IMLebanon

هل يريدونه حقاً؟

ثمة حقيقة تمليها مهابة الذكرى الحادية عشرة لاستشهاد الرئيس رفيق الحريري وهي ان الاهتزاز العميق الذي الحقته قوى ١٤ آذار بنفسها في مسألة الترشيحات الرئاسية تشكل من حيث الهدف الأبعد لإنهاء الفراغ الرئاسي المتمادي ما يماثل جوانب اساسية في سيرة الرئيس الحريري الأب حين كان يتوغل بعيدا في التنازلات من أجل حماية النظام وتثبيت الطائف. لم تكن مآخذ كثر من الرافضين لترشيح ركنين من ٨ آذار لتحجب هذه الحقيقة ولو اختلفت الرؤية والحسابات حيال النتائج الواقعية لمبادرة الرئيس سعد الحريري حتى قبل عودته امس الى بيروت ومضامين كلمته في احتفال البيال من ان الهدف الاكبر لمبادرته الاخيرة المثيرة للجدل هو انهاء تداعيات الفراغ القاتل. ومع ذلك ترانا مع كثيرين نتوقف تكرارا ًامام مفارقة توغل الشريك الآخر في انتخاب الرئيس العتيد “حزب الله” في نهج تصح معه شكوك متعاظمة في ان يكون راغباً حتى في إيصال مرشحه المعلن. وعلى رغم اننا كنا من المقتنعين بان خيار تمسك الحزب بالجنرال عون هو خيار ثابت واستراتيجي فعلا ترانا اليوم بالذات نتساءل هل كنا على الضفة الخاطئة فيما تحفز مجريات موقف الحزب شكوك المشككين في صدقية هذا الاتجاه والتمييز بين المعلن والمضمر فيه. ثمة ما يتجاوز الشكوك التلقائية في اتجاهات الحزب حين يصبح السلوك العلني الثابت في تسويق “المرشح” الذي لا رئيس سواه اشبه بأمر عمليات منمق يسوغ الإملاء الفرضي بما يناهض تماما ما ذهب اليه ركنان أساسيان في قوى ١٤ آذار في محاكاة الحزب عبر ترشيح العماد عون والنائب سليمان فرنجية.

اذ كيف يستوي الكلام عن “المرشح” المعرَّف بالألف واللام قطعا لدابر وجود مرشح سواه بانه سيكون رئيس الجمهورية اللبنانية المتحدة والموحدة الناهضة من عثارها فيما يراد فرضه بنمط الإملاء القسري تحت وطأة استمرار الفراغ الابدي؟ وحتى لو سلمنا جدلا بان امكان فرض “المرشح” رئيسا سينجح في نهاية المطاف، فأي رئيس واي رئاسة وأي حكم من روح الدستور ونصه سيكون للبنان فيما هو آت من إرادة استقواء كهذه؟ يحفز الكلام المتكرر اخيراً للرجل الثاني في “حزب الله ” الشيخ نعيم قاسم، المتميز دوما بعدم استخدامه اطلاقا القفازات والمنمقات، على الانجراف مع اصحاب الظنون المشككة في ان يكون الحزب يريد فعلا “الرئيس المرشح على رأس السطح” إياه وهي ظنون ستأخذ مجرى تصاعدياً بعد الآن بطبيعة الحال. ولكن اين المعنيين المباشرين بهذا التجويف العلني المثبت لآخر طقوس الديموقراطية ونظام الطائف بل للديموقراطية التوافقية نفسها التي تتخذ من اعلاء “المرشح” مطية لكل ما يساور الأظناء من مخاوف وشكوك وهواجس كبرى اكثر من مشروعة؟