IMLebanon

كل شيء متاح حتى 20 حزيران… والا الفراغ

بعد انتهاء المهل الدستورية لدعوة الهيئات الناخبة للإنتخابات النيابية المقبلة اليوم في 21 آذار مع امتناع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التوقيع على المرسوم، وإعلان وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق بعد لقائه الرئيس عون في قصر بعبدا إنّ «ثلاث مسلّمات أصبحت أمراً واقعاً أوّلها أن لا إنتخابات من دون قانون جديد، وثانيها أنّ التأجيل التقني سيتمّ وفق فترة محدودة لا تتعدّى الأشهر القليلة، وثالثها أنّ النسبية، مجتزأة أو مختلطة أو كاملة باتت حقيقة واقعة»، تدخل البلاد في مرحلة جديدة ملتبسة قد تطول حتى حزيران المقبل.

لقد داهمت المهل الدستورية الجميع، حتى كلّ المسؤولين الذين تداعوا الى التلاقي خلال «الويك- أند» الفائت من أجل «استيلاد» قانون جديد للإنتخاب، وتجنّباً لإدخال البلاد في الفراغ. ولم يتمّ التوصّل الى قانون جديد للإنتخاب حتى الآن، وإذا بقي الوضع على حاله فقد تُجرى الإنتخابات وفق القانون النافذ أي قانون الستيّن، على ما يرى بعض المؤيّدين له، لا سيما بعد أنّ وقّع وزير الداخلية مجدّداً مرسوم دعوة الهيئات الناخبة تقيّداً بقانون الإنتخاب المرعي الإجراء ورفعه الى رئيس الحكومة سعد الحريري ليرفعه بدوره الى رئيس الجمهورية.

غير أنّ عدم توقيع الرئيس عون على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة، ومع دخول البلاد في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الولاية الممدّدة لمجلس النوّاب للمرة الثانية، فإنّه بعد تاريخ 20 حزيران يُصبح المجلس النيابي فارغاً، على ما تؤكّد أوساط سياسية مواكبة، إذ يُعتبر النوّاب عندها سابقون، ولا يعود لهم أي صفة تشريعية. وتشرح بأنّ الرئيس عون يرفض التوقيع على مرسوم دعوة الهيئات الناخبة ليس للوصول الى مرحلة الفراغ التي إن حصلت ستكون سابقة في تاريخ لبنان، إنّما لكي لا يُلزم القانون حُكماً الذهاب الى الإنتخابات في موعدها وفق القانون المرعي الإجراء أي قانون الستين.

ومن أجل تفادي الفراغ، يُمكن اعتبار أنّ مجلس النوّاب قد حُلّ كون ولايته الممدّد لها مرتين قد انتهت، فتجري عندها الإنتخابات وفق الدستور في مهلة لا تتجاوز الثلاثة أشهر وفق القانون النافذ، أو وفق القانون الذي تمّ الإتفاق عليه قبل انتهاء ولاية المجلس الحالي. وفي أسوأ الأحوال، تعمد الكتل النيابية للتمديد لنفسها لمرة ثالثة وأخيرة، علماً أنّ مثل هذا القرار سيفتح باب المواجهة مجدّداً بين الشعب ومجلس النوّاب، وهو خيار مستبعد بشكل كبير.

وتقول الأوساط ذاتها بأنّ الرئيس عون قد قام بهذه الخطوة من أجل تشجيع السياسيين على الإسراع في الإتفاق على قانون جديد، غير أنّها لم تؤثّر إيجاباً على مسار المفاوضات بين الكتل النيابية إلاّ في الأيام الأخيرة إذ تكثّفت اللقاءات الثنائية (الحريري- فرنجية والحريري- جعجع) والرباعية (التيّار الوطني الحرّ- المستقبل- أمل وحزب الله) من دون أن ينتج عنها شيء ملموس. غير أنّ الأوساط نفسها تبدي تفاؤلاً بقرب ولادة القانون الجديد في شهر نيسان المقبل على أبعد تقدير، خصوصاً إذا ما حُلّت عقدة رئيس اللقاء الديموقراطي وليد جنبلاط، وتمّ استرضاء حزب القوّات اللبنانية، مشيرة الى أنّ الأسابيع المقبلة ستكون حاسمة في هذا الموضوع، وستظهر نتائجها للعلن.

وتنطلق الاوساط من كون السياسيين يعون ضرورة عدم إدخال البلاد في أي أزمة سياسية بعد الإنجاز الذي حصل مع انتخاب العماد عون رئيساً، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الحريري، ولهذا فهم سوف يتحمّلون المسؤولية، على ما شدّدت الاوساط، ويقومون بما في وسعهم لعدم إدخال البلاد في الفراغ. علماً المجتمع الدولي، في المقابل، يعوّل على إجراء الإنتخابات النيابية في لبنان في موعدها من أجل المحافظة على الأمن والإستقرار في هذا البلد، رغم كلّ ما يعانيه من النزوح السوري الكثيف، كما التحديات التي يواجهها بفعل الإرهاب جرّاء تداعيات الأزمة السورية عليه، خصوصاً بعد أن استجمع قواه وأعاد الحياة لمؤسساته الدستورية من رئاسة الجمهورية الى مجلس الوزراء. ولا تكتمل هذه السلسلة، من وجهة نظره، من دون رؤية مجلس نيابي جديد يمثّل جميع شرائح الشعب اللبناني تمثيلاً حقيقياً.

ولهذا فإنّ ما شهده الجبل يوم الأحد الفائت وأظهر أنّ الدروز معارضون للحكم والعهد، فضلاً عن مشهد ساحة رياض الصلح حيث تظاهر المدنيون معبّرين عن رفضهم للضرائب الجديدة، لن يُشكّلا عنوان المرحلة المقبلة، خصوصاً وأنّ مثل هذه الأمور تضرب العهد ولا تعطي انطباعاً جيّداً للمجتمع الدولي الذي يُراقب كلّ ما يجري على الساحة المحلية. والنائب جنبلاط الذي يُحاول مجدّداً التغريد بعيداً عن حلفائه سيعود قريباً الى السرب بفضل علاقته المميّزة مع قوى سياسية في 14 آذار أبرزها الرئيس الحريري، ولأنّ لا خيار لديه سوى الموافقة على إجراء الإنتخابات وفق قانون جديد خصوصاً إذا ما اتفقت حميع القوى على المختلط بين النسبي والأكثري، على أن تُراعى بعض الخصوصيات، كالخصوصية الدرزية إرضاء لجنبلاط.

أمّا الملفات الكثيرة التي تضغط على الحكومة الحالية فلا بدّ، بحسب رأي الاوساط، من السير فيها تباعاً، فإنهاء قانون الإنتخابات هو الضرورة الأولى، ويُمكن بعده العودة الى إقرار السلسلة ومواجهة أزمة النزوح السوري وسواها، بعد وضع الصيغة النهائية له. فالحكومة التي شُكّلت من أجل تمرير الإنتخابات النيابية لم يكن عليها، على ما ألمحت، الدخول في موضوع الموازنة العامة والسلسلة قبل التوافق على قانون الإنتخاب، الأمر الذي جعل الملفات تتعثّر.

واشارت الاوساط الى إنّ التوافق يبقى أفضل من تقاسم الحصص لأنّ تفصيل القانون الإنتخابي على قياس القوى السياسية سيجعل بعض الناخبين يحجمون عن التصويت، ويزيد من نقمة الشعب على السياسيين. علماً أنّ كلّ طائفة لا تقبل بالإستغناء عمّا لها من عدد نوّاب في المجلس النيابي وهي تعمل جاهدة في أي قانون جديد للحفاظ على هذا العدد، كون خسارة بعض المقاعد يُضعفها ولا يقوّيها في بلد بات يضمّ الأقليات.