IMLebanon

هل يتقبّل المسيحيون اسقاط الطائف؟

أربك مشهد الساحات الممتلئة «عن آخرها بعشرات الألوف من اللبنانيين جهابذة السياسة اللبنانية والأفرقاء من الثامن والرابع عشر من آذار والمستقلين وما بينهم. ووقف الجميع مشدوها أمام مشهد لم يعتادوا رؤيته: الناس في الشارع، تهتف ضدهم، «كلن يعني كلن».

لم «تسترح الناس»، «الزبالة طمتنا»، كاشفة عن مستوى العري السياسي الحاكم، يوم السبت الكبير المنتظر أطل، محققا ما فاق التوقعات، للمرة الأولى تخطى المشاركون توقعات المنظمين، أصبح الجميع من أصحاب الدعوة.

الشارع لاحظ الفارق في الشعارات بين أول التظاهرات وتظاهرة السبت، غاب شعار إسقاط الحكومة بعد أن أيقن المشاركون أن الحكومة ساقطة أصلا، وأن الضرب بالميت حرام، فلا لزوم لتأكيد المؤكد، أما عن الشعار الآخر، الشعب يريد إسقاط النظام، فالأيام الماضية حملت جملة من المباحثات بين الأقطاب المسيحيين.

مصادر مسيحية متابعة قالت إن هذا هو السؤال الصعب وتحديدا على الأقطاب ، مضيفة أن لو كان عليهم أن يجيبوا في تسعينيات القرن الماضي، لكان الجواب مفهوما ومعروفا، لا يختلف فيه إثنان. أما اليوم فهل يريد المسيحيون إسقاط الطائف؟

وقالت المصادر إن هذا السؤال كان محور الزيارة والقاء الذي جمع، بعيدا عن الإعلام، البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، مع رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب العماد ميشال عون، وكان عنوان محاورات في العمق بين الأقطاب المسيحيين، وتحديدا الموارنة. الكل يشكو من الطائف، تقول المصادر ، لكن «مش وقتا هلق»، خصوصا أن البديل غير معروف في ظل التكفير والتهجير والقتل المنهج الذي يرتكب بحق المسيحيين والأقليات في المشرق العربي المعذب.

الإجماع على «التوقيت غير المناسب»، جعل بورصة شعار «الشعب يريد إسقاط النظام» تتراجع نزولا لتكاد تختفي، خاصة مع ظهور «المجتمع المدني القديم» على خارطة الحراك، واحتلاله ساحة الشاشات، وإستعانة الحراك بخبرات مخضرمة في الوسط السياسي «النظيف».

الحراك أعادة بوصلة نفسه، لكن الخلاف لا يزال على ترتيب الأولويات، بعيدا عن الشعارات التي تعتبر شيكات بلا رصيد، أو غير قابلة للصرف، في بنك لبنان وطن ال18 طائفة، والأربعة ملايين رأي ونظرية «إذا تم استثناء السوريين والفلسطينيين»، وإلا فالنظريات أكثر.

وتشدد المصادر على أن الطبقة السياسية لأول مرة في تاريخها وقعت تحت وطأة الضغط الشعبي الحقيقي، نتيجة لبلوغ المشاكل والتبعية لديها المستويات الأقصى، وفشلها الشامل والكامل في إتمام أي مشروع ناجح، نتيجة العقل السياسي وحال المراوحة.

وتضيف أن الخطيئة الأولى التي وقعت فيها الطبقة السياسية كانت التمديد لمجلس النواب، كانت الإنتخابات، حتى لو جرت على أساس قانون الستين البغيض، لتقطع الطريق على المتظاهرين الذي هتفوا بإسقاط النظام، لأن الإنتخابات لو كانت ستأتي بنفس الأشخاص بتأثير المال والسلطة، إلا أن هذه الوجوه ستكون آتية بمشروعية الصناديق، ولكن منظري الساسة لم يلتفتوا إلى الأمر، مراهنين على سكوت الشعب اللبناني. والنتيجة، أن البرلمان الممدد لم يجتمع.

الحل يبدأ بقانون إنتخاب، تقول المصادر، قانون إنتخاب حقيقي، لا مكان للأكثريات فيه، لا للمحادل، ولا البوسطات، قانون على قياس الوطن، لا على قياس الأفراد. لا بأس برئيس مرحلة إنتقالية، معتدل، مستقل، لاطرف في الصراع.

لماذا لا يكون مؤتمرا تأسيسيا، تجيب المصادر بالقول لماذا المؤتمر التأسيسي؟ هل المطلوب دستور جديد للبنان؟ باستثناء الفيدرالية، فإن كل مشروع طرح إلغاء الطائفية السياسية هو مشروع إلغاء للصيغة اللبنانية، وبالتالي، تقليص الحضور المسيحي في الدولة، وحضور الأقليات، اللهم إلا أن يطرح تطبيق الطائف، عبر إنتخاب مجلس نواب خارج القيد الطائفي، على أساس لبنان دائرة واحدة مع النسبية، وتعيين مجلس شيوخ، كما نص إتفاق الطائف.مع الإحتفاظ بوظائف الفئة الأولى والثانية على أساس التوزيع الطائفي لمدة عشر سنوات. يتم في خلالها تطبيق اللامركزية الإدارية الموسعة، وإنشاء الهيئة الوطنية لمراقبة تطبيق إلغاء الطائفية السياسية، بحيث يتم تجريم كل تمييز على اساس طائفي وإحالة كل مرتكب لإنتهاكات طائفية إلى المحاكمة.

هذا لا بد منه، تختم المصادر، من أجل الذهاب إلى إصلاح النظام في لبنان، لا إسقاطه، فهذا النظام، كلف اللبنانيين 200 ألف شهيد، الشارع ليس هدفا، الشارع وسيلة، ولا بد من تحقيق الهدف، لأجل لبنان…