IMLebanon

كلام صريح في كل الاتجاهات …  ما يليق بلبنان: أطول ثورة في التاريخ !

عندما يغلي الوطن بالأحداث ويصل الى مفترق تاريخي، يسقط خطاب المجاملات، والمصافحات بقفازات حريرية. وهنا كلام صريح في كل الاتجاهات، ينطوي على شبه اعتذار اذا اعترته أحياناً شبهة وقاحة… ورضي من يرضى، وزعل من يزعل! وهذا كلام موجه أولاً الى هيئات المجتمع المدني… لقد أطلقتم، ما يبدو للوهلة الأولى، أنه ارهاصات ثورة اجتماعية لم يسبق لها مثيل في تاريخ لبنان الاستقلالي. وهذه مسؤولية عظيمة تتحملونها أمام شعبكم وأمام التاريخ. وهذا يقتضي ايضاح حقائق أولاً، ومصارحة معكم ثانياً…

***

١- ما تقومون به اليوم هو أكثر من صرخة وجع وأقل من ثورة، في مواجهة أوضاع متدهورة لم تعد تطاق. وأول ما ينبغي أن تعرفوه أن أعمق الجذور في لبنان اثنان: جذور الأرز في الأرض، وجذور الفساد في الدولة! ولا يغشنكم أن صرختكم وجدت أصداءها الطيبة والحماسية في قلوب اللبنانيين داخل الوطن وبلدان الانتشار… فهذا الاجماع الشعبي على نداء الاصلاح، يقابله اجماع أكثر شراسة وفتكاً واقتداراً لدى أهل الفساد، ولديهم من المكر والخداع والدهاء ما يتيح لهم أكل لحومكم وقرقشة عظامكم وأنتم أحياء!

***

٢- كل هؤلاء الذين هبّوا لتلبية النداء من الشبان والشابات والفتيان والشيوخ والكهول وحتى العجّز، تجمع بينهم حقيقة يجب ألا تغيب عن ذكائكم، وهي ان كل واحد منهم ترك هويته الطائفية والمذهبية والحزبية والسياسية في المنزل، ونزل الى الساحة لنيل هوية الثورة الاجتماعية ضد الفساد من أجل الاصلاح وتغيير الحال الى الأفضل. وهذا يعني أن من شروط نجاح الثورة الاجتماعية أن تبقى اجتماعية ١٠٠% بمضمونها ومحتواها وأهدافها، دون شبهة ولا شكوك.

***

٣- الخطر الأعظم الذي يهدد بتدمير الثورة الاجتماعية في مهدها هو تسييسها من الفاسدين في النظام الطائفي، والأخطر من المندسين داخل الثورة الاجتماعية نفسها! الناس تعرف بملايينها أسماء الفاسدين فرداً فرداً، فتجنبوا أنتم الدخول في أسماء الزعماء… لأن ذلك سيؤدي الى ايقاظ الغرائز لدى من تركوها في البيوت، فيرتدون عن الالتحاق بالثورة والعودة الى حيث كانوا! ومن يريد من بين صفوفكم أن يصر على الشعارات السياسية، فليخرج من بينكم وليفتح ثورة سياسية على حسابه الخاص بعيداً عن الثورة الاجتماعية!

***

٤- عندما تثورون على الدولة الفاسدة والظالمة وتطالبونها بالعدل، فمن أوجب الموجبات الا تكونوا انتم في الثورة من الظالمين. حسن نصرالله ليس فاسداً، واذا أصاب أو أخطأ في السياسة فهذا ليس شغلكم. وميشال عون ليس فاسداً،. واذا أصاب أو أخطأ في السياسة فهذا ليس من شأنكم. وعندما تنجحون بدحر الفساد ملفاً بعد ملف، سيمدكم هذا بالقوة لفتح ملفات الاصلاح السياسي لاحقاً. مهمتكم العاجلة الآن ليست اسقاط الحكومة، ولا دعوة وزير الداخلية الى الاستقالة. وأنتم لا تعرفون عميقاً نهاد المشنوق. وهو رجل دولة يتحمل حتى مسؤولية أخطاء غيره ممن هم تحت صلاحياته…

***

٥ – من أمر ببناء الجدار الاسمنتي في ساحة رياض الصلح، هو نفسه من أطلق ثريات القنابل المسيلة للدموع وخراطيم المياه والرصاص الحي على المتظاهرين، وهم من دائرة المحيطين بأركان الفساد لتبييض وجوههم وأخذ لحسة من الكعكة! وما طرأ لاحقاً على سلوك القوى الأمنية من معاملة حضارية مع المتظاهرين في مقابل سلوك حضاري من المتظاهرين يظهر جانباً من الحقيقة… اسألوا نهاد المشنوق!

***

٦- يحق لكم فقط كثورة اجتماعية بمساءلة وزير البيئة لأنه كان رمز انطلاق ثورتكم ضد النفايات. ومحمد المشنوق في موقع قد يستحق الرثاء له. وهو كان رجلاً صاحب سمعة عطرة خارج السلطة… ولكنهم استغشموه ودندلوه! وقد لا يكون محمد المشنوق فاسداً في حد ذاته، ولكن خطيئته الكبرى كانت في أنه رضي بأن يكون طربوشاً يغطي قرعة الفاسدين، فيستحق كل المساءلة اذن، لأنه يرتبط ارتباطاً عضوياً بالثورة الاجتماعية ضد الفساد، ولأن اداءه كان كارثياً في وزارة البيئة!

***

٧ – لا تفقدوا البوصلة ولا تخطئوا في قراءة الاتجاه… شرط نجاح الثورة الاجتماعية أن تبقى اجتماعية من لحظة انطلاقها الى لحظة تحقيق اهدافها. وكل ثورة تحتاج الى استراتيجية عمل على المدى الطويل. الثورات المقتبسة من مجتمعات الشعب يريد اسقاط النظام، ستقود الى ان تحفروا قبر الثورة الاجتماعية بأيديكم! لبنان يحتاج الى ثورة اجتماعية مستمدة من عبق اريج الأرز وصنوبراته وروائح تراب الأرض المفلوحة في ربوعه. واذا كانت دولة لبنان محتلة بالفساد فطريق الثورة الاجتماعية هو تحريرها ملفاً ملفاً، وقطاعاً قطاعاً مهما طال الزمن… نبدأ بالقمامة والضغط الشعبي سيقود من في السلطة الى الرضوخ للحل القانوني الصح بتسليم المهمة الى البلديات. وعندما يتحقق ذلك ننتقل الى ملف الكهرباء وهكذا… وهذا يعني أن تكون الثورة الاجتماعية نمط حياة يومي الى أن يتحقق الاصلاح الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي… وما يليق بلبنان نمط حياة ثوري يومي لاطلاق أطول ثورة في التاريخ!

***

٨- طرأ جديد يمكن أن يكون مبهراً… أهل النظام سيجتمعون الى طاولة حوار تلبية لنداء الرئيس نبيه بري. هذا قائد يجمع في ذاته الصفتين: فهو رجل من داخل النظام يمد يده الى الاصلاح الاجتماعي والسياسي لأنه يتمتع بصفة أخرى… فهو رفيق كفاح إمام المحرومين موسى الصدر، وهو حامل الأمانة الى حين عودة الإمام ورفيقيه من الأسر. وكلما دعمتم نبيه بري بالمطالب الاجتماعية في الساحات، استصدر لكم قوانين الاصلاح الاجتماعي والسياسي على طاولة الحوار!

———

وقعت أخطاء مطبعية عديدة في مقال يوم السبت الماضي، وأكثرها مدعاة للأسف ما ورد خطأ في الجملة الأخيرة من المقال، وصوابها هو: نبيه بري هو يوحنا لبنان في هذا الزمان…