IMLebanon

شركة لبنانية إماراتية تصنّع سفناً حربية لإسرائيل

غيرّت شركة «أبو ظبي مار كيل» اسمها الى German Naval Yards لتخفي أي إشارة عربية (أ ف ب)

عندما تتحدث إسرائيل عن تطور علاقاتها مع «الاعتدال العربي»، وعن شركاء في المصالح والأهداف، وأيضاً عن تحالف، يتبادر الى الذهن العلاقات والتنسيق، المعلن وغير المعلن، مع دول خليجية، وتحديداً المملكة السعودية والإمارات العربية المتحدة وعدد من دول المغرب العربي.

أن ينسحب ذلك الى «شركاء» لبنانيين، هي مسألة في العادة المتبعة إسرائيلياً، تبقى كي الكتمان، ولا يشار إليها، إلا نادراً، كما حصل في حرب عام 2006.

إلا أن تعبير شركاء لبنانيين لإسرائيل، قد يعني، كما يتبادر الى الذهن ابتداء، مجرد مقاولين لتحقيق المصالح الإسرائيلية في لبنان، وهذا ما خبره اللبنانيون جيداً عبر العقود الماضية منذ احتلال فلسطين، أو ما قبل إعلان إنشاء الكيان الإسرائيلي. خبر اللبنانيون عملاء سابقين وحاليين بمعنى أتباع، لكن أن يطور اللبنانيون أنفسهم الى الحد الذي يتحولون الى شركاء لإسرائيل في تعزيز قوتها وترسانتها العسكرية التي تهدد أبناء جلدتهم من اللبنانيين، وتحديداً تجاه «تهديد لبناني»، هو تطور قد يكون غير مسبوق.

أمس، كشفت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن شركة «أبو ظبي مار» الإماراتية، الرائدة في الخليج في بناء السفن، هي شريكة في بناء أربع سفن حربية من طراز «ساعر 6»، كانت إسرائيل قد وقّعت عقداً لبنائها مع شركة «تيسنكروب» الألمانية لحماية المنشآت الغازية الإسرائيلية من التهديدات الأمنية في عرض المتوسط. وكشفت الصحيفة أن عقداً بالمقاولة، وشراكة بينية، تربط الشركة الإماراتية بنظيرتها الألمانية، تلتزم بموجبه «أبو ظبي مار» المساهمة في هندسة السفن التي ستبنى في أحواض السفن المملوكة من الشركة.

الصلة اللبنانية ببناء القدرة العسكرية الإسرائيلية مرتبطة باتجاهين: ان الشركة الإماراتية «أبو ظبي مار»، مملوكة من مجموعة العين الدولية (الإمارات) بنسبة 70 في المئة، فيما يملك رجل الأعمال اللبناني، اسكندر صفا، 30 بالمئة من أسهمها، كما أنه يتولى منصب المدير العام والرئيس التنفيذي للشركة. أما الاتجاه الثاني، فإن الشركة الإماراتية، التي يديرها صفا، تدرك مسبقا بأن السفن التي تتولى بناء جزء منها في أحواضها، هي سفن حربية إسرائيلية.

يكشف تقرير «يديعوت أحرونوت» أن ما سماه «قصة غرام» بين الشركة الإماراتية «أبو ظبي مار» والألمانية «تيسنكروب»، بدأت عام 2009 من خلال اتصالات للتعاون الطويل الأمد. وفي نيسان 2010، وقعت الشركتان عقداً تنتقل بموجبه شركة بناء السفن التي تملكها «تيسنكروب» الى «أبو ظبي مار»، وتكون بين الجانبين «شراكة استراتيجية بالمناصفة» في قطاع بناء السفن العسكرية. مع ذلك، الشراكة كما يشير التقرير لم تنجح بالكامل، لكن بموجب صفقة بين الشركتين، انتقلت ملكية أحواض بناء السفن في مدينة كيل الألمانية الى «أبو ظبي مار»، التي غُيّر اسمها الى «أبو ظبي مار كيل».

يدير اللبناني اسكندر صفا الشركة التي ستُساهم في بناء السفن الإسرائيلية

في آذار 2015، قبل شهرين من الإعلان عن صفقة بناء السفن الحربية الإسرائيلية بموجب عقد بين إسرائيل و«تيسنكروب»، عمدت شركة «أبو ظبي مار كيل» الى تغيير اسمها من جديد الى German Naval Yards، إذ إن الشركة، كما يرد في تقرير «يديعوت أحرونوت»، أرادت إخفاء أي إشارة عربية من خلال اسمها، «كي لا تزعج» الصفقة المتبلورة بين إسرائيل والشركة الألمانية، الأمر الذي يشير الى إدراك مسبق، لا يخفى عن مديرها التنفيذي، بأن العقد الثانوي بالمقاولة المنوي تنفيذه يتعلق بسفن حربية إسرائيلية.

الصحيفة الإسرائيلية توجهت الى الناطق باسم German Naval Yards، الاسم الجديد للشركة الإماراتية، وسألت إن كان للشركة دور في بناء السفن الإسرائيلية، الإجابة كانت: نعم صريحة. أضاف الناطق أن الشركة تعمل مقاولاً ثانويا لشركة «تيسنكروب» للمنظومات البحرية، ودورها في الصفقة بينها وبين إسرائيل، هو المساهمة في هندسة السفن التي ستبنى في حوض كيل الألماني (المملوك من الشركة الإماراتية)، لافتاً الى أن حوض بناء السفن في كيل يحافظ على اتصالات مع إسرائيل، لكن من خلال «تيسنكروب».

في تعقيب على التقرير، قالت وزارة الأمن الإسرائيلية في بيان: «عقد شراء السفن تم توقيعه مع شركة ألمانية، وبتدخل مباشر من الدولة الألمانية التي موّلت ثلث قيمة الصفقة. قبل توقيع العقد، درس مجلس الأمن القومي (الإسرائيلي) حيثيات الصفقة للتأكد من عدم انتقال وتسرب معلومات سرية عن المشروع الى أي جهة ليست مخولة. لكن من المهم الإشارة الى أن حوض بناء السفن الألماني يبني السفن فقط، بينما يجري تركيب كل المنظومات في إسرائيل.

ويأتي تقرير الصحيفة الإسرائيلية، بعد يومين من تقرير صدر عنها أيضاً، أشار الى أن شركة استثمارات إيرانية حكومية، تملك أسهماً بنسبة 5 في المئة في شركة «تيسنكروب» الألمانية التي تبني أيضاً غواصات جديدة لمصلحة البحرية الإسرائيلية.

ومع أن «الكشفين» يبدوان في الظاهر متشابهين، لمن أراد تشبيههما، إلا أنهما في المضمون مختلفان جداً، الأمر الذي يفسر رد الفعل الإسرائيلي «المستهجن من رعونة وزارة الأمن الإسرائيلية ومجلس الأمن القومي والأجهزة الاستخبارية، التي صادقت على صفقة بناء غواصات بإمكان إيران الاطلاع على أسرارها كونها شريكة في أسهم الشركة الألمانية وإن كانت نسبة امتلاكها للأسهم مقلصة، فيما كانت ردة الفعل على الكشف الثاني، رغم المشاركة الفعلية للشركة الإماراتية في بناء السفن الحربية الإسرائيلية، مع علمها بذلك، تكاد تعادل صفراً، لانتفاء التهديد.

اسكندر صفا ووزير الدفاع اللبناني

اسكندر صفا، اللبناني وحامل الجنسية الفرنسية، يعد أحد أقطاب قطاع الشحن البحري وبناء السفن في أوروبا. يملك وشقيقه أكرم مجموعة Privinvest القابضة التي تحوز إضافة الى الـ 30 بالمئة من أسهم «أبو ظبي مار»، عدداً آخر من الشركات الفرعية المنتشرة في أوروبا، وهي تعد رائدة في صناعة السفن العسكرية والتجارية واليخوت، وتملك منشآت وأحواض بناء سفن متفرعة في الإمارات وألمانيا وفرنسا وإنكلترا واليونان.

اسكندر صفا هو شقيق صهر نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع اللبناني، سمير مقبل، ويرد في تقارير إعلامية، أن آن ماري سمير مقبل، ابنة الوزير مقبل، تملك أسهماً في مجموعة Privinvest، المملوكة من الأخوين صفا، والتي تنفذ مشروع السفن الحربية الإسرائيلية.

ويرد اسم صفا وشركاته، في مداولات الهبة السعودية (3 مليارات) الملغاة، بعد اختياره لبناء ثلاثة زوارق هجومية للجيش اللبناني من طراز «كومباتينت اف اس 46»، على أن يصار الى تعريتها من تسليحها وتجهيزها الأساسي. وقد تداول الإعلام في حينه، أن قيمة الصفقة مع صفا بلغت 200 مليون يورو، من أموال الهبة السعودية.