IMLebanon

انقلاب علی الطائف

عجبت لأمر أولئك الذين يهللون للقاء أو لاجتماع قصر بعبدا، ويعتبرون انه أطلق ورشة العهد وهم بذلك يبررون له هذا الخطأ الكبير الذي وقع فيه عن سابق تُصوّر وتصميم أو نتيجة الشعور بضرورة الانقلاب على الطائف، وعلى كل قواعد الحكم التي أرساها بالنصوص الواضحة والصريحة والتي لا تقبل أي تأويل أو تفسير.

لقد نص دستور الطائف على أن السلطة الاجرائية منوطة بمجلس الوزراء مجتمعاً وأن رئيس الحكومة هو الذي يترأس جلسات مجلس الوزراء ويترأسها رئيس الجمهورية عندما يحضر ويحق له أن يعرض على مجلس الوزراء ومن خارج جدول الأعمال، أي اقتراح يراه ضرورياً، ونص دستور الطائف أيضاً على أن رئيس الحكومة هو الذي يضع جدول أعمال مجلس الوزراء بعد اطلاع رئيس الجمهورية أيضاً، ومن هنا يتضح ان رئيس الحكومة هو رئيس السلطة الاجرائية، وهو الذي يُقرّر سياسة حكومته وخطة عملها وليس رئيس الجمهورية المحددة صلاحياته في هذا الدستور، ولا بدّ أيضاً ولمزيد من التوضيح من التذكير بما نص عليه دستور الطائف في شأن فصل السلطات وتعاونها وتوازنها.

وبالعودة إلى لقاء القصر الجمهوري الذي انعقد تحت عنوان التشاور مع الرؤساء وممثلي الأحزاب المشاركة في الحكومة هو افتئات على صلاحيات وموقع رئاسة الحكومة كان يفترض برئيسها وقيادات الطائفة التي ينتمي إليها أن تتنبه إلى هذا التجاوز وتتخذ منه الموقف المناسب الذي يحول دون تكراره في المستقبل حفاظاً على الدستور وعلى حقوق الطوائف التي ضمنها كذلك حفاظاً على هيبة ومقام رئاسة مجلس الوزراء.

ما أريد هنا تسليط الضوء عليه هو البيان الذي صدر عن ذلك اللقاء والذي نص بشكل واضح على أن المجتمعين أقروا ورقة العمل التي أعدها رئيس الجمهورية والتي طلبت من الحكومة أن تلتزم بها كخريطة طريق لها تعتمدها في إدارة كفة الحكم والذي يدل بشكل صريح أيضاً على أمرين الأول أن رئيس الجمهورية هو من ترأس السلطة الاجرائية وليس مجلس الوزراء مجتمعاً الذي تحول بعد هذا الاجراء إلى أداة تنفيذ كما يقرره رئيس الجمهورية منفرداً أو بالتعاون مع المجلس الملي الذي تحول بدوره إلى حكومة أو إلى مجلس وزراء يخطط ويقرر وينفذ كما يوحي به البيان الذي صدر عن ذلك الاجتماع وهذا بحد ذاته يُشكّل انقلاباً على الطائف الذي ادعى المجتمعون انهم بحثوا في البنود التي لم تطبق بعد من الاتفاق واتخذوا الإجراءات اللازمة لتطبيقها بدءاً من اللامركزية الإدارية وصولا إلى إلغاء الدولة الطائفية وقيام الدولة المدنية.

والأخطر من هذا وذاك ان اللقاء الذي أعلن نفسه سلطة إجرائية يرأسها رئيس الجمهورية لم يحكم فقط على الحكومة القائمة بالفشل ويحولها إلى أداة تتلقى ولا تقرر، بل أنهى روحية اتفاق الطائف والدستور الذي انبثق عنه ونقل النظام من ديمقراطي برلماني إلى نظام رئاسي ولم يتحرك حرا0س الطائف.