IMLebanon

دهر في ثلاثة أيام

من الواضح ان هناك «حرباً» نفسية واعلامية، تغذّيها ربما جهات خارجية بأدوات داخلية، لاشاعة اجواء من القلق بين اللبنانيين، على بعد ايام قليلة من جلسة مجلس النواب التي يرجّح بنسبة جازمة، انها ستفضي الى انتخاب العماد ميشال عون، رئيساً للجمهورية، ويجب الاعتراف بأن هذه الحملة نجحت في خلق بلبلة وتساؤل بين اللبنانيين، وتخوّف، قياساً على الماضي، من ان تكون مقدمة لارتكاب جريمة اغتيال شخصية من الشخصيات الموضوعة في دائرة الخطر، او افتعال حدث امني يؤدي الى سقوط ضحايا، او نشر فوضى كبيرة تمنع حصول الانتخاب في موعده المقرر.

يضاف الى حملة الشائعات والاخبار المفبركة هذه، ما تضخّه بنشعي من ان المفاجآت غير السارّة لن تكون بعيدة عن جلسة الاثنين، والاحتفالات بفوز عون، سابقة لأوانها، وان النائب سليمان فرنجية، المستمر في ترشيحه، «مرتاح تماماً» لمجريات الأمور، وتأتي تصريحات رئيس المجلس نبيه برّي، حول ان جلسة يوم الاثنين، ستشهد دورتي انتخاب، مع انه سبق لبرّي واعلن في مجلس النواب في اولى جلساته لانتخاب رئيس، ردّاً على سؤال للنائب سامي الجميل، ان الدورة الاولى قد جرت، واي انتخاب مقبل سيكون تبعاً لمفهوم الدورة الثانية، اي النجاح بالنصف زائداً واحداً، وهذا موثّق بالصوت والصورة، ليعود لاحقاً ويعلن بأن اغلاق محضر الجلسة، يعني بأن جلسة الانتخاب الاولى، كأنها لم تحصل، مع ان النائب والوزير السابق صلاح حنين، والمتخصص بالقضايا الدستورية، أكّد ان الرئيس بري، عندما اقفل المحضر، كان الهدف منه افتتاح جلسة ثانية للتشريع، وان الدورة الاولى ما تزال قائمة ودستورية، وكذلك كان موقف عدد كبير من الدستوريين، وما اعلان بري عن استعداده لعقد جلسة مخصصة لبحث ومناقشة هذا الامر، سوى محاولة ذكية من محاولاته لتأجيل جلسة الانتخاب في 31 الجاري، يخلق الله بعدها ما لا تعلمون.

* * * *

في المقابل ايضاً، يمكن القول بأن هناك عيوناً ساهرة لا تغمض، ولا تنعس ولا تنام، ترقب كل خطوة، وتدقق بكل كلمة، وهناك خلايا نحل تعمل ليلاً ونهاراً في معراب والرابية، لحماية الانجاز الكبير الذي توّج اولاً بصلحة معراب وبالنقاط العشر وبالتفاهم على العماد عون مرشحاً لرئاسة الجمهورية، وثانياً بانضمام تيار المستقبل، حليف القوات اللبنانية، الى خطوة تبنّي ترشيح عون، وفتح الطريق امامه الى مجلس النواب، ومن ثم الى قصر بعبدا مباشرة، واقول مباشرة لأن المعلومات تشير الى ان عون سيقسم اليمين الدستوري فور انتخابه، ويلقي خطابه الرئاسي الاول، ويتقبل تهاني النواب في قاعة المجلس، ويبدأ يوم الاربعاء الاستشارات النيابية الملزمة التي ستؤدي حتماً الى حصول سعد الحريري على تأييد اكثرية نيابية مريحة، تسمح له بتجاوز العراقيل المفتعلة لتشكيل حكومة منسجمة مع تطلعاته وتطلعات  العهد، واعلانها في مهلة اقصاها 20 يوماً، والاّ سوف يلجأ الى حكومة تكنوقراط تعمل في خلال الاشهر القليلة الباقية، على انعاش البلد، الذي بدأ فعلاً بالانتعاش منذ اعلان الحريري تبنّي ترشيح عون، والتحضير للانتخابات النيابية، التي سوف تنتج مجلساً نيابياً جديداً، وحكومة جديدة برئاسة من ترشّحه اكثرية النواب الجدد.

من اليوم وحتى يوم الاثنين، هناك وقت زمني قصير لا يتجاوز الثلاثة أيام، لكنه في نيّة من راهنوا على العماد عون، هو محطة تاريخية يفترض وفق طموحاتهم ان تنقل لبنان من حالة الى حالة، ومن عصر الى عصر، والاهمّ من الاحباط واليأس، الى التفاؤل والأمل.

قولوا انشا الله.