IMLebanon

حوار على الحافة

ما الذي استجد حتى تحوّل الحوار الجاري منذ قرابة السنة بين حزب الله وتيار المستقبل داخل الأبواب المغلقة إلى سجال علني، تعدى حدود المسموح إلى ما يشبه الإشتباك، هل عدّل الحزب من استراتيجيته الداخلية ليدفع بالأمور نحو التصعيد، أم وصل التيار الأزرق بعد هذه المدة الطويلة إلى قناعة بأن لا جدوى من استمرار الحوار مع الحزب، ولا منفعة سياسية على كل المستويات.

يمكن القول بأن الحزب هو الذي بدأ بالخروج عن الحوار الدائر ضمن الغرفة المغلقة بفتحه ملف الاستحقاق الرئاسي على قاعدة العماد عون أو لا أحد في مقابل تقديم الإغراءات للتيار بالإنفتاح عن البحث مع زعيم التيار حول ملف رئاسة الحكومة، وصولاً إلى ترئيسه في حال تخلّى عن مرشحه سليمان فرنجية، وانتخب عون رئيساً للجمهورية، وهو (نصر الله) سيّد العارفين بما حصل في العام 2011 عندما أُجبر زعيم تيّار المستقبل على الاستقالة بعد أن قدّم وزراؤه ووزراء التيار الوطني الحر إستقالة جماعية من مقر الجنرال عون في الرابية، فضلاً عن علمه بأن ليس هو من يوصل زعيم التيار الأزرق إلى السراي الحكومي الكبير بأصوات نوابه وحدهم بل أن الذي يوصله إلى رئاسة الحكومة أكثرية نيابية وفق استشارات نيابية ملزمة نصّ عليها الدستور واتفاق الطائف.

وقد سارعت كتلة التيار الأزرق إلى الردّ على عرض أمين عام حزب الله، ووضعت الأمور في نصابها بأن بيّنت وبالفم الملآن أنها لا هي ولا زعيمها يستجدي رئاسة الحكومة من الحزب في مقابل تخليه عن التزاماته وصدقيته والإستلحاق بمرشح حزب الله الأوحد والوحيد، وهي في نفس الوقت تعتبر أن وصول زعيمها إلى رئاسة الحكومة هو حق من حقوقه لأنه يمثّل أكبر كتلة نيابية في مجلس النواب فضلاً عن مروحة تحالفاته الواسعة مع بقية الكتل النيابية من جبهة النضال الوطني إلى حزبي الكتائب والقوات اللبنانية، فضلاً عن كتلة الرئيس نبيه برّي الذي أكد في أكثر من مناسبة التزامه بتأييد زعيم تيّار المستقبل لرئاسة الحكومة.

هذا الردّ من جانب كتلة المستقبل استفز حزب الله فانبرى الوزير الحاج حسين الحاج حسن ورئيس المجلس التنفيذي للحزب السيّد هاشم صفي الدين وفتحوا النار على التيار الأزرق باتهامه بأنه المسؤول الأول عن تعطيل الانتخابات الرئاسية بسبب ارتهانه للإرادة السعودية، أي أنه تجاوز الحوار داخل الغرف المغلقة، وحوّله إلى سجال ساخن واتهامات غير مسبوقة للتيار الأزرق بأنه المسؤول عن تعطيل الاستحقاق الرئاسي في الوقت الذي يعرف الجميع بأن الحزب هو وحده المسؤول عن التعطيل لأنه يريد فرض العماد عون بقوة السلاح رئيساً للجمهورية أو أنه لا يريد أصلاً أن يملأ الشغور في رئاسة الجمهورية، الأمر الذي استدعى ردّاً قاسياً من وزير الداخلية نهاد المشنوق شكّل أفضل تعبير عن موقف التيار الأزرق حيال تصرفات حزب الله وعروضه التي لا تركب على قوس قزح، وقد بني هذا الموقف على نقطتين، الأولى أن الحريري لا يستجدي من أحد رئاسة الحكومة، والثاني إتهام سرايا المقاومة بسرايا الاحتلال، وكأنه بذلك يمهّد لوقف الحوار مع الحزب لأنه لا جدوى ولا منفعة منه حتى ولو نجح في تنفيس الاحتقان السنّي – الشيعي في مرحلة زمنية ارتفعت خلالها وتيرة الانقسام المذهبي بين السنّة والشيعة.