IMLebanon

«شياطين» التفاصيل وراء قرار بري… والحريري يسعى لمقايضة الرئاسة الاولى بتأجيل موعد «النيابية»

ليس فقط لانه «حريف» في السياسة المحلية، ويملك باعا طويلا في «لعبة» اقتناص الفرص في «ربع الساعة الاخيرة»، ارجأ رئيس مجلس النواب نبيه بري جلسة انتخاب الرئيس الى 31 تشرين الاول، صحيح انها «رسالة» اراد منها «تبريد» «الرؤوس الحامية» المستعجلة «لسلق» الانتخابات الرئاسية، وصحيح انه اراد ان يفهم «الحلفاء» «والخصوم» بان جميع «الطرق» تمر «بعين التينة» قبل الوصول الى ساحة النجمة، لكنه اراد ايضا ان يفهم الجميع بان «الطبخة» لم تنضج بعد «وشياطين» التفاصيل ما تزال كثيرة وتحتاج الى الوقت اللازم لتذليلها… فثمة تسريبات من وقائع المناقشات التي يجريها الحريري تحتاج اذا ما صحت الى تفاهمات كبرى لعل اصعبها ما يحكى عن مقايضة الرئاسة بالانتخابات النيابية؟؟!

اوساط 8آذار، تنطلق من مقاربتها للحراك السياسي من بعده الداخلي، وتقرأ في المعطيات بعيدا عن الموقف السعودي الذي سيكون حاسما في خيارات رئيس تيار المستقبل، فاستمرار «الصمت» شيء واحتمال اعطاء المملكة رأي في المسألة شي آخر، وهذا الامر غير محسوم حتى الان… لكن في المعطى الداخلي اذا كان رئيس تيار المستقبل سعد الحريري مستعجلا لتمرير «الصفقة» بعد سنتين ونصف تقريبا من التعطيل، عليه ان يعرف انه لا يستطيع تسويق التسوية انطلاقا من مصلحته الشخصية والذاتية فقط، ثمة لاعبين آخرين على «الطاولة» لا يمكن تجاوز مصالحهم لمجرد ان الحريري في «مأزق» ويجب ان يتجند الجميع لاخراجه منه، الامر يحتاج الى نقاش معمق حول ادارة الحكم في البلاد للسنوات القادمة، «رمزية» عدم تقديم موعد الجلسة واضح لجهة عدم وجود هرولة من قبل رئيس المجلس لانتاج تسوية «كيف ما كان»، رئيس الحكومة العتيد مطالب باجوبة على الكثير من الاسئلة التي تبدأ بتوزيع الحقائب الوزارية وقانون الانتخابات ولا تنتهي بالملف النفطي، وهو امر ينسحب ايضا على رئيس الجمهورية المعني ايضا بتقديم اجوبة واضحة عن تلك التساؤلات… واكثر…

وتلفت تلك الاوساط، الى ان الملفات الاساسية لم تبحث جديا بعد، وهي ستأتي في مرحلة لاحقة، وهو ما يعرف «بشيطان التفاصيل»، اسهل عمليات «البيع والشراء» ستكون التفاهم على «اسم الرئيس» لكن ماذا عن الحقائب الوزارية في الحكومة المقبلة، وبشكل خاص الحقائب السيادية؟ اما اصعب الامور فستكون في مسألتين اساسيتين، الضمانة التي يطالب بها الحريري لعمر مديد للحكومة المقبلة، وهو يطمح ان تكون طوال فترة رئاسة «الجنرال»، اما المسألة الثانية فهي رغبة الحريري في تأجيل الانتخابات النيابة المقبلة والتمديد للمجلس الراهن، تحت عنوان «ترتيب البيت الازرق»، فرئيس تيار المستقبل يعتقد انه سيدفع ثمن انعطاقته الجديدة شعبيا، ويخشى ان يتعرض لخسارة نيابية مدوية تجرده من الكتلة النيابية الوازنة في مجلس النواب.. ثمة خشية لديه من انشقاقات على طريقة اللواء اشرف ريفي، ومن «حرد» يؤدي الى نتائج سلبية من «تحت الطاولة»، وهو اسلوب يتبعه الرئيس فؤاد السنيورة في «حروبه» السياسية… كما لا يريد الحريري الان اختبار تحالف التيار الوطني الحر مع القوات اللبنانية مع توقعات بخسارته للكثير من المقاعد المسيحية المحسوبة عليه.. لهذا يرغب بالحصول على المزيد من الوقت كي «يهضم» شارعه هذه الانعطافة السياسية الكبيرة التي لا يمكن تبريرها باي شكل من الاشكال…وهنا يسكن رئيس تيار المستقبل هاجس فشله في ترويج ترشيح الوزير فرنجية لدى قاعدته الشعبية، فادعاء «التذاكي» على حزب الله لحشره وضرب تحالفه مع التيار الوطني الحر، لم تمر مرور الكرام، وكانت الخسارة المدوية في انتخابات طرابلس البلدية وغيرها من المناطق «راس جبل الجليد» في تهالك قدرة الحريري على «المونة» على شارعه الذي بات يرى تطلعاته في قيادات رديفة نمت على «ضفاف» خطاب «المستقبل» التحريضي، وبعد «التفليسة» لم يعد بالامكان الاتكال على «الفلوس» لسد اي من تلك الثغرات.

وفي هذا السياق، تشير تلك الاوساط الى ان منح الحريري «شيك على بياض» لست سنوات كاملة امر دونه عقبات كثيرة، والتزام لا يمكن ان يتورط به احد، وجل ما يمكن تقديمه في هذا السياق وعد بتعاون مثمر يحفظ استقرار الحكومة ولا يعرضها للاهتزاز، اما مسألة توزيع الحصص الحكومية فامر يحتاج الى الكثير من التأمل في ظل المعطيات الجديدة، فاذا كانت للرئيس حصة فمن «حصة» من ستحسب اليوم من حصة 8آذاراو حصة مستقلة؟ واذا كان الوزير فرنجية محسوبا في السابق على 8آذار، فمن حصة من سيكون هذه المرة، حصة رئيس الحكومة ام فريقه السياسي الذي ينتمي اليه؟ طبعا القوات اللبنانية ستكون في صلب المعادلة الحكومية بفعل تحالفها مع التيار «البرتقالي» فعلى من ستحسب حصتها في السياسة، وهي الحليف الموضوعي للحريري، ويربطها تحالف مستجد اوصل العماد عون الى بعبدا؟…

 اما مقايضة تأجيل الانتخابات مقابل منح عون الرئاسة الاولى، فهذا الطرح قد يجد آذانا صاغية في الرابية، تحت عنوان منح الحريري جائزة ترضية على انعطافته، فبالنسبة الى التيار الوطني الحر تأجيل الانتخابات النيابية  ثمن يمكن دفعه مقابل قصر بعبدا، وهو امر مفيد ايضا «للبرتقاليين» لان خوض الانتخابات بعد ان يرسخ العهد الجديد موقعه في القصر الرئاسي سيمنح التيار زخما يخوله خوض الاستحقاق من موقع اقوى، لكن هل يمكن الرهان على تمرير وتسويق هذه النظرية عند حزب الله تحت عنوان الحاجة الى حريري «قوي»؟ ومن يقول ان للحزب مصلحة في مساعدة الحريري على استعادة قوته السابقة؟ اليس من الافضل للحزب ان يكون ضعيفا بين مجموعة من «الضعفاء»، طالما ان احدا من منافسيه غير قادر على تشكيل قوة ضاربة؟ ومن قال ايضا  ان الرئيس نبيه بري يقبل بالمساومة على هذا الاستحقاق، بعد ان اعلن انه لن يقبل بالتمديد للمجلس حتى لو اجريت الانتخابات وفقا لقانون الستين؟ والحريري يدرك جيدا ان تراجع بري عن موقفه العلني يعني انه سيضطر الى دفع ثمن اكبر مما يمكن ان يتحمله؟ كما ان ثمن تمرير هذا التاجيل عند الحلفاء لن يكون دون مقابل؟

اذا اثمان كثيرة سيدفعها الحريري مقابل انعطافته، ويبقى السؤال حول قدرته على تسديد فواتيرها شعبيا وسياسيا، بحثه عن تسوية لا يرتبط فقط بوضعه الشخصي الصعب نتيجة ازماته المالية المتلاحقة، هو يشعر انه يخوض «معركة» تجاوزت قدراته مع قوى غربية لا تكترث بتاتا بفريقه السياسي، همها الوحيد عدم ازعاج حزب الله وعدم دفعه الى توتير الاوضاع الامنية خوفا من موجة هجرة جديدة للاجئين… حتى واشنطن التي بدأت مواجهة مالية مفتوحة مع الحزب، تراجعت «خطوة الى الوراء» وسمحت للمصارف اللبنانية بالتحايل على القانون الاميركي بعد التفجير «الغامض» الذي استهدف الفرع الرئيسي لبنك لبنان والمهجر في بيروت… المملكة العربية السعودية تمارس «فضيلة الصمت» ازاء كل ما يبادر الحريري الى طرحه، لديها من المواجهات في المنطقة ما يكفي لجعلها تهرب من «صداع» لبناني لا تريده…تساءل عن الحكمة في استمرار «القطيعة» مع الرابية اذا كانت «الطريق» الى حارة حريك سالكة على الرغم من «المطبات»؟ الحزب زاهد جدا حكوميا ولا يرغب الا «بتدوير» الزوايا في الملفات الخارجية الشائكة، وهو وفقا للتجارب السابقة امر مقدور عليه لدى «التيار الازرق»..لكن تبقى الصعوبة في ارضاء الاطراف الاخرى على الساحة المحلية. رئيس مجلس النواب اراد افهام الجميع ان الوقت ليس عاملا ضاغطا بالنسبة اليه، يدرك ان الحريري مستعجل، وعون اكثر منه، الجميع يدرك ان موعد الجلسة المقبلة غير مقدس وقابل للتعديل، لكن «تعالوا لنتفاهم بهدوء»…؟!