IMLebanon

لهذه الأسباب والقواعد: عرسال تحت «مظلّة» الحلف الدَولي؟!

 

فرضت العملية العسكرية الإستباقية التي نفّذها الجيش اللبناني في جرود عرسال وأحد مخيمات اللاجئين السوريين إعادة نظر في قواعد الإشتباك في تلك المنطقة على رغم أنّ مثل هذه القواعد لا تكون سوى بين جيشين نظاميَّين وليس بين جيش ومجموعات من العصابات. فكيف بالنسبة الى وجود لبنان في الحلف الدَولي على الإرهاب. وما هي الظروف التي تتحكّم بالمنطقة؟

يؤكد خبراء عسكريون أنّ عملية الجيش في وادي الأرانب وأحد مخيمات النازحين السوريين في جرود عرسال كانت استباقية وناجحة بكلّ المقاييس اللوجستية والإستخبارية والعسكرية وأعطت للمواجهة المفتوحة مع المجموعات الإرهابية في تلك المنطقة أيّاً كانت هويتها وانتماؤها على مختلف الإحتمالات، شكلاً جديداً لم تعرفه سابقاً.

ويضيف الخبراء أنّ ما نفّذه الجيش لا يعدو كونه من المهمات الإستثنائية التي وُضعت لمواجهة أيّ طارئ بعيداً من المعطيات السياسية التي حكمت أمن المنطقة منذ اندلاع الحرب السورية حيث تحوّلت عرسال ومحيطها كما غيرها من المناطق الحدودية المتاخمة للأراضي السورية موضوع نزاع سياسي داخلي تداخلت فيها الظروف الداخلية المتحكّمة بمظاهر الإنقسام المذهبي الذي عكسته مجريات الأزمة السورية وانغماس حزب الله في أحداثها الداخلية في الشكل المعروف والذي لم يعد خافياً على أحد على مساحة سوريا من جنوبها وعمقها الى أقصى الشمال.

باستثناء المحور الحدودي الممتدّ من جنوب جرود عرسال وصولاً الى شمال رأس بعبلك وتلالها لا يتحكّم الجيش اللبناني بأيٍّ من النقاط الحدودية الأخرى وباستثناء الوجود الأمني والإداري على المعابر الشرعية بين الأراضي السورية واللبنانية تبدو النقاط الحدودية الأخرى «فالتة أمنياً».

والسبب يعود الى أنّ الطرق العسكرية وغيرها من الطرق المُحدَثة التي اعتمدها حزب الله للإنتقال الى الأراضي السورية ومنها ألغت مفهوم الحدود الشرعية والدولية بين البلدين ولا تختلف في وضعها الواقعي عن أمر واقع مماثل فرضه إلغاء الحدود السورية مع العراق بعد سيطرة «داعش» على آلاف الكيلومترات منها كما الحدود الأردنية ـ السورية بعد سقوط آخر معاقل النظام على معبر نصيب الحدودي بين البلدين.

ولا يستطيع أيّ من الخبراء العسكريين عند قراءة الوضع الحدودي الخارج عن سيطرة الجيش والقوى الشرعية اللبنانية نفي هذه الصفة عن النقاط الفالتة وهو وضع استجدّ بعد معركة حزب الله في القصير ومحيطها وصولاً الى ريف حمص ونزولاً في اتجاه القلمون الأوسط، بما فيها تلك المعارك التي دارت في قرى ومدن قارة ويبرود والطفيل حتى مواجهات القلمون الجنوبي وآخرها معارك الزبداني.

والى هذه المعطيات يذكر الخبراء العسكريون أنّ لبنان لم يكن يوماً في مواجهة مع أيٍّ من طرفي النزاع في سوريا، فلم يواجه الجيش اللبناني يوماً الجيش السوري النظامي على رغم الإعتداءات السورية التي طاولت أراضي لبنانية بحجة مطاردة المسلّحين الفارين من المواجهات في الداخل السوري.

ويتذكر اللبنانيون ردّ الفعل الداخلي والسوري عندما طلب رئيس الجمهورية وهو في جولته الأفريقية من القيادة العسكرية توجيه سؤال الى القيادة العسكرية السورية عن الظروف التي رافقت الإعتداءات على عمق الأراضي اللبنانية قبل الرد على مصادر النيران من اليوم وصاعداً ما لم يكن الإعتداءُ مبرَّراً.

وكذلك لم يواجه الجيش اللبناني أيّاً من المجموعات السورية المعارضة على رغم اعتداءاتها المتكرّرة بين وقت وآخر على الأراضي اللبنانية الى أن نفذت غزوة الأوّل من آب العام 2014 والتي نجحت فيها بأسر العسكريين من الجيش اللبناني عدا عن تسلّمها مجموعة من عناصر قوى الأمن الداخلي التي كان يحتفظ بها مصطفى الحجيري في منزله.

وعليه يرى الخبراء العسكريون أنّ عملية الجيش الأخيرة شكلت أوّل ردّ عملي للجيش على غزوة آب للمجموعات الإرهابية التي عليها أن تنتظر من اليوم وصاعداً عمليات مماثلة في أيّ وقت. فالمهمات التي نفّذها الجيش في السنوات الماضية لم تعد إنسانية فحسب. ويمكنه أن ينفذ أيّ عملية استباقية لن يخرج فيها عن الأراضي اللبنانية لئلّا يفسّر تورّطاً في مجريات العمليات العسكرية الجارية داخل سوريا.

وتختم المصادر أنّ الجيش ينفذ هذه العمليات في ظروف مغايرة كتلك التي سبقت. فهذه المرة بات متسلِّحاً بدعم دَولي كبير يظلّل الحرب على الإرهاب في المنطقة ويواكب خطوات الجيش فيها.

ولعلّ ما يثبت ذلك يكمن في شكل ومضمون ردات الفعل التي تلت عملية وادي الأرانب وأبرزها ردّ الفعل الدَولي وزيارة السفير الأميركي لوزير الدفاع مهنِّئاً بها ومؤكداً أنّ الدعم الذي يلقاه لبنان لن يكون إلّا بحجم ما يحتاجه في المواجهة التي يخوضها ضدّ الإرهاب.

وتزامن ذلك مع وجود قائد الجيش العماد جان قهوجي في الولايات المتحدة الأميركية حيث تلقى مزيداً من الدعم العسكري النوعي واللوجستي، فالجيش اللبناني واحد من جيوش الدول المشاركة في الحلف الدولي على رغم خصوصية لبنان في الحرب المعلنة على الإرهاب؟!