IMLebanon

توقعات غير متوقعة لعام 2017

يوم الجمعة الموافق 20 كانون الثاني (يناير) المقبل، يغادر الرئيس باراك أوباما وعائلته البيت الأبيض بانتظار حلول الرئيس الجديد دونالد ترامب وأفراد عائلته مكانهم.

يوم الخامس من الشهر الجاري أقيمت آخر حفلة تكريم للرئيس أوباما والسيدة الأولى ميشيل. ولمّح الرئيس، في كلمة الشكر، إلى نيّته مغادرة واشنطن للسكن في كاليفورنيا حالما تنهي ابنته الصغرى سنتها الدراسية في العاصمة. وذكرت الصحف أنه تعاقد مع إحدى دور النشر على كتابة مذكراته لقاء مبلغ خيالي لم يعرفه من قبل أي رئيس آخر.

والثابت أن ولوج عتبة البيت الأبيض لن يكون أمراً سهلاً على خلفه دونالد ترامب. والسبب ليس كثرة عدد أفراد العائلة كما يتبادر إلى الأذهان، بل كثرة التعقيدات القانونية التي تحيط بقرار الانتقال. ذلك أن القانون الأميركي يلزم كل رئيس جديد بضرورة الإعلان عن تخليه عن مصالحه التجارية والربحية. وبما أن ترامب يملك في العاصمة فندقاً فخماً يحمل اسمه «ترامب انترناشيونال»، فإن أربعة نواب من الحزب الديموقراطي كتبوا إلى الإدارة ينبهونها إلى محاذير تأجيل عملية التنفيذ التي وعد بها، أي الإعلان يوم 30 تشرين الثاني (نوفمبر) عن تنازله عن إدارة أعماله التجارية إلى نجليه أريك ودونالد – جونيور. علماً أن عقد الإيجار كان قد سجله باسم ابنته إيفانكا. وهي حالياً تستعد للانضمام إلى الإدارة الجديدة كموظفة رسمية.

المراقبون في العواصم الأوروبية والعربية يتوقعون حدوث اضطرابات واغتيالات وخطف طائرات، وكل ما يزيد من حدة التوتر بين الدول العربية من جهة وإسرائيل والولايات المتحدة من جهة أخرى. كما تزيد بالتالي هيمنة التيارات الراديكالية من أمثال حماس والجهاد الإسلامي وجماعة عزالدين القسّام.

كل هذا خلال عهد الرئيس ترامب الذي دشن ولايته بتعيين محاميه ومستشاره ديفيد فريدمان سفيراً لأميركا لدى إسرائيل. وفي أول تصريح له لصحيفة «جيروزالم بوست»، أكد فريدمان أنه سيعمل على تحقيق أمنية الرئيس الذي وعد بنقل مركز السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، التي تعتبرها إسرائيل «عاصمتها الأبدية الموحدة».

وحذر أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات من تداعيات هذا التحدي، مشدداً على أن قراراً كهذا سيدمر عملية السلام. وتشير الوقائع على الأرض إلى إخفاق كل المحاولات الديبلوماسية التي أجريت في سبيل تنفيذ مشروع حلّ الدولتين. أي المشروع الذي أفرزته اجتماعات أوسلو قبل 23 سنة. وقد جربت فرنسا إحياءه من طريق تجديد المفاوضات، ولكن إسرائيل خذلتها. كذلك خذلت موسكو عندما حاولت التوسط بين رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ورئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتانياهو.

في أيلول (سبتمبر) الماضي، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أن حلّ الدولتَيْن – بحسب اتفاق أوسلو – قد يُطوى إلى الأبد، ويُستبدَل بأمر واقع خلاصته قيام دولة مجبولة من عنف مزمن واحتلال متواصل. وكان بهذا الكلام يؤكد تزايد عدد اليهود في المستوطنات، بحيث ارتفع في الضفة الغربية من 150 ألف نسمة عام 1995 إلى 400 ألف، من غير احتساب 250 ألف مستوطن يعيشون في القدس.

أعلن زعيم الحزب القومي الديني «البيت اليهودي» وزير التربية نفتالي بينيت، أن انتخاب ترامب في أميركا هو فرصة تاريخية لدفن اتفاق أوسلو. واقترح على الفلسطينيين في «المنطقة جيم» الحصول على الجنسية الإسرائيلية لأقل من مئة ألف نسمة. ثم طلب من نتانياهو ضم كبرى الكتل الاستيطانية إلى الدولة العبرية.

تقول صحيفة «الموند» الفرنسية إن الخلاف بين «فتح» و «حماس» انتهى إلى نشوء منطقتَيْن فلسطينيتَيْن في الضفة الغربية وقطاع غزة. وهي تتوقع ولادة دولتين وإنما على ما تبقى من أرض الضفة الغربية. والسبب أن نتانياهو يسعى إلى زيادة عدد المستوطنين من 650 ألف نسمة إلى مليون في عام 2020، أي خلال أربع سنوات. ونتيجة هذه الزيادة توازن لقيام دولتين، واحدة للمستوطنين وأخرى للفلسطينيين. وقد انتقد العمالي يوسي بيلين هذه الصيغة الخيالية، وقال إن نتانياهو يريد إضاعة الوقت لكي يصبح حل الدولتين متعذراً.

خلال الشهرين الأخيرين تمكنت القوات العراقية من استعادة بعض المناطق التي يسيطر عليها تنظيم «داعش»، بدعم من ضربات جوية للائتلاف الدولي الذي تقوده واشنطن. ولكن الإرهابيين ما زالوا يسيطرون على مناطق واسعة، وعلى جزء كبير من مدينة الموصل.

والسبب، كما حدده الفريق الركن عبدالغني الأسدي، أن الجيش العراقي يتقدم في عملية التحرير بكل عناية وبطء حرصاً على مئات الآلاف من المدنيين المختبئين في منازلهم المحاصرة، والذين يزيد عددهم على 600 ألف شخص. وقال أيضاً إن القوات الحكومية نجحت في تحرير أكثر من أربعين شارعاً، إضافة إلى 56 حياً في الجانب الشمالي من المدينة.

الرئيس أوباما يرغب في أن تتحرر الموصل قبل أن يغادر البيت الأبيض. وهو متخوف من تردي الأوضاع في الشرق الأوسط، إذا ما استمر خلفه ترامب في تهديد سكان المنطقة. ويرى السفير الأميركي السابق زلماي خليل زاد أن إحراز نصر عسكري في الموصل، وغيرها من المدن السنيّة العربية، يحتاج إلى وضع خطة شاملة لإعادة الإعمار وإيجاد مساكن لملايين العراقيين المهجرين.

إضافة إلى العمل على حل المشكلة الاقتصادية، فإن العراق يسعى إلى بناء علاقات صداقة مع إيران، لا أن يتحول إلى ساحة مشرّعة لتناحر الطامحين إلى السلطة من أمثال مقتدى الصدر وزعماء «حزب الدعوة» و «منظمة بدر».

تقدّر الأعداد التي تتحرك داخل الموصل بأكثر من مليوني شخص. وهم ينتظرون بقلق قدوم الميليشيات الشيعية التي تسمّى «الحشد الشعبي» التي تقوم بتوسيع سيطرتها على شرق المدينة.

ومثلما هي الحال في حلب، فإن الخوف في الموصل ليس محصوراً بمقاتلي «داعش» فقط، وإنما الخوف من تصفية الحسابات عندما تدخل الميليشيات الشيعية إلى مناطق الحرب. وقد مارست هذه الميليشيات فظاعاتها في أماكن أخرى تم تحريرها.

الشهر الماضي، أصدر البرلمان العراقي قانوناً جديداً يهدف إلى إعادة ترتيب دور الميليشيات وضرورة إخضاع مهماتها لأوامر الجيش النظامي. ويُقال إن رئيس الحكومة حيدر العبادي هو الذي أوحى بتمرير القانون. والمؤسف إنه لاقى بعض الاعتراض من جماعة منافسه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

الدول الأوروبية – وخصوصاً إيطاليا – تتطلع بقلق إلى مستقبل ليبيا كونها تحولت إلى ملاذ لتنظيم «الدولة الإسلامية» بعدما وقعت تحت سيطرة ميليشياتها في حزيران (يونيو) 2015. وقد اختار هذا التنظيم مدينة سرت ليقوم بتحويلها إلى قاعدة خلفية لاستقطاب المقاتلين الأجانب، وتدريبهم على شن هجمات في الخارج.

وقد حظيت هذه المدينة لأكثر من أربعة عقود بمكانة مميزة باعتبار أنها مسقط رأس الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. وخلال الانتفاضة الشعبية عام 2011، سقط القذافي بأيدي الثوار الذين أعدموه بالرصاص داخل السيارة.

رئيس حكومة الوفاق الليبية فايز السراج أعلن رسمياً السبت الماضي تحرير مدينة سرت من سيطرة تنظيم «داعش». ولكنه حذر من الغرق في التفاؤل، مؤكداً أن الحرب ضد الإرهاب ما زالت مشتعلة في أماكن أخرى من ليبيا، وأن الحكومة عازمة على المضي في حركة التحرير. ومن المؤكد أن تحرير سرت سيعزز موقع السراج الذي يحاول منذ آذار (مارس) الماضي بسط نفوذه على كامل أجزاء البلاد. واللافت أن في ليبيا حالياً حكومتين: الأولى، برئاسة السراج ومقرها طرابلس… والثانية بقيادة الفريق أول ركن خليفة حفتر ومقرها بنغازي.

بعد التعكير الأمني الذي أقلق الأردن بسبب أحداث مدينة الكرك، تبين للحكومة اللبنانية أن تنظيم «داعش» يمكن أن يضرب في أي مكان بطريقة عشوائية، مثلما فعل في تركيا وألمانيا وسويسرا. لذلك طلب من الجيش وقوى الأمن اتخاذ الإجراءات المطلوبة لضمان سلامة المواطنين.

وتبين من تغريدة رئيس «اللقاء الديموقراطي» وليد جنبلاط أنه متخوف من فرض قانون انتخابي يمكن أن يجرده من نواب كتلته. لذلك انتقده مسبقاً بالقول: كفى تنظيراً وتطبيلاً حول «نسبية» ملزمة، وإلا بطل التمثيل. لسنا بقطيع غنم ليسلم مصيره وسط هذه الغابة من الذئاب.

وحول هذا الموضوع، يلتقي الرئيس ميشال عون مع «حزب الله» ونبيه بري، على الحاجة إلى قانون جديد يساهم في التخفيف من وطأة الاصطفاف الطائفي والمذهبي. وهذا يستدعي بالضرورة العمل بقانون يجعل من لبنان دائرة انتخابية واحدة على أساس النظام النسبي، وإسقاط قانون عام 1960 الذي مضى العمل بموجبه أكثر من خمسين سنة.

ونبه جنبلاط من خطورة استخدام النظام النسبي بغرض استقواء فريق على فريق آخر، مشيراً إلى صعوبة تطبيق النسبية في الوقت الحاضر. وفي رأيه، إن ما يكتب على الورق لن يكون كافياً لوضع آلية تسهل تطبيقه من دون شوائب.

نهاية عام 2016 حملت للعالم مفاجآت غير متوقعة، بينها مقتل السفير الروسي في تركيا أندريه كارلوف، وإقدام شاب تونسي يدعى أنيس العامري على استخدام شاحنة لدهس المارة في سوق احتفالات الميلاد في برلين.

وكان من الطبيعي أن يعقد ممثلو الدول المتورطة في حرب حلب اجتماعاً في موسكو، حضره الروسي والإيراني والتركي، من أجل إعادة تنسيق المواقف العسكرية على الساحة السورية. خصوصاً أن فصائل المعارضة السورية بدأت تلوح بفتح جبهة إدلب. صحيح أن القوات الروسية، بالتعاون مع قوات النظام، تحصنت وراء خطوط دفاع قوية… ولكن الصحيح أيضاً أن مقاتلي جبهة «فتح الشام» – فرع «القاعدة» السوري – يستعدون لشن حرب شرسة في محافظة إدلب. ويقول «معهد دراسات الحرب» إن هناك أكثر من خمسين ألف مقاتل يتجمعون تحت لواء «جيش الفتح».

ويركز الرئيس بشار الأسد على ضرورة ربح معركة إدلب، والاحتفاظ بجسر الشغور، كونها تمثل المركز الحيوي لمعقل النظام العلوي، إضافة إلى القواعد العسكرية الروسية المنتشرة حول اللاذقية.

ويُستدَل من هذه التوقعات أن عام 2017 سيكون غنياً بالمفاجآت، ومضرجاً بدماء القتلى، مثله مثل أخيه المشرف على الأفول!