IMLebanon

مسلسل حوار الطرشان  في جنيف السوري

مسار جنيف السوري محكوم بمعادلة عبثية: تقدم شكلي وتراجع جوهري. فالمشهد يتحسن لجهة الجلوس أحيانا في صالة واحدة، وإن لم تحدث مفاوضات مباشرة كالتي صارت عادية بين العرب والعدو الاسرائيلي. والموفد الدولي ستيفان دي ميستورا نجح في الجولة الماضية في أن يضع على الطاولة أربع سلال للتفاوض عليها. لكن كل جولة من المفاوضات بين وفود النظام والمعارضين تصبح مرجعيتها أضعف من مرجعية الجولة السابقة. فالذروة بدأت عام ٢٠١٢ عبر بيان جنيف – ١ الذي كان مرجعية جنيف – ٢.

أما في جنيف – ٣ فان السقف صار أدنى من اقامة هيئة حكم انتقالي، وهو تأليف حكومة وحدة وطنية. واما في جنيف – ٤، فان قرار مجلس الأمن ٢٢٥٤ حجب ما سبقه وكانت العناوين: الحكم، الدستور، الانتخابات، ومحاربة الارهاب. وما يأخذ مكان الانتقال السياسي في جنيف – ٥ هو الحديث عن حكومة شاملة تعددية وغير طائفية. ولا أحد يعرف الى أي رقم تصل اجتماعات جنيف.

غير ان حوار الطرشان مستمر. وفد المعارضين يصرّ على بدء النقاش من سلّة الحكم مراهنا على استعادة تعبير الانتقال السياسي. ووفد النظام يصرّ على اعطاء الأولوية لمحاربة الارهاب. وليس ذلك خلافا تقنيا أو اجرائيا بل مسألة جوهرية مرتبطة بالموقف الثابت لكل طرف. فالتحالف الدولي الذي أنهى مؤتمرا في واشنطن لمحاربة الارهاب أعاد التذكير ببيان جنيف – ١ ليصل الى القول ان الحل السياسي التفاوضي للصراع هو أمر ضروري لتحقيق هزيمة داعش. ودي ميستورا اصطدم بالنظام وأصبح شخصا غير مرغوب فيه في دمشق ردا على قوله ان الانتقال السياسي شرط للبحث في الدستور. ولا شيء، في نظر النظام، منذ ست سنوات من عمر الحرب يتقدم على أولوية محاربة الارهاب. وهي حرب لا نهاية لها، ان لم يكن اعطاؤها الأولوية المطلقة نوعا من التاكتيك التفاوضي للامتناع عن التفاوض على الانتقال السياسي.

حتى الكلام الأميركي والفرنسي على اقتراب معركة الرقة، فانه قد يخرج داعش من عاصمة الخلافة، لكنه لن ينهي داعش والارهاب. والمأزق، بصرف النظر عن الرهانات على الحل العسكري المستحيل، هو ان الحل السياسي صعب أيضا. فلا موازين القوى على الأرض تعطي النظام، وان تحسن وضعه، القدرة على تحقيق تسوية سياسية بالشروط التي يريد. ولا هي تسمح للمعارضة بتحقيق السقف العالي للانتقال السياسي كما تطالب.

والكل يعرف ان اللعبة في النهاية تعود الى حسابات اللاعبين الروسي والأميركي. ولا شيء يوحي ان واشنطن وموسكو على الطريق السريع الى تسوية سياسية في سوريا وأماكن أخرى انطلاقا من موازين المصالح.