IMLebanon

»وثيقة بعبدا ٢٠١٧« أبعد من اعادة الاعتبار لرئاسة الجمهورية  

حتى اليوم ليس هناك من قراءة موحدة وتقييم واضح وصريح، واجماع في الآراء والمواقف، لما هدف اليه حقيقة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، من وراء لقاء رؤساء الاحزاب السياسية المشاركة في الحكومة في القصر الجمهوري في بعبدا، أول من أمس الخميس، ومن بين الذين حضروا، رئيس مجلس النواب (رئيس حركة »أمل«) نبيه بري، ورئيس الحكومة (رئيس تيار »المستقبل«) سعد الحريري، وآخرين وزراء في الحكومة.. وصدر عنهم، بعد اجتماع لنحو ساعتين ونصف الساعة بيان، هو أشبه بـ»ميثاق وطني« جديد متعدد البنود.. وحظي باجماع الحاضرين – وهم من القوى الوازنة شعبياً وسياسياً وغير ذلك – سوى بند »تشكيل لجنة لالغاء الطائفية السياسية« الذي عارضه رئيس حزب »القوات اللبنانية« سمير جعجع.. داعياً الى ارجاء البحث في المسائل السياسية لأنها »تثير برأيه، ترددات سلبية..«؟!

ليس من شك في ان لبنان، وعلى رغم انجاز قانون الانتخابات النيابية يمر بأزمة، ليست وليدة اليوم او البارحة، متعددة الأوجه والعناوين، وتتداخل فيها معطيات الخارج، الدولي والاقليمي، كما والداخلي.. والرئيس عون، يأبى ان يدخل القصر الجمهوري ويخرج منه، من دون تحقيق انجازات لعهده.. وعلى هذا تطرح مجموعة من الأسئلة حول الهدف الحقيقي من وراء الدعوة للقاء بعبدا:

– أهو لاعادة الاعتبار لدور رئاسة الجمهورية وتوجيه رسالة الى كل من يعنيهم الأمر، بأن دوره ليس »بروتوكولياً« يقتصر على استقبال الزوار، بل هو دور الرئيس المرجع والساهر على تطبيق الدستور والقادر على استعادة زمام المبادرات، وعلى جمع الافرقاء السياسيين كافة الى طاولة واحدة، بعيداً عما يسمى بـ»طاولات الحوارات« السابقة، التي لم تثمر ايجابيات ثابتة.. والتحديات التي تواجه لبنان متعددة، وان »ميشال عون ليس كغيره من الرؤساء«، خصوصاً وأن »العهد« كان وعد باصلاحات وانجازات، وتمكن قبل أيام، وبكامل قواه وتنوعاته، من انجاز قانون جديد للانتخابات النيابية، القائم على النسبية الكاملة على رغم الثغرات غير القليلة..

– أم هو محاولة لكسر الحواجز وانهاء »القطيعة« بين ومع العديد من الافرقاء السياسيين المشاركين في الحكومة والتمهيد لمصالحة وطنية شاملة وحقيقية تقوم على أسس ومبادئ وغايات لا تقف عند حدود المصافحات التي شاهدها اللبنانيون بين »الأصدقاء – الاعداء«؟!

– أم هو بهدف الحصول من كل هؤلاء الذين اجتمعوا الى طاولة بعبدا المستطيلة، على تواقيع وموافقات غير قابلة للاجتهاد، على »خريطة طريق« اصلاحية، مطلوبة وبالحاح، يتوجب على السلطة التنفيذية (الحكومة) ان تنفذها، ليكتسب »العهد الجديد« صدقية طالما عمل لها وسعى اليها من قبل ان يملأ الموقع الرئاسي بالجنرال (السابق) ميشال عون، بعد شغور لنحو سنتين وأكثر؟! بعيداً عن البروتوكولات، والتفاصيل اليومية الصغيرة، السياسية والادارية، التي هي من اختصاص الوزارات المعنية؟!

في قناعة عديدين، ان »لقاء بعبدا« كان رسالة بكل ما لهذه الكلمة من معنى، والى كل من يعنيهم الأمر، بأن الرئيس القادر على استعادة زمام المبادرات، والقادر على جمع الافرقاء الى طاولة واحدة، بعيداً عن »الحوارات« السابقة، التي »لم تثمن ولم تغن من جموع«؟! خصوصاً أكثر، ان »العهد« (بشقيه الرئاسي والحكومي) كان التزم أمام اللبنانيين عبر »خطاب القسم« و»البيان الوزاري« بتحقيق انجازات من بينها قانون جديد للانتخابات، فكان له ما أراد؟!

مقربون من رئاسة الجمهورية، سارعوا الى نفي ان يكون »لقاء بعبدا ٢٠١٧« طاولة حوار تقليدية تبحث في المسائل الخلافية للوصول الى حلول ترسم خريطة عمل للبنان الحاضر والمستقبل.. وإن كان ذلك اعاد فتح الأبواب من جديد أمام المطالبة بتطبيق ما لم يطبق من »اتفاق الطائف« وتشكيل »الهيئة الوطنية لالغاء الطائفية« في لبنان لبناء الدولة المدنية التي تقوم على مبدأ »المواطنة« وتساوي بين اللبنانيين جميعاً في الحقوق والواجبات.. والعمل على »اقرار اللامركزية الادارية في أقرب وقت والتشديد على ضرورة »عدم السماح بأي تلاعب بالهوية الديموغرافية (البشرية) للبنان« ورفض التوطين المعلن او المقنع ومواجهة »أي محاولة لتثبيت أي جماعة غير لبنانية على أرض لبنان..«.

بديهي ان يحظى ما صدر عن »لقاء بعبدا« باهتمامات ومتابعات، وقد حفلت أقسام البيان الثلاثة بجملة بنود بالغة الأهمية والحيوية والتأثير في حاضر لبنان ومستقبله.. وما صدر عن »اللقاء« يمثل »وثيقة« بكل ما لهذه الكلمة من معنى، والافرقاء الذين حضروا ملزمون أدبياً وسياسياً بالعمل على انجازها على أرض الواقع.. وفي مطلق الأحوال، فإن الافرقاء كافة، وتحديداً مكونات الحكومة، وهم على أبواب الاستحقاق النيابي في ايار ٢٠١٨، أمام امتحان جدارة وتحويل الكلام الى أفعال لا يمكن مقارنتها بقانون الانتخاب الذي قيل ان الجميع قدموا »تنازلات«، لكنهم التزموا به وهم يعدون أنفسهم – كل على طريقته – للاستحقاق الانتخابي، الذي ينظر اليه البعض نظرة استراتيجية؟! على رغم التباينات في قراءة العديد من التطورات الخارجية وتأثيرها في الواقع اللبناني