IMLebanon

استنسابية واختلاف المعايير يتحكمان بمواقف كتل 14 آذار

بعد انفراط اجتماع اللجان النيابية المشتركة يوم الثلاثاء بسبب الخلافات الكبيرة بين ممثلي الكتل من النواب المشاركين في اللجان يبقى السؤال الاكثر الحاحاً، هل ان الافق بات مسدوداً امام امكانية الوصول الى توافق حول قانون جديد للانتخابات يتصف بالحد الأدنى من التمثيل العادل، ام ان جلسة الحوار المقبلة قد تعيد تعويم عمل اللجان للانطلاق مجدداً في بحث صيغة معينة لقانون الانتخابات؟

لا تبدو مصادر نيابية مشاركة في الاجتماعات التي عقدتها اللجان في الاسابيع الاخيرة كثيرة التفاؤل حول احتمال التوافق على صيغة معقولة، في ضوء تعاطي بعض الكتل النيابية مع قانون الانتخابات من باب الربح والخسارة وليس من منطوق فتح كوة نحو اعداد قانون عصري للانتخابات. وتقول انه في ضوء اجتماعات اللجان وبخاصة الاجتماع الاخير، اظهرت النقاشات ان الكتل النيابية المنضوية في فريق 14 آذار ومعهم كتلة اللقاء الديموقراطي يعطلون الوصول الى صيغة مقبولة لقانون الانتخابات، فكتل المستقبل والقوات واللقاء الديموقراطي يتمسكون بتقسيم الدوائر على اسس استنسابية من دون معايير موحدة بحيث يؤدي تقسيم هذه الدوائر الى ضمان حصول هذه الكتل على الاكثرية النيابية حتى قبل اجراء الانتخابات، وبالتالي فحسابات الربح والخسارة هي المعيار بالنسبة لهذه الكتل للصيغة التي يريدون الوصول اليها بينما المطلوب اعتماد معيار واحد في تقسيم الدوائر الانتخابية وفي توزيع النواب على هذه الدوائر بين الاكثري والنسبي.

واذا كان اعتماد نصف عدد النواب لكل من النسبي والاكثري، اي 64 + 64، تريد هذه الكتل توزيع الدوائر استنسابياً بعيداً عن اي معايير موحدة، بل على اسس استنسابية، ففي الدوائر التي لا يضمنون الفوز بها على اساس النسبي يعتمدون فيها توزيع النواب وفق قانون الاكثري، بينما في الدوائر التي لا حضور كبيراً لهم يعتمدون النسبية في توزيع النواب، فعلى سبيل المثال جرى الاخذ بدوائر بشري وصيدا والبترون على اساس الاكثري، اي ضمان الفوز مسبقاً في كثير من الدوائر، وتوضح المصادر ان نقاشات نواب الكتل الثلاث انطلقت في الجلسة الزخيرة من مضمون الاقتراح الذي كانت اتفقت عليه هذه الكتل، وبالتالي فالتعاطي مع كل الدوائر حصل استنسابياً مع اصرار مسبق على افشال الاتفاق على صيغة اكثر عدالة خارج المعايير التي تطرحها الكتل الثلاث، مما اضطر رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل في جلسة اللجان الاخيرة الى الاعتراض ما وصفه محاصصة طائفية ومذهبية، لهذا تشير المصادر الى ان النقاشات في الاجتماعالاخير للجان بقيت في اطار المراوحة من دون تسجيل اي تقدم في مقاربة الامور. وهذا الجدال العقيم دفع نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري الى رفع الجلسة بعد حوالى الساعة من انعقادها وكذلك الغاء الجلسة الثانية التي كانت مقررة يوم امس الخميس وتأجيل الاجتماع الى ما بعد جلسة الحوار في 21 الحالي.

ما هي اذاً الاحتمالات الممكنة لمسار الامور حول قانون الانتخابات وبخاصة في جلسة الحوار المقبلة؟

المصادر ترى اولاً ان قانون الانتخاب هو قانون تأسيس وبالتالي فهو يحتاج الى توافق سياسي بين كل المكونات، ولهذا جرى ترحيل الامور الى ما بعد جلسة الحوار، لانه حتى لو اقرته اللجان النيابية بالتصويت مثلاً، فاقراره في الهيئة العامة يحتاج الى توافق بين كل الكتل النيابية.

وتشير المصادر الى ان الرئيس بري سيطرح مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي امام طاولة الحوار الذي يذهب الى النسبية المطلقة مع تقسيم لبنان الى 13 دائرة، وهذه الصيغة تتجاوب في الحد الأدنى مع تطلعات اللبنانيين ولذلك سيطلب رئيس المجلس من المتحاورين البحث في هذه الصيغة طالما انه تعذر الاتفاق على صيغة تجمع ما بين الاكثري والنسبي، مع امكانية رفع عدد الدوائر بما يؤدي الى التخفيف من هواجس البعض، في مقابل اعتماد معيار واحد لكل التقسيمات الانتخابية وتوزيع النواب في هذه الدوائر، لان ذلك يخرج الانتخابات من منطق المحاصصة الطائفية والمذهبية ويدخلها في زاوية المواطنية.

الا ان المصادر النيابية حذرة جداً من امكانية قبول كتل المستقبل والقوات واللقاء الديموقراطي بالصيغة التي وضعتها حكومة الرئيس نجيب ميقاتي وترى ان الاتفاق على صيغة القانون باتت مرتبطة بالاتفاق على «سلة متكاملة» تجمع ما بين انتخاب رئيس للجمهورية وقانون الانتخابات والحكومة الجديدة، على الرغم من ان الرئيس بري حذر من التفاهم مؤخراً من مفاعيل التسويف وان عدم الاتفاق على قانون جديد للانتخابات قد يأخذ البلاد الى مزيد من المخاطر قائلاً لزواره «صدقوا انه لو لم تتحكم الروحية الطائفية بالبلاد لكانت الثورة قامت منذ زمن بعيد في لبنان».