IMLebanon

ثقافة اختيار الطريق الطويل والبطيء والخطر!

اذا واجهتَ مشكلة ووجدت طريقين لحلّها: طريق سهل وسريع وآمن، وطريق صعب وشائك وخطر، فأي الطريقين تختار؟ الفطرة الانسانية البسيطة والطبيعية تختار الأسهل والأسرع. المزاج السياسي للتركيبة اللبنانية داخل الحكم وخارجه، والعقلية المسيطرة على كثير من القيادات، تخالف الطبيعة وتختار، في الغالبية الساحقة من المواقف، الطريق الصعب والبطيء والمحفوف بالمخاطر! وهذا الواقع لا يحتاج الى أدلة، هي متوافرة بكثرة في الحياة اليومية للبنانيين، من الانتخابات الرئاسية، الى تشكيل الحكومات، وقوانين الانتخاب والتعيينات والتشكيلات الادارية، وأسلوب معالجة أزمات الكهرباء والمياه والسدود، والنفايات، وغيرها من القضايا المعيوشة التي لا تقع تحت الحصر…

آخر مثال على ذلك سلسلة الرتب والرواتب. ومنذ البداية اختارت الحكومات المتعاقبة اختيار الطريق الصعب الذي يفاقم المشكلة مع مرور الزمن، بدلا من مواجهتها من أول الطريق بأسلوب علمي مجرد وبأسلوب عملي وواقعي. أليس من المذهل أن تحتاج الدولة في لبنان الى نحو ١٩ سنة لاقرار سلسلة جديدة للرتب والرواتب – هي المنتظر إقرارها رسميا في هذه الآونة – بعد آخر إقرار لهذه السلسلة في العام ١٩٩٨؟! وحتى بعد هذا الانتظار الطويل والمتفجّر من جراء الاحتقانات الاجتماعية والاقتصادية، احتاج الأمر الى لقاء حواري في القصر الجمهوري، والى التوافق مجددا على تعديلات للسلسلة بعد النشر في الجريدة الرسمية، وكذلك لقانون تمويلها!

لماذا هذه التعديلات على القانونين أصبحت متاحة الآن وفقط قبل الوصول الى خط النهاية بمسافة قصيرة جدا؟ ولماذا لم يعدّل القانونان الشهر الماضي أو الذي سبقه قبل التصويت عليهما في البرلمان؟ والجواب هو: انها ثقافة اختيار الطريق الطويل والبطيء والمحفوف بالمخاطر في السلسلة وغيرها من قضايا الناس… وما أكثرها!