IMLebanon

سجال الاتفاق النووي وسياسات البايسبول والشطرنج

الكونغرس لم ينتظر بدء ولاية الرئيس دونالد ترامب المعترض على الاتفاق النووي ليجدد العقوبات المفروضة على ايران لعشر سنين مقبلة. ولا خيار أمام رجل الاتفاق الرئيس باراك أوباما سوى توقيع ما وافق عليه مجلسا الشيوخ والنواب بأكثرية كاسحة تجاوزت الثلثين وامكان الفيتو الرئاسي. ولا بد للرئيس حسن روحاني الذي تحمّس لانجاز الاتفاق من رفع الصوت في وجه العدو الأميركي وتهديده ب ردّ قاس جدا. ولا يبدّل في الأمر كون العقوبات سابقة للاتفاق ومفروضة تحت عناوين الارهاب وسواه، وكون تجديدها خرقا للاتفاق، كما ترى طهران.

ذلك ان ترامب أعلن خلال الحملة الرئاسية انه سوف يمزّق الاتفاق النووي في يومه الأول في البيت الأبيض، ثم تراجع الى الوعد بالتفاوض على تعديله. ولا مجال للأمرين. فمنذ البدء قال بن رودس نائب مستشار الأمن القومي والأقرب الى أوباما ان الطريقة التي بنيت على أساسها الصفقة مع ايران تخلق عقبات كبيرة أمام الرئيس المقبل اذا أراد تمزيقها. وفي الردود على ترامب أعيد تذكيره بأن الاتفاق ليس ثنائيا بين أميركا وايران بل بين طهران ومجموعة ٥١، ثم تبنّاه مجلس الأمن بقرار دولي. وحين هدّد المرشد الأعلى علي خامنئي ب احراق الاتفاق ردا على ترامب، فانه سمع المنطق نفسه: صعوبة ان تلغي ايران اتفاقا مع ست دول، ولو خرجت أميركا عليه. فضلا عن تأثير ذلك على ما كسبته طهران في الاتفاق، وهو إلغاء العقوبات الدولية التي أضرّت كثيرا بالاقتصاد.

صحيح ان ولي الفقيه رفض التفاوض مع أميركا على أي موضوع خارج الملف النووي. وهو كرّر بعد الاتفاق التحذير من الغزو الثقافي والانفتاح الاقتصادي الكامل، ودعا الى الاقتصاد المقاوم. لكن الصحيح أيضا ان أوباما الذي راهن على تفاهم مع الجمهورية الاسلامية حول النظام الاقليمي، ثم دعا علنا الى تقاسم النفوذ: في المنطقة بين طهران والرياض لم يبدّل تصوّره بعد رفض خامنئي للتفاوض على القضايا الاقليمية. لا بل انه سلّم بالدور الايراني في العراق وسوريا واليمن، ولم ينظر الى طهران بسلبية كما نظر الى بعض دول الخليج ومصر وتركيا ولا تحمّس للقيام بخطوات طلبتها دول في المنطقة للحد من توسّع النفوذ الايراني ضمن مشروع اقليمي كبير.

وهذا ما يوحي ترامب سيفعل عكسه، ولو بقي الاتفاق النووي على حاله. فالذين اختارهم حتى الآن في فريق الأمن القومي هم من المتشددين وأصحاب المواقف المعلنة ضد الدور الاقليمي للجمهورية الاسلامية. ولا أحد يعرف كيف ستكون اللعبة بين الأميركي الذي يمارس سياسة البايسبول والايراني الذي يمارس سياسة الشطرنج.