IMLebanon

الحوار أو «الفوضى»!

منذ حذّر الرئيس نبيه بري في 16 نيسان العام 2007 عبر جريدة «السياسة» الكويتيّة من «الشر المستطير»، وظلّ «الشرّ المستطير» سيفاً مصلتاً على رؤوس اللبنانيين شهوراً كثيرة يومها اعتبر رئيس الهيئة التنفيذية في «القوات اللبنانية» سمير جعجع في 13 أيلول 2007، في حديث الى صحيفة «عكاظ» السعودية «تحذير بري من الشرّ المستطير هو لأنه يعيش أجواء حلفائه».

بالأمس اعتبر الرئيس نبيه بري أنّ التاريخ «يجترّ نفسه»، و»بلا طول سيرة» وصّف الرئيس برّي رؤيته للحال اللبنانية وهو يشرح لمَ طرح مبادرة الحوار وأنّ فكرتها راودته قبل الحراك الشعبي بعشرة أيام فقال: «ليس من الطبيعي أن يرى أيّ شخص غيوماً سود في شهر شباط ولا يتنبّأ بالمطر، ولكنّ المطر يمكن أن يكون موحِلاً، ويمكن أن يكون مياهاً تحمل الخير، ولكنني رأيتُ في الغيوم نُذراً لوَحل»!!

تجاربنا مع الرئيس نبيه بري تدفعنا لتصديق ما «يراه»، منذ طاولة التشاور التي دعا إليها وانتهت إلى «الشرّ المستطير» في 7 أيار 2008، و»نُذُرُ الوحل» التي «رآها» الرئيس بري تعني الكثير، فالسماء تمطر ماءً ووحلاً و»دماً» أيضاً، وعندما يُعنون الرئيس بري هذه المرحلة بـ»الحوار أو الفوضى» ما علينا إلا أنّ نسترجع الشغب الذي شاهدناه في وسط بيروت ستُفزعنا كلمة «الفوضى» خصوصاً مع «عيّنات» شغب مولوتوف سرايا المقاومة وما يمكن أن تُحدثه في قلب بيروت!!

ولكن؛ هذا «التلويح» الحقيقي بالفوضى التي يخشاها الجميع اليوم، هل هناك فرصة حقيقيّة للبننة الاستحقاق الرئاسي؟ لا فرصة أبداً لأنّ تعطيل هذا الاستحقاق إيراني، وشئنا أم أبينا لقد ربط حزب الله مصيرنا منذ سنوات بالمصير الإيراني، ومنذ عشر سنوات خنق الحزب لبنان بالأوراق الداهمة لإيران، ونظرة على المجلس النيابي ومصير جلسة انتخاب رئيس جمهوريّة، يُدرك أن الذي يُعطّل هو حزب الله لا نواب ميشال عون، فهؤلاء «للتطعيم الطائفي»!!

ثمة ما يثير قلقاً حقيقيّاً من أن تنتهي طاولة الحوار إلى الفوضى وأمطار الوَحْل، ولسبب بسيط، فحزب الله مصر على الاختباء خلف ترشيحه لميشال عون للرئاسة، فعلام البحث برئاسة الجمهورية، ثمّ أيّ ماهية قانون انتخابات نيابية، فالانتخاب بموجب قانون العام 1960 الذي أصر ميشال عون على إجراء الإنتخابات وفقه، كلّف لبنان غزوة بيروت وأحداث 7 أيار، ولم يأتِ به رئيساً، وهذه المرّة يدرك عون أنّ هذه فرصته الأخيرة، فبعد ست سنوات أخرى سيكون قد بلغ التسعين من العمر، وودّع فرصة انتخابه رئيساً، فأي قانون انتخابات سيتفق عليه الفرقاء الذين لا يتفقّون على شيء، وأيّ بحثٍ في قانون استعادة الجنسية الذي سيدخل الجميع في صراع «التوازنات الإسلامية المسيحيّة، والتوازنات المذهبيّة السُنيّة ـ الشيعيّة»؟!

والأمر كذلك في الحوار حول عمل مجلس النواب ومجلس الوزراء، أليْس هذا العنوان يقودنا إلى خلاف على «الرئاسات الثلاث» التي نظّم عملها اتفاق الطائف، ويبدو أن طاولة «الحوار أو الفوضى» هي «طريق المؤتمر التأسيسي»، أمّا عن مشروع اللامركزية الادارية، فهل يحتاج تطبيقها إلى حوار؟ وهي التي كان من المفترض منذ تسعينات القرن الماضي، وعطّلها من عطّلها، ويبقى الحديث عن دعم وتسليح الجيش، هل سيدور الحوار عن «تدريب وتسليح إيرانيّ له»؟!

نحن سائرون باتجاه أمطار موحلة ستغرقنا بها الفوضى ليعلو الصراخ عن حاجة «مفتعلة» إلى «مؤتمر تأسيسي» وعندها سيصبح «الثلث المعطّل» جزءاً لا يتجزّأ من الدستور اللبناني… وحتى تدبّ الفوضى ما علينا سوى انتظار الأمطار الموحلة في «شباط»!!