هناك «جريمة موصوفة، والمفترض أن يحاسَب هؤلاء المسؤولون، وكل الكلام خارج هذا السياق هو تغطية على المشكلة الحقيقية».

ماذا قال المرّ؟

الجديد في جلسة أمس، هو تبلّغ النواب من المّدعي العام المالي القاضي علي إبراهيم أنّه استمع صباح أمس إلى المعني الأساسي في ملفّ التخابر غير الشرعي ميشال غبريال المرّ.

بالطّبع، لم يعترف رئيس مجلس إدارة «mtv» بأي من الجرائم التي ووجه فيها، بل على العكس حاول التمسّك بأنّ الاتصالات الدولية غير الشرعيّة التي أظهر التحقيق الفني وجودها كانت فقط للعمل وليس لبيعها في السّوق اللبنانيّة.

بحسب من حضر الاجتماع، فإنّ الإفادة التي أدلى بها المرّ لم تكن بالقدر الكافي من التماسك، خصوصاً حينما سُئِل عن سبب وجود اتّصالات خلال ساعات الصباح الأولى (عند الساعة الثالثة والرابعة صباحاً)، ليجيب بأنّ المعنيين كانوا يقومون بمسحٍ استبياني لمعرفة البرامج الأكثر مشاهدة!

وعليه، أنهى القاضي إبراهيم جلسة الاستماع إلى المر، ريثما تكون طلباته من «أوجيرو» قد استجيبت (طلب منها تأمين لائحة مستندات عن كيفيّة حصول هذا التخابر ودخول أجهزته إلى لبنان).

وبرغم أهميّة هذا الاستجواب، إلّا أنّ هناك تشكيكاً داخل اللجنة بسبب عدم حصول هذه الجلسة في وقت سابق، وبالسبب الذي دفع إبراهيم إلى اختيار اليوم المحدّد لانعقاد اللجنة للاستماع إلى المرّ، معتبرين أنّه لو لم يكن هناك موعد للجلسة لما كان قد استمع إلى المرّ، تماماً كالمستندات من «أوجيرو» التي يعتقد هؤلاء أنّها ستصل في اللحظة الأخيرة قبل انعقاد جلسة «اللجنة» المقبلة في 20 أيلول.

في المقابل، يرفض إبراهيم هذا «الاتهام والتشكيك». هو الذي عرض على أعضاء اللجنة أسباب التأخير بأنّه كان قد تعرّض لوعكة صحيّة وخرج أمس من المنزل خصيصاً لكي يتابع الملفّ من خلال الاستماع إلى المرّ والمشاركة في اجتماع «اللجنة».

يؤكّد إبراهيم لـ «السفير» أنّه «لا يتهاون ولا يظلم أحداً. فأنا سبق لي أن استمعتُ إلى العديد من الأشخاص في «أوجيرو» وممثلين عن الدّولة وعن الشركات الخاصّة، ولو وجدت سبباً لتوقيفهم لكنتُ أصدرت مذكّرة توقيف بحقّهم أو حتّى قام قاضي التّحقيق بتوقيفهم». ويلفت الانتباه إلى أنّ «لا تقصير بل نحن نقوم بواجباتنا، وهناك متابعة حثيثة من قبل القضاء، وذلك برغم العطلة القضائيّة وما تفرضها من تأخير»، مشيراً إلى أنّ «هذا ملف قضائيّ له معطياته وأصوله القانونيّة».

يخرج إبراهيم من جيبه مثلاً ما يحصل في قضيّة الانترنت غير الشرعيّ، إذ يقوم 23 مدّعى عليهم بتقديم الدّفوع الشكليّة ثمّ استئنافها وتمييزها، وما إن ينتهي أحد وكلاء المدّعى عليهم من دفوعه حتّى يكمل آخر!