IMLebanon

كشف الغطاء عن خطر إيران وأطماعها

لم يعد المراقبون يحتاجون إلى إثباتات للتأكد من ضلوع إيران في التدخل السافر في الشؤون الداخلية للدول العربية، بعد أن أصبح القادة الإيرانيون أنفسهم هم أول من يكشف الحقائق عن السياسة التآمرية التي يسلكونها لزعزعة الأمن والاستقرار في دول الخليج العربي بخاصة، وفي غيرها من الدول العربية بعامة. فها هو رئيس الجمهورية الإيرانية حسن روحاني، يصرح بأن بلاده تتحمل مسؤولية حماية مراقد آل البيت حيثما كانت. وليس بخاف أن هذه الحماية التي تتحمل طهران مسؤوليتها وتجاهر بذلك على رؤوس الأشهاد، تقتضي التدخل المباشر الذي يعني بعبارة أوضح، التدخل المباشر في شؤون دول ذات سيادة توجد بها تلك المراقد، وهي كما يعلم الجميع، دول كثيرة منها السعودية والعراق وسورية ومصــر. وهو الأمــر الذي يــؤكد تــأكيداً قـاطعـاً الإصرارَ عــلى العـدوان وانتهاك سيادة الدول ومخالفة القانون الدولي.

ولم تعد إيران تخفي أطماعها في العالم الإسلامي، فأوراقها اليوم ظاهرة للعيان، وسياستها التخريبية تجاوزت كل حد، بل إن بعض القوى العظمى يدعمها ويشجعها ويحميها أيضاً. فلم يبق الأمر طي الكتمان كما كان من قبل، لكنه بات من العلنية والوضوح بمكان. فإيران اليوم تمثل خطراً محدقاً بدول العالم الإسلامي وبخاصة الدول العربية، وأطماعها الطائفية أصبحت اليوم تهدد المنطقة بكاملها تهديداً مباشراً لا شك فيه، فهي تعمل من أجل إثارة الاضطرابات السياسية والفتن الطائفية فيها، وفي الوقت نفسه، تستعرض القوة وتكسر كلّ الحواجز التي كانت قائمة من قبل في زمن الحصار والعقوبات الدولية المفروضة عليها، وتلوح بالقدرة على الوصول إلى ما تريد الوصول إليه من أهداف جعلتها منطلقاً لها وأساساً لسياساتها التي اعتمدتها منذ أكثر من ثلاثة عقود.

وتمارس إيران الدور التخريبي المناط بها بأعلى قدر من الاستغراق والانشغال، في العراق وسورية ولبنان، وفي اليمن من خلال ميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي عبدالله صالح، الذي باع نفسه للشيطان، فخان الوطن، ورضي أن يكون ألعوبة في يد حكام طهران الذين يتحكمون في قرار هؤلاء الانقلابيين وتوجيههم لإفشال المفاوضات الجارية في الكويت، للوصول إلى تسوية نهائية للأزمة تعيد الحقوق السيادية للشعب اليمني. فهؤلاء ليس من مصلحة سياستهم إيجاد حلول للأزمة في اليمن، وهم مصرون على إطالة أمد الحرب الأهلية التي دمرت البلاد وأفقرت العباد. فإيران لن تفرط في اليمن ما دامت تجد فيه وكلاء لها يخدمون مصالحها، ولن تنسحب من العراق وسورية، لأن الأبواب مفتوحة أمامها، ولأن الدولتين الكبريين تريدانها أن تبقى هناك، لأن في بقائها مصلحة لهما ولإسرائيل، كما هو بادٍ للعيان.

فنحن إذن أمام أزمة إقليمية مستعصية منذرة بمخاطر كثيرة، تتمثل في إصرار إيران على تنفيذ سياستها الطائفية الخطيرة التي تهدف إلى إضعاف دول المنطقة وإنهاكها وصرفها عن متابعة تنفيذ خططها الإنمائية الواسعة، لتحقيق المزيد من الرفاهية والازدهار لشعوبها، ولتحافظ على سيادتها ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية وتكون في موقع قوة تحمي الأمن والسلم في هذه المنطقة المضطربة من العالم. فالخطر الإيراني واقع مشاهد. ولذلك فإن من المصلحة العليا لدول العالم الإسلامي المهددة بالخطر الإيراني، أن تَتَقَارَبَ سياساتها وتَتَعَاوَن في تنفيذها، وتَتَضَافَرَ جهودها لدرء الأخطار عنها بشتى الوسائل، مستندة إلى قرارات مؤتمر القمة الإسلامي الثالث عشر، وأن تواصل فضح الأطماع الإيرانية استناداً إلى التصريحات الاستفزازية العنصرية التي يدلي بها المسؤولون الإيرانيون كل حين.

فليس إذن من المبالغة في شيء، ولا من قبيل إذكاء النزاع وإثارة البلابل، أن ننبه إلى الخطر المحدق بالعالم الإسلامي الذي يتمثل في سياسات إيران وممارساتها التخريبية، وفي تآمر من يقف معها في ذلك.

أليس هذا الوضع المتفجر البالغ الخطورة، يقتضي أن تتحرك جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي، ككتلةً واحدةً، لمواجهة التخريب الإيراني الواضح في العالم الإسلامي وحماية المسلمين من شروره؟

أما وقد كشف الغطاء عن خطر إيران وأطماعها بهذا القدر من الوضوح، فإن المسؤولية العربية الإسلامية هنا أصبحت، مؤكدة أنه لا يجوز التهاون فيها أو التقليل من خطورتها.