IMLebanon

دريان والشعار.. خلاف إلى حدود القطيعة

كان لافتا غياب مفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعار عن إفطار «جمعية مكارم الأخلاق الاسلامية في الميناء» الذي أقامته برعاية وحضور مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان.

يشير منظمو الافطار الى أنهم وجهوا الدعوة الى الشعار الذي سارع الى تأكيد حضوره، لكنهم فوجئوا بغيابه الذي تزامن مع حضور المفتي دريان، ما يؤكد أن العلاقة بين المفتيين قد بلغت مرحلة متقدمة من الخلاف وصولا الى حدود القطيعة.

يشير مقربون من المفتيين الى أن دريان شكل في البداية حساسية كبيرة للشعار عندما دعم «تيار المستقبل» ترشيحه لمنصب مفتي الجمهورية، وقد عبر مفتي طرابلس عن رفضه لهذا الترشيح في أكثر من موقف علني، لكنه في النهاية قبل بالأمر الواقع بعد وساطة قادها الرئيس سعد الحريري دفعت الشعار الى العودة من فرنسا لحضور حفل تنصيب المفتي دريان والمشاركة بمأدبة الغداء التي أقامها الحريري بالمناسبة في بيت الوسط.

وتقول المعلومات إن دريان أرسل خلال تلك الفترة رسائل إيجابية الى الشعار تؤكد أن التعاون بينهما سيكون وثيقا، وأنه لن يتدخل بالشؤون الداخلية للافتاء في طرابلس، لكن الزخم الذي أتى به دريان وسعيه لكي يكون على مستوى المسؤولية الدينية الملقاة على عاتقه، وانفتاحه على كل المشايخ في لبنان وفتح أبوابه لهم، بما فيهم مشايخ طرابلس، واستعادة سلطته على أكثر من مؤسسة تابعة لدار الفتوى في لبنان كان المفتي السابق الشيخ محمد رشيد قباني قد فقدها بسبب خلافاته السياسية مع «تيار المستقبل»، وأبرزها كلية الشريعة في طرابلس، كل ذلك أثار حفيظة المفتي الشعار الذي بدأ يشعر بأن دريان يصادر دوره ويدخل على علاقته ببعض المشايخ وأئمة المساجد.

وكانت انتخابات المجلس الشرعي ومن ثم التعيينات التي أجراها دريان، بمثابة الشعرة التي قصمت ظهر العلاقة بين المفتيين، حيث اعتبر الشعار أن القوة الانتخابية التي يملكها دريان والمتمثلة بعدد من المشايخ قام بتجييرها الى مرشحين من خارج اللائحة التي عمل على تشكيلها، ما أدى الى خسارة مرشحيه، في حين لم يبادر دريان في التعيينات الى تسمية الشعار أو أي من المحسوبين عليه لعضوية المجلس الشرعي، كما لم يمارس عراب هذه التعيينات الرئيس فؤاد السنيورة أي ضغط على دريان لانصاف الشعار فيها، بالرغم من أنه كان قادرا على ذلك، وكأن الأخير أراد أيضا أن يوجه رسالة سياسية معينة الى مفتي طرابلس.

وعلمت «السفير» أن أكثر من محاولة جرت من أجل كسر الجليد الذي يتراكم يوما بعد يوم بين المفتيين دريان والشعار، أبرزها المأدبة التي أقامها توفيق سلطان في دارته في بيروت تكريما للوزير السابق عمر مسقاوي، حيث جمع المفتيين بحضور الرئيسين نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة، وقيادات سنية من بينها الوزير السابق فيصل كرامي الذي شكل رأس حربة في الهجوم على الشعار على خلفية انتخابات الشرعي في طرابلس وفوز مرشح كرامي من خارج اللائحة، لكن القطيعة بقيت سيدة الموقف بين الشعار ودريان من جهة، وبينه وبين كرامي من جهة ثانية، بالرغم من أن الجلسـة كانـت وديــة للغاية.

واللافت أن مقاطعة الشعار لدريان في رعايته افطار «جمعية المكارم الاسلامية في طرابلس» قابلها مفتي الجمهورية بخطوة لها مدلولات عدة، تمثلت بزيارته فيصل كرامي في منزله، ما يشير الى أن دريان قد بدأ بـ «زكزكة» الشعار في مدينته من خلال الانفتاح على خصومه، الأمر الذي قد يؤدي الى اشتعال المواجهة بينهما لاحقا.

لكن ما يثير الاستغراب هو تجاهل الرئيس فؤاد السنيورة خلاف دريان والشعار وهو الذي يمون على المفتيين ويستطيع أن يعيد المياه الى مجاريها بينهما، الأمر الذي يترك عدة تساؤلات لجهة: هل يتّبع السنيورة سياسة فرّق تسد بين المفتيين؟ أم أنه حسم خياره الى جانب دريان؟ أم أن ثمة حسابات معينة يقوم بتصفيتها مع الشعار متجاهلا التضحيات الكثيرة التي قدمها على مدار السنوات الماضية للرئيس سعد الحريري و«تيار المستقبل»؟.