IMLebanon

المنافسة بين الشعار وريفي تحتدم

المشنوق: الحوار غير المنتج يتحول مادة تعبئة مضادة

 

يبدو أن اللقاء السياسي ـ الروحي الذي دعا إليه مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار، أمس، لمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لتفجير مسجدي التقوى والسلام في دار الفتوى في طرابلس، قد أجج الصراع بينه وبين وزير العدل المستقيل اللواء أشرف ريفي الذي كان قد وجه في أكثر من مناسبة انتقادات قاسية للشعار، وطلب منه حصر اهتماماته بالشأن الديني فقط.

وكان مهرجان الذكرى السنوية الثانية لتفجير المسجدين، هو الشرارة التي أشعلت المواجهة بين الشعار وريفي. وقد أقام ريفي حينها مهرجانا خطابيا في معرض رشيد كرامي الدولي، واتفق مع المفتي على أن يكون من ضمن المتحدثين الذين كان بينهم أيضا رئيس «حركة الاستقلال» ميشال معوض. لكن الشعار لم يحضر ولم يعتذر، بل أرسل ممثلا عنه، الأمر الذي فاجأ ريفي ودفعه الى تأخير كلمة ممثل الشعار الى نهاية المهرجان، وهي لم تحظ بالاهتمام اللازم.

ونُقل الى ريفي بعد ذلك، أن الشعار أبلغ مقربين من النائب سليمان فرنجية بأن عدم حضوره المهرجان كان احتجاجا على وجود كلمة لمعوض في البرنامج، وجاء تكريم الشعار لفرنجية في طرابلس مؤخرا ليترجم ذلك، ويشكل ردا صريحا على ريفي الذي يرفض مبادرة الرئيس سعد الحريري بترشيح فرنجية الى رئاسة الجمهورية.

وقد رد ريفي بعنف على تصرف الشعار في أكثر من مناسبة، ووصفه بـ «مفتي السلطان»، الأمر الذي أدى الى قطيعة تامة بين الرجلين الى درجة عدم تبادل التحية عند لقائهما في أي مناسبة اجتماعية.

وشكلت الذكرى السنوية الثالثة لتفجير المسجدين، مناسبة أراد منها الشعار الرد على ريفي بصورة غير مباشرة، لجهة تأكيد مرجعية دار الفتوى في القضايا الأساسية التي تخص طرابلس، وأن اهتماماته تتجاوز الإطار الديني الى الإطار السياسي، وأنه ما يزال «الحاضن الجامع» لكل فاعليات المدينة الذين حضروا على اختلاف توجهاتهم، باستثناء ريفي الذي لم يدع.

وكان ريفي قد استقبل الشيخين سالم الرافعي (إمام مسجد التقوى) وبلال بارودي (إمام مسجد السلام) السبت الماضي في منزله وعقد معهما مؤتمرا صحافيا.

وبدا واضحا أن المفتي الشعار أراد أن يصيب أكثر من «عصفور بحجر واحد»:

أولا: عبر عدم دعوة ريفي الى اللقاء، ومحاولته سحب هذا الملف من يده من خلال تأكيده أن لطرابلس لقاء واحدا يتعلق بذكرى تفجير المسجدين هو لقاء دار الفتوى، نافيا علمه باللقاء الذي عقده ريفي، معتبرا أنه كان مجرد تصريح حول هذه الذكرى الأليمة.

ثانيا: محاولة الشعار إرضاء الحريري الذي يخوض حربا مفتوحة مع ريفي.

ثالثا: دعوة وزير الداخلية نهاد المشنوق ليكون متحدثا أساسيا في اللقاء، وقد غمز المشنوق من قناة ريفي والقضاء، عندما ذكر «أن قوى الأمن الداخلي أنجزت عملها وأعلنت أسماء كل المتورطين في لبنان وفي سوريا، وقد أحيل الملف على القضاء، وقد عينت الحكومة محققا عدليا وعليه أن يقوم بواجباته وإظهار الحقيقة قضائيا بعد إظهارها أمنيا». فيما نفى المشنوق أن يكون هذا اللقاء رداً على اللقاء الذي عقده ريفي.

رابعا: فتح الشعار المجال أمام المشنوق لإعادة تسويق «تيار المستقبل» في طرابلس، سواء بالتذكير بموقف «المستقبل» الداعم للثورة السورية، أو لجهة دغدغة مشاعر الطرابلسيين، بتأكيد رفض السلاح غير الشرعي وسرايا المقاومة. كما أكد المشنوق أن الحوار مع «حزب الله» لم يثمر أي نتيجة إيجابية، لكن استمراره قد يؤدي الى وقف امتداد الفتنة السنية ـ الشيعية الى لبنان، فضلا عن إعلان المشنوق عن إعداد ملف أمني قانوني في مجلس الوزراء لسحب الترخيص من حركة «حماة الديار» التي ترفضها المدينة، وشدد على أن «الديار لا تحمى بمزيد من الميليشيات، ولا بمزيد من القوى المسلّحة غير الشرعية، بل بالتفاهم والحوار والتنازلات المتبادلة، وبالمزيد من السعي لتثبيت أركان نظامنا السياسي بملء فراغاته».

وأضاف: «نحن مع الحوار، ونعم نحن مع التسوية لكن شرط ألا يكون الحوار مجرّد وقت مستقطع بين اشتباكين أو أن تكون التسوية اسماً آخر للاستسلام وهذا لا يحقق للبلد إلا المزيد من القدرة للتطرّف والمزيد من التراجع للاعتدال».

وأضاف: «لن نكف عن البحث عن شركاء لنا في ورشة إنقاذ النظام السياسي، ومن بوابة انتخاب رئيس للجمهورية، لكن كيف يكون حريصاً على البلد، من يتبجح بالإعلام بتقارير عن وجود خمسين الف عنصر ضمن سرايا الفتنة وسرايا الاحتلال». وختم: «في المرة الماضية التي تطرقنا فيها للحوار، غضب قائد كبير وضرب بيده على الطاولة. ولهذا أقول، إن الحوار الذي لا ينتج يتحول مادة تعبئة مضادة وأداة استنزاف ومصدر إحباط أكيدا يجعل من الاعتدال أقل قدرة ويزيد من قوّة التطرّف».