IMLebanon

هل تنتفض بكركي والأحزاب المسيحيّة على قانون «الستين»؟

ترتفع أسهم قانون «الستين» كلما اقترب موعد الإنتخابات النيابية في ظلّ غياب مؤشرات جديّة تدلّ على أنّ الكتل الرئيسة ماضية في الإتفاق على قانون جديد. وفي هذا الإطار رفع البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الصوتَ مطالِباً بإقرار «قانون على قياس الوطن لا الأفراد والفئات».

حاول الراعي منذ إنتخابه جمعَ القادة الموارنة، وشكّل لجاناً لمعالجة كلّ الموضوعات والملفات التي تشكّل أزمةً للمسيحيين، ولعلّ أبرزها قانون الإنتخاب. فتمّ الخروج بصِيَغ عدّة من النسبية على أساس 15 دائرة انتخابية، الى القانون «الأرثوذكسي»، لكنّ أيّاً من هذه الصِيَغ لم يبصر النور.

يعرف القيّمون على البطريركيّة المارونية أنّ قانون الإنتخاب يحتاج الى إجماع وطني لأنّ فرض أيّ قانون قد يؤدّي الى ما يشبه «الحرب الأهلية»، لكنّ الإبقاء على «الستين» يخلق إمتعاضاً لدى سيّد الصرح لأنّ الجميع يصرّح علناً أنّه ضدّه ولا يريده.

وفي المعلومات أنّ الراعي إلتمس أمراً غريباً في هذا المجال، فهو كان يراهن على أن تنتج التسوية التي جاءت بالعماد ميشال عون رئيساً للجمهورية، وبسعد الحريري رئيساً للحكومة الأولى للعهد الذي إنطلق بزخم، قانوناً إنتخابياً يعطي اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً حقوقهم كمواطنين، وقد قال صراحةً في عظة الأحد الأخيرة «إنّ إنقاذ الوطن يحتاج الى تغيير في الذهنيات»، وهذا الأمر لا يتمّ إلّا بقانون يسمح بالمحاسبة والمساءلة.

تفقد بكركي الأملَ في الوصول الى الهدف المنشود، ونتيجة القراءات السياسية للواقع اللبناني، وسرعة تحرّك الأمور، فإنّ بكركي ترى أنّ المجتمع الدولي سيضغط لإجراء الإنتخابات في موعدها، وهو وإن كان يريد إنتخابات نزيهة وتعبّر عن إرادة اللبنانيين إلّا أنّه لا يتوقف كثيراً عند القوانين الإنتخابية التي تُعتبر تفاصيل داخلية، والتجارب تدلّ على ذلك وفق أوساط كنَسيّة. إذ إنّ إنتخابات 1992 جرت وسط مقاطعة شاملة وقد تعامل المجتمع الدولي مع نتائجها «أمراً واقعاً، ومع المجلس النيابي مجلساً شرعياً».

إذاً، كلّ المؤشرات في بكركي تدلّ على أنّ قانون «الستين» «بات أمراً واقعاً» على رغم رفضه مسيحياً ووطنياً، لكن هل ستدعو بكركي القيادات المسيحية أو اللجان التي شكّلتها الى إعلان الرفض التام لهذا الموضوع؟

حتى الساعة، ووفق معلومات «الجمهوريّة» فإنّ أيّاً من أعضاء اللجان أو الأقطاب المسيحيين الأربعة لم يُدعَ الى اجتماع في بكركي، فيما التواصل مع الأحزاب المسيحية الفاعلة مستمرّ وشبه يومي، وسط تأكيدهم للصرح البطريركي أنهم «مستمرّون» في معارضة «الستين» ويسعون الى «قانون يرضي الجميع».

«القوات اللبنانية» ما زالت على موقفها، إذ تؤكّد مصادرها لـ«الجمهورية» أنها «تراهن على حدوث متغيّرات تتيح التوصّل الى قانون عادل لا يستفزّ أحداً، لكنه في المقابل لا يجعل فئة معيّنة طاغية على أخرى»، مبديةً تفاؤلها في إمكانية «الإتفاق على قانون جديد»، ورافضة مقولة «إنّ قانون «الستين» بات أمراً واقعاً لأنّ حجم رافضيه كبير».

غيّر إنتخابُ عون في المعادلات الداخلية، فالقوى المسيحية التي كانت تشكو من غياب مرجعيّتها عن الحكم والدولة عادت الى رأس السلطة وبات العمل أسهل ممّا سبق، ويعتبر «التيار الوطني الحرّ» أنّ عون تعهّد في خطاب القسم السعي لإنتاج قانونٍ جديد، وأنّ «التيار» هو أوّل مَن تصدّى لـ«الستين»، لكنّ إقرار مثل هذا القانون يتطلّب تضافرَ جهود جميع القوى السياسية، ولو عاد الأمرُ إلينا لأقرّينا القانون الأعدل خلال أقل من 24 ساعة».

ويؤكّد «التيار» أنّه ينسّق مع الرئيس وبكركي و«القوات» وبقية الحلفاء في هذا الموضوع، «لكن حتّى الآن لم نتوصل الى قواسم تجمعنا نتيجة هواجس البعض إزاء النسبية الكاملة، ورفض البعض الآخر النظام الأكثري».

لا تمانع أيٌّ من القوى السياسية الإجتماعَ في بكركي واتخاذَ موقف من قانون الإنتخاب، لكنّ بكركي تؤكد أنّ المسؤولية باتت على عاتق الكتل والمجلس النيابي، فهناك الكثير من المشاريع وإقتراحات القوانين الإنتخابية الموجودة في أدراج المجلس، فليصوّت عليها وعندها يقرّ أيّاً منها ونتخلّص من قانون «الستين».

ومن جهته حزب «الكتائب اللبنانية» لا يبدو بعيداً من جوّ بكركي فهو أعلن رفضه «الستين» محذِّراً من العودة اليه، في حين يطمح تيار «المردة» الى قانون جديد على رغم أنّ «الستين» يريحه في زغرتا ولا يشكّل عائقاً أمامه.

وتدلّ المعطيات على أنّ الراعي ماضٍ في حراكه ضدّ «الستين»، لكنه يتريّث في دعوة الأحزاب المسيحية الى بكركي لئلّا يرتفع منسوبُ الشحن الطائفي في البلاد، في حين أنّ التواصل مباشر بين الراعي وعون لمعرفة اتجاهات الريح الإنتخابية ومحاولة السعي لتغيير الواقع.