IMLebanon

داعش” أسقط قريتيْن ببيان قصير مُرعب!

كيف ترى الجمهورية الإسلامية الإيرانية الأوضاع في العراق اليوم؟ طرحتُ هذا السؤال على شخصية قريبة من دائرة القرار فأجابت أنها تود أن تصفها في البداية بشيء من التفصيل، وبعد ذلك يمكن الانطلاق في مناقشة وصفها لها، وفي “الكلام” عن موضوعات أخرى مهمة. قالت: “في العراق ثلاث قوميات ولأكون أكثر دقّة مكوّنات: الكورد والسنّة والشيعة. الكورد كانت عندهم طموحات استقلالية دائماً. لكن ظروفاً عدة إقليمية ودولية حالت دون ذلك أبرزها تقسيمهم على دول عدة هي إيران وتركيا والعراق وسوريا. هذه الدول رفضت دائماً كياناً كردياً مستقلاً أو حتى متمتعاً بحكم ذاتي. لكن استثناء حصل في العراق أيام صدام حسين، وتكرّس بعد إطاحة أميركا والتحالف الدولي له، هو حصول “كردستان العراقية” على حكم ذاتي يشبه الاستقلال كثيراً. والسبب في ذلك التطوّرات السلبية للأوضاع في العراق بعد غزو أميركا له وبعد خروجها منه وعجزها عن إقامة دولة جدّية فيه بعد فرطها دولته القائمة وإن ظالمة، كما بعد عجز العراقيين عن إقامة هذه الدولة. والسبب في ذلك أيضاً نص الدستور العراقي الذي حاز على موافقة غالبية الشعب على فيديرالية الدولة أي تكوّنها من أقاليم وعلى حكم ذاتي مختلف للأكراد”. أضاف: “كردستان هذه تسيطر على كركوك التي فيها عرب سنّة وعرب شيعة وأكراد. وحدود هذه المحافظة تصل إلى الجنوب. وطبعاً هناك نزاع عليها بين الكورد والعرب، ولم يُبتّ وضعها بعد رغم وجود نص في الدستور يدعو إلى إجراء استفتاء لأبنائها لبتّ مصيرها، إلحاقها بكردستان أو فصلها عنها. لكن ذلك لم يحصل حتى الآن. والأسباب كثيرة منها أنها منطقة غنية بالنفط وانتزاعها من كردستان العراقية يحرمها من النفط وموارده المالية المهمة. ومنها أيضاً وجود تنازع حول هوية أبنائها جرّاء اللعب بهويتهم الذي قام به صدام حسين، والذي ربما أدى إلى تصرّف مماثل بعد إطاحته. طبعاً لم يحل ذلك دون تمتُّع كردستان العراق بازدهار جرّاء الأمن المستتب بنسبة كبيرة والاستثمارات، لكنها الآن بدأت تدخل على الأرجح مرحلة من الجمود”.

ماذا عن السنّة؟ سألتُ. أجابت: “يعيش السنّة عدم استقرار سياسي وأمني. قسم كبير من منطقتهم يسيطر عليه حالياً “داعش”. والقبائل السنّية كانت مع “داعش”. وقد بدأ تأسيسه ضباط عراقيون بعضهم بعثي فألّفوا مجموعات “عسكرية” بلغ عددها 14. ومع الوقت تطوّر ونما وصار إسلامياً تكفيرياً ومتشدِّداً وعنيفاً وإرهابياً ثم سيطر على الجميع داخله. وهو مدعوم من السعودية وتركيا وقطر والأردن والولايات المتحدة ويتلقى منها المال والسلاح. وهو ليس تنظيماً غبياً. فقادته وأعضاؤه أذكياء جداً و”حديثون” ومنظَّمون وخبراء في التكنولوجيا والأسلحة والمعلومات. وهدفهم ليس التقسيم بل توحيد العراق والسيطرة عليه وتوحيد العالم الإسلامي بإعلان “الخلافة” ثم بإقامتها. “داعش” أرعب الناس والعسكر. ولذلك فإنه ربح الكثير من معاركه من دون قتال. على سبيل المثال هناك قريتان تبعدان عن الحدود الإيرانية نحو 50 كلم، سقطتا في أيدي “داعش” بـ”بيان” قصير مُرعب. لم يحصل إطلاق نار، لكن الإرهاب الذي مارسه في مدن وقرى أخرى أصاب الجميع بالذعر. الآن الناس في المنطقة السنّية صاروا معه. هدَّد العاصمة بغداد وكردستان والجنوب. الجيش انهار. أعلن المرجع الديني آية الله علي السيستاني الجهاد الكِفائي وأرسلت إيران إلى العراق مستشارين عسكريين وأمنيين، وأنشأت ما سمي “الحشد الشعبي” لدعم الجيش في مواجهة “داعش”. ونجحت في إبعاده عن العاصمة والجنوب و”الأكراد”. لكن الأحوال غير مستقرة في تلك المنطقة. على كل نحن نعرف أن الأميركيين كانوا مع تجزئة العراق. وما عمله “داعش” فيه يؤكد ذلك”. علّقت: نائب الرئيس بايدن تحدّث عن التجزئة ولكن كرأي له وليس كموقف لأوباما، قد تكون الفيديرالية في رأي الأخير حلاً للعراق، لكنها ليست تقسيماً. فهي مُطبَّقة في بلاده وهي غير مقسَّمة. طبعاً في دول العالم الثالث هي تقسيم مقنّع. ولذلك يرفضها كثيرون وخصوصاً إذا انتموا إلى غالبية ما لأن الدولة الشديدة المركزية تسمح لهم بالسيطرة على الأقليات. في دستور العراق هناك نص عن الفيديرالية، وهناك نص يتعلق بتحديد مصير كركوك. لماذا لم يطبّق النصّان؟ فضلاً عن أن أميركا وباعتراف حلفاء لإيران في المنطقة استفادت من “داعش” لأسباب تعرفونها، لكنها لم “تخلقها”.

ماذا عن المكوِّن الشيعي في العراق؟ وماذا عن إيران وكل من مصر والسعودية وسوريا؟