IMLebanon

عين الجيش على «عين الحلوة»… المراوغة لن تنفع وعلى القيادة الفلسطينية تسليم ارهابيي الصف الاول

أحاطت المعطيات السياسية التي تجمعت دفعة واحدة في غضون الساعات الماضية، في الاجواء المحلية، الثلاثية الحوارية المنتظرة مطلع الاسبوع ،بمناخات غير مشجعة،من التصعيد السياسي المستجد على جبهة المستقبل-حزب الله على خلفية موقف الاخير من السعودية، الى الامني المترنح عند المدخل الشمالي لعاصمة الجنوب ، في عين الحلوة ،وسط غياب المعالجات الجذرية والجدية لظاهرة الارهاب الواجب أن تتكامل فيها العناصر العسكرية والسياسية مع الاجتماعية والمادية والدينية.

في مقابل المعلومات المتداولة بقوة في الاعلام حول مخططات إرهابية تعدّ لها جهات متشددة موجودة في مخيم عين الحلوة، لضرب استقراره وتوتير الامن في صيدا، بما تمثله من بوابة الى الجنوب، تؤكد جهات أمنية عليمة بواقع المخيم صحة السيناريوهات واوامر عمليات الجاري تداولها،بين بعض الجهات المتطرفة المتحصنة في حي الطوارئ في المخيم، والتي بايعت «داعش» ،أو تتبنى فكرا أصوليا متشددا، ومنها جند الشام، تحت قيادة بلال بدر وعماد ياسين،ما يرفع المخاوف من اعمال تخريبية، فارضا استنفار المعنيين لمتابعة الوضع في المخيم عن كثب ، حيث تجمع المصادر المطلعة من فلسطينية ولبنانية،على كواليس على ما يجري الاعداد له، ان ما يجري في عين الحلوة على درجة عالية من الخطورة، رغم ان الاجهزة الامنية تضعها تحت مجهرها وتراقبها عن كثب، ما يجعل إقدامها على أي عمل تخريبي أمرا صعبا، وخير دليل على حجم الحصار المفروض على هذه المجموعات، قيام البعض من انصار الاسير بتسليم انفسهم تباعا الى الجيش اللبناني، وسط ابتعاد عن الاعلام وبطريقة سرية، عن طريق شيخ فلسطيني يقيم في صيدا.

واقع الامن غير المستقر والهش في المخيم، وان كان مضبوطا بفعل الجهود الاستثنائية التي تبذلها القوى الامنية والعسكرية اللبنانية، بحسب المصادر، كما الحوادث الامنية شبه اليومية، يفرض ضرورة الاسراع في المعالجات وعدم «تمييع» القرارات ومحاولات كسب الوقت، ما قد تستفيد منه المنظمات الاصولية المتشددة وبعض المؤيدين للفكر الداعشي واخواته في المخيم وخارجه، مشيرة الى ان السيطرة على بعض العناصر التي تسللت الى عين الحلوة واتخذت من بعض شوارعه وأزقته مقار لترتيب وتنفيذ مخططات قد تكون في طور التفكير في تنفيذها، باتت قاب قوسين او ادنى من ان تفقد.

ورغم تسريب اوساط اسلامية من داخل المخيم، تفاصيل ميثاق الشرف الموقع بين القوى الاسلامية و«الشباب المسلم» من «جند الشام وفتح الاسلام» وغيرها من المجموعات المتشددة، التي تعهدت عدم قيام المجموعات التكفيرية الارهابية في المخيم بأي عمل امني او عسكري في داخله او اي استهداف للجوار اللبناني المحيط بالمخيم او الجيش اللبناني ووقف عمليات التصفية والاغتيالات التي تقوم بها ضد كوادر فتح ومؤيديها،لفتت مصادر فلسطينية متابعة إلى أنه لا يمكن الركون الى تعهدات تلك الجماعات لان لا امان لها فهي تخرق اتفاق الشرف، معتبرة ان تلك الخطوة الاستعراضية جاءت بعدما احست بان الطوق بدأ يضيق حولها بتحول الصراع بينها وبين الشعب الفلسطيني الاعزل، نتيجة كشف الجيش استباقيا لمخططات عماد ياسين الارهابية، كاشفة ان قيادات تلك الجماعات تحدثت امام عناصرها عن وجود ضمانات بعدم تعرضها لعمل عسكري، وان كانت العمليات الامنية التي قد تستهدفها لا يمكن ضمان توقفها ،داعية كوادرها للحذر، مطمئنة الى تلقيها كميات من الاسلحة المتطورة من متوسطة وخفيفة.

في هذا الاطار علم من اوساط فلسطينية، ان أنصار الاسير وبعد ميثاق الشرف بين القوى الاسلامية في مخيم عين الحلوة والجماعات المتشددة، باتوا اكثر حرية في تسليم انفسهم واحدا تلو الآخر، خصوصا انهم عاشوا اربع سنوات في سجن في المخيم ولم يتأقلموا مع الاوضاع فيه، فيما ابلغ فضل شاكر الوسطاء بانه مستعد لتسليم نفسه شرط الا يحاكم، ما رفضته قيادة الجيش معتبرة ان لا مفر من المحاكمات وفقا للقوانين اللبنانية وان ينال المرتكبون عقوباتهم التي يستحقونها، اذ لا مجال للمساومة على دماء الشهداء تحت اي ظرف، ناصحة الاخير  «أن اليوم افضل له من الغد وعليه ألا يضيّع الفرصة المتاحة لتسليم نفسه للمحاكمة، بدلا من أن يرفض ويطالب بأن يسلم نفسه ثم يطلق سراحه فورا ليغادر لبنان».

غير ان عودة عزام الاحمد التي رمت إلى اعادة تنظيم صفوف المجموعات وتوحيدها تحت مسمى الحرس الوطني الفلسطيني واحداث تغييرات في مواقع قيادة الامن الوطني، بعدما اثبتت بعض القيادات قدرة وكفاءة عسكرية في قيادة القوة الامنية الفلسطينية، لم توضع عمليا حتى الساعة موضع التنفيذ نتيجة العقبات السياسية والمالية التي تواجهها كاشفة ان موفدا من رام الله سيزور مجموعة من الدول العربية طالبا اليها المساعدة والتمويل، عارضا مستندات حصلت عليها الاجهزة اللبنانية والفلسطينية عن كميات الاموال التي تلقتها الجماعات المتطرفة من جهات اقليمية، والا عندها سيطلب الطرف الفلسطيني من الدولة اللبنانية مساعدات عينية ومادية لتنفيذ ما التزم به.

امر لمسته بعض الشخصيات التي اتصلت بالرئيس الفلسطيني معزية بوفاة شقيقه مؤكدا لهم حرصه الشديد على استمرار الامن في مخيم عين الحلوة وكل المخيمات وعدم توريط اي منها في المواجهات الاقليمية، رافضا توظيفها في الصراع في المنطقة، كاشفا عن اعطائه الاوامر والتعليمات الى الجهات الامنية بضرورة التصدي للسيناريوهات التي تحاك ضد عين الحلوة والحؤول دون نقل النار اليها، مشددا في السياق على أهمية التعاون بين لبنان والمسؤولين الفلسطينيين وقيام تنسيق بين الاجهزة اللبنانية والفلسطينية، وجازما بأن «لا يجوز ان تكون المخيمات خارج سلطة الدولة اللبنانية».

مصادر معنية بالملف توقفت عند سلسلة من الوقائع والمعطيات، معتبرة ان ما قامت به القوى الفلسطينية حتى الساعة من خطوات «مقبول ولكن ليس مطلوب لوحده» ،اذ ان الحل لن يكون الا بتسليم الرؤوس الكبيرة التي تملك القيادة الفلسطينية لوائح مفصلة باسمائهم والتهم الموجهة اليهم، معتبرة انه يخطئ من يظن ان اي عملية «تمييع» او تمرير للوقت والتعامل بخفة ولا مسؤولية ،عبر تسليم مطلوبي الصف الثاني والثالث، المتهمون بجرائم تكاد لا تذكر، لن تمر، اذ ان الدولة اللبنانية جازمة بمطالبتها بتسلم الذين ارتكبوا الجرائم بحق اللبنانيين وقاتلوا الجيش واولئك الذين اعدوا اوامر العمليات لخططهم الارهابية التي باتت مكشوفة ومعلومة من القاسي والداني،حيث المطلوب حسم الخيارات والتخلي عن سياسات الترضية والتردد، التي اتبعتها حركة فتح حتى الساعة بتعليمات من رام الله، المسؤولة اولا و اخيرا عما يجري عندما سمحت بتفاقم الخلافات داخل الحركة على الساحة اللبنانية ، ما سمح للارهابيين بتعبئة الفراغ، مستفدين من تعاون بعض كبار الفتحاووين معهم، معتبرة ان فتح ستكون المتضرر الاول من اي سقوط للمخيم في يد المجموعات المتطرفة.

واكدت المصادر انه آن الوقت لكشف كل الحقائق امام الشعب الفلسطيني حول الاطراف التي تتلاعب بمصيره، ليقوم بواجبه واستكمال مهمته في التحرك السلمي الذي بدأه، والتي حاولت بعض الجهات احتواءه وخنقه في مهده بعدما هدد مخططاتها،كي لا يتحول المخيم الى نهر بارد او يرموك آخر معرضا ال 100 الف لاجئ الى منكوبين في العام 2016.

بلال بدر في قبضة مخابرات الجيش.على هذا الخبر استيقظ اللبنانيون صباحا وسط دهشة وتساؤل عن هذا الانجاز الضخم وما قد يستتبعه من ردة فعل قد نغيّر المعادلات وتقلبها. حيرة لم يلزمها اكثر من ساعات قبل ان تتكشف الحقيقة ان «الصيد» ليس هو «الثمين» المنتظر، وان ما حصل استمرار لمسلسل تسليم ،كان هذه المرة بالاكراه . فهل تحمل الايام المقبلة تغييرات جذرية في التعاطي الفلسطيني مع المطالب اللبنانية وتسقط كل الحجج والمبررات غير المفهومة حتى الساعة؟