IMLebanon

عين «حزب الله».. على القنيطرة لإبعاد شبح الداخل

منذ أن استهدفت إسرائيل موكبا تابعا لـ«حزب الله» والحرس «الثوري الإيراني» في ريف القنيطرة منذ نحو ستة أشهر والذي قضى فيه العضو في الحزب جهاد مغنية مع عنصرين آخرين بالإضافة إلى ضابط إيراني، دخلت هذه المنطقة ضمن بقعة ضوء الأحداث السورية بحيث بدأت تتكشّف أكثر فأكثر أهميّتها بالنسبة إلى طرفي النزاع، النظام السوري والحرس «الثوري الإيراني» و«حزب الله» من جهة، والفصائل السورية المسلحة من جهة أخرى.

مع تمدد «حزب الله» ضمن المناطق السورية، تحوّلت القنيطرة إلى نقطة بالغة الأهميّة بالنسبة إلى الحزب كونها تقع على تماس مع المناطق التي تحتلها إسرائيل في الجولان إضافة إلى التصاقها بالجنوب السوري كـ«درعا» حيث معقل الفصائل السورية المسلحة وبالجنوب اللبناني لجهة سفوح جبل الشيخ. لكن أهميّتها الكبرى تكمن في وجود أكثر من عشرين فصيلاً سوريّاً فيها تجمعهم غرفة عمليات واحدة لا تُلهيهم المعارك الجانبية عن معركتهم الأساس مع جيش النظام السوري والحزب إضافة إلى أنها تتصل جغرافيّاً بالعاصمة دمشق وتحديدا الغوطة الغربية وهو ما استدعى ايران منذ فترة تكليف قائد «فيلق القدس» الجنرال قاسم سليماني وقائد عمليات الحزب مصطفى بدر الدين قيادة المعركة هناك لصد الزحف الذي كانت بدأت الفصائل تنفيذه لإحتلال دمشق قبل أن توقف عملياتها لأسباب قيل أنها تتعلق باللعبة الدولية.

منتصف الاسبوع الماضي، استهدف الطيران الإسرائيلي سيارة في بلدة حضر الواقعة بمحاذاة الجزء الذي تحتله اسرائيل من هضبة الجولان، كان يتواجد بداخلها عناصر تنتمي إلى «الدفاع الوطني» التابعة للنظام، وسط معلومات تحدثت أيضاً عن سقوط عنصرين من «حزب الله» في العملية نفسها من دون ان يؤكد الحزب الخبر لكي لا يضطر إلى فتح جبهة مع إسرائيل في الوقت الحالي، ليعود وينعاهما لاحقاً على أنهما سقطا في الزبداني.

تحركات «حزب الله» عند أطراف القنيطرة وبالقرب من الحدود مع الجولان، تشي بنوايا قد تكون مرتبطة بفتح جبهة جديدة في المستقبل، خصوصاً في ظل المعلومات التي تتسرب بين الحين والآخر عن نيّة الحزب بفتح جبهة شبعا لإبعاد الضغط العسكري الذي تمارسه الفصائل السورية المسلحة على العاصمة دمشق وتحسباً من سقوط بلدة حضر السورية والقرى الملاصقة لها بيد المعارضة مما سُيسهل عليها فتح طريق باتجاه الحدود اللبنانية -السورية ودائماً بحسب تسريبات مُنظرين عسكريين وإستراتيجيين مؤيدين لـ«حزب الله».

في علم العسكر عند «حزب الله»، فان أي ضربة تستهدفه خارج حدود أرضه، يعتبرها مصدر قوّة لا ضعفاً، فحصول أمر كهذا في القنيطرة يُحرّره من الضوابط الدولية المفروضة عليه في الداخل اللبناني بموجب القرار 1701.

هذا التصور يؤيده المُحلّل العسكري والإستراتيجي العميد المتقاعد نزار عبد القادر، لا بل يزيد عليه بقوله «القنيطرة إلى جانب رمزيتها، فإن إعادة إحتلالها من قبل النظام السوري أو «حزب الله» من شأنها أن توجد جبهة جديدة بين إسرائيل والحزب، جبهة لا تخضع لإعتبارات كتلك التي تخضع لها الحدود اللبنانية- الاسرائيلية وتحديدا مزارع شبعا، وهي جبهة ستكون متحررة من كل الضوابط بشكل يُمكن ان يجعل منها لاحقاً نقطة إحتكاك مباشر بين إسرائيل والممانعة».

أهمية القنيطرة بنظر عبد القادر أنها «موقع إستراتيجي بالغ الأهمية وإسم تاريخي في الصراع بين إسرائيل وسوريا، إضافة إلى أنها عاصمة الجولان كما أنها تطل على بداية طريق رئيسي باتجاه دمشق». وعن اهميّتها بالنسبة إلى «حزب الله» يوضح « أهميّتها في هذه النقطة أنها تقع عند كعب الجنوب الشرقي لجبل الشيخ وتحديدا من المقلب الشرقي السوري. هي ليست متاخمة مباشرة لمزارع شبعا اذ تفصل بينهما سفوح وجبال، ولكن في ظل التطورات الأخيرة في الجولان ودخول الحرس الثوري الايراني إلى بعض أطرافها وبعد سيطرة الفصائل السورية على أجزاء واسعة منها، وخصوصاً جبهة النصرة وبعد الغارة الاسرائيلية التي كان سقط فيها ضابط إيراني وجهاد مغنية، كل هذا يؤشر الى أهمية جبهة الجولان في الفترة القادمة والتي يُمكن أن تختصر بحيثياتها واهميتها مجمل الحرب في سوريا».

لا يُعطي عبد القادر أهمية زائدة لمكانة سمير القنطار العسكرية أو الأمنية في ما يحصل في الجولان والقنيطرة رغم احترامه لتاريخه المقاوم وكونه اسيرا سابقا لدى إسرائيل التي افرجت عنه «بصفقة مع حزب الله». ويقول: «وجود القنطار أو عدم وجوده هو أمر عادي خصوصا وأنه لا يمتلك كفاءات أو صفات قيادية لا في الحزب ولا في الحرب بحد ذاتها، وقد يكون دوره مقتصراً على إيجاد فئة تؤيّد العمل المسلح تحت عنوان محاربة إسرائيل ضمن مناطق وبيئة محددة هو ينتمي اليها وإن بأسماء مختلفة كالدفاع الوطني او المقاومة السورية لتحرير الجولان».

لكن ماذا عن مستقبل جبهة القنيطرة؟ يُجيب: «هي جزء من الحرب القائمة ومصيرها مرتبط بمسارها، لكن أوّلاً وأخيراً علينا أن ننظر إلى مدى تقبل إسرائيل على المدى البعيد بوجود قوة متعاظمة على حدودها هي حزب الله والحرس الثوري الايراني».

الجميع متفق على أن «حزب الله» بغنىً عن فتح أي معركة مع إسرائيل في ظل الحرب التي يخوضها في سوريا، وقد تُرجم ذلك أكثر من مرّة عندما كانت الطائرات الإسرائيلية تستهدف مواكبه وقافلاته العسكرية والأمنية في الداخل السوري. أمّا في ما يتعلق برد الحزب على إغتيال إسرائيل مغنية الإبن في مزرعة الأمل بالقرب من الجولان، فجميع المؤشرات تؤكد أن الرد جاء من منطلق حفظ مياه الوجه أمام جمهور الحزب الذي لم يقتنع بحجم الرد على إغتيال مغنية لما يمثله على الصعيد المعنوي والوجداني بالنسبة اليهم.