IMLebanon

هل يؤدي استمرار الخلاف حول القانون إلى تعطيل الانتخابات في موعدها؟

هل يؤدي استمرار الخلاف حول القانون إلى تعطيل الانتخابات في موعدها؟

موقف رئيس الجمهورية المؤيد للنسبية يرفع منسوب المواجهة مع معارضيها

«الوفد الجنبلاطي أكد للرئيس عون معارضة الطائفة الدرزية لأي قانون يمسّ بجوهر وجودها»

نقل الموقف الذي اطلقه الرئيس ميشال عون امام السلك الدبلوماسي والذي أكّد فيه تمسكه بالقانون النسبي بوصفه يؤمن التمثيل الصحيح والعادل بالنسبة إلى جميع المكونات اللبنانية والنقاش الدائر بين مختلف القوى السياسية حول أي قانون للانتخابات يمكن التوافق عليه، من منطقة النقاش الهادئ إلى مرحلة النقاش الحاد الذي يُهدّد التسوية التي أتت به رئيساً للجمهورية، وأتت بالرئيس سعد الحريري رئيساً لمجلس الوزراء وتمكينه من تشكيل حكومة شبه وفاقية في مهلة زمنية تعتبر غير مسبوقة في تاريخ تشكيل الحكومات في لبنان، فضلاً عن أن الموقف الحاد الذي اتخذه الرئيس عون من قانون الانتخابات اسقط عنه صفة الحكم وصنفه فريقاً في النزاع الدائر بين القوى السياسية حول ما هو القانون الأفضل والذي يحقق التمثيل العادل، لا سيما بالنسبة الى المسيحيين، ولا يلحق إجحافاً أو يلغي أحداً من المكونات الأخرى التي يتألف منها الكيان اللبناني.

وقبل أن يعلن الرئيس عون موقفه الداعم للنسبية، كان الانقسام بين القوى السياسية بين اعتماد النسبية او الأكثرية قد وصل إلى ذروته مع موقف الزعيم الدرزي النائب وليد جنبلاط والذي عبّر عنه بشكل صريح عن هواجسه من ان يؤدي اعتماد القانون النسبي إلى إلغاء أو إضعاف الطائفة الدرزية، وبعد ان شرح الاسباب التي تجعله يتمسك بقانون الستين أو اي قانون آخر يقوم على النسبية شكل لجنة من كتلة اللقاء الديموقراطي لإطلاع المسؤولين والقيادات السياسية والحزبية على الأسباب الموجبة التي جعلته يتوجس من القانون النسبي على الوجود الدرزي ويتمسك بالقانون الأكثري، وقد استهلت اللجنة تحركها بزيارة رئيس الجمهورية العماد عون أمس، ونقلت اليه الهواجس الجنبلاطية بصورة مفصلة ومن دون قفازات، والتصريح الذي أدلى به النائب غازي العريضي بعد لقاء الرئيس، يشرح كل الأسباب التي حملت جنبلاط على رفض النسبية والتمسك بالقانون الأكثري، وتعكس الشروحات التي تضمنها تصريح العريضي بعد مقابلة الرئيس والاستماع الى وجهة نظره هواجس الدروز من اعتماد القانون النسبي على حضورهم ووجودهم التاريخي في لبنان، الأمر الذي يؤشر الى ان الوفد الجنبلاطي أبلغ رئيس الجمهورية بكل صراحة معارضة الطائفة الدرزية لأي قانون يمس بجوهر وجودهم في لبنان وبخاصة القانون المبني على النسبية بشقيها الكامل والمختلط، علماً بأن جنبلاط سبق ان وافق مع تيار المستقبل والقوات اللبنانية على قانون مختلط على اساس المناصفة بين النسبي والأكثري واعتبار الشوف وعاليه دائرة انتخابية واحدة على أساس الأكثري.

وإذا كان رئيس الجمهورية يعتقد أن بإمكانه تبديد هواجس رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي بالنسبة إلى اعتماد القانون النسبي فان المشكلة ستقع بينه وبين الرئيس سعد الحريري عندما يطرح الأمر على طاولة مجلس الوزراء من منطلق ان رئيس الحكومة وكتلته النيابية حددا موقفهما من القانون الانتخابي الجديد على اساس المختلط بين النسبي والأكثري، وتقدما باقتراح قانون على هذا الأساس إلى المجلس النيابي ويطالبانه بإدراجه مع القوانين واقتراحات القوانين المحالة إلى المجلس من بقية الكتل النيابية على جدول اعمال الجلسات التشريعية ليصار إلى التصويت على احداها مع اطمئنانهما الى حصول المختلط بعد التفاهم مع الرئيس نبيه بري الذي تقدم باقتراح قانون مماثل على توحيد الاقتراحين في اقتراح واحد أو اعتماد احدهما، فضلاً عن أن هذا الاقتراح موافق عليه من حزب القوات اللبنانية ومن كتلة اللقاء الديمقراطي برئاسة النائب جنبلاط، وهذا الخلاف في حال لم يتراجع احدهما عن موقفه ينسف أولاً التسوية السياسية التي جاءت برئيسي الجمهورية والحكومة وينتهي ثانياً شهر العسل القائم بين الرئيسين انفسهما، وهذا من شأنه أن لا يحول دون اقرار قانون جديد للانتخابات، بل يؤدي حتماً إلى عدم التمكن من اجراء الانتخابات النيابية في موعدها واضطرار التمديد مرة ثالثة للمجلس الحالي، الأمر الذي يُسيء بشكل كبير الى العهد والى انطلاقاته السياسية الواعدة، ويعيد الصراعات الداخلية إلى ما كانت عليه قبل ان تحصل التسوية التاريخية التي افرجت عن لبنان وعن مؤسساته الدستورية بعد سنتين ونصف السنة من القبض عليها.

المراقبون يستبعدون أن يترك الموقف الذي أعلنه رئيس الجمهورية امام رجال السلك الدبلوماسي كل هذه الانعكاسات على الوضع الداخلي، وإن كان شكل نقزة عند تيّار «المستقبل» و«القوات اللبنانية» التي دعمت ترشيحه لرئاسة الجمهورية، وكان لهما المساهمة الكبرى في وصوله إلى قصر بعبدا، وسيعتبران أن ما صدر عنه هو تعبير عن وجهة نظره بالنسبة للقانون الأفضل الذي يحقق التمثيل العادل ويرفع الغبن اللاحق بالمسيحيين، من دون ان يخرجه عن دوره كحكم وليس كفريق في الصراعات الدائرة بين القوى السياسية والحزبية حول قانون الانتخابات، وبالتالي لن يؤثر لا على العلاقة مع كتلة المستقبل ومع رئيسها ولا على التفاهم القائم بينه وبين القوات اللبنانية المرتبطة مع تيّار المستقبل بالقانون المختلط.