IMLebanon

«التيار»… يحقّ لـ«القوات» ما يحقّ لغيرها

يتعامل العماد ميشال عون مع الشروط والشروط المضادة بواقعيّةٍ وصبر، ويعلم جيداً أنه عندما يُفتتح سوقُ التسويق، سيسعى جميعُ اللاعبين الأساسيين الى تحقيقِ أكبرِ قدرٍ ممكن من المكاسب، وهذا أمر طبيعي، لكنّ التخوّف هو من العراقيل المصطنَعة والنكوث بالوعود التي قُطعت سابقاً.

في انتظار جلاء الصورة الخارجية المرافقة للإستحقاق الرئاسي، وفيما يلتفت الجميع ليشاهدوا ما سيكون عليه موقفُ الرياض، خصوصاً أنّ أحداً لم يرَ بعد بصيصَ ضوء ولو خفيفاً يبشّر بإمكان قبول المملكة العربية السعودية إنتخاب عون أو رفضه، تترقب الدول الكبرى التي تنشغل بملف سوريا والمنطقة تطوراتِ الوضع اللبناني.

ويستغرب بعض المراقبين القول إنّ هناك فعلاً «لبننة» للإستحقاق، ما أعطى الرئيس سعد الحريري فسحة تحرّك شجّعته على إتمام تسوية داخلية، عمادها إنتخاب العماد عون رئيساً، وعودته الى رئاسة الحكومة.

كلّ المؤشرات تدلّ حتّى الساعة، أنّ تسويقَ إنتخاب عون يتمّ داخلياً، ولم يشهد الترويجَ الخارجي نفسَه الذي حدث عند الإعلان عن مبادرة ترشيح رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية، فلا السفيرة الأميركية تحرّكت وزارت الزعماء اللبنانيين، ولم يحمل الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند هاتفه ليحادث عون مثلما فعل مع فرنجية، على رغم أنّ الحريري أتى من باريس، ويُفترض أن يكون قد وضع الإدارة الفرنسية في صورة تحرّكه الجديد.

ووفق المعلومات، فإنّ باريس تواكب حركة الحريري، وتترك الأمرَ للبنانيين، وكلّ ما تفعله هو التحرّك في الخارج، ولا تريد أن تتسرّع وتندفع لأنّ تجاربها مع المبادرات الرئاسية لم يُكتب لها النجاح.

من جهتها، تُبدي روسيا ليونةً في الملفّ الرئاسي. وبعدما كانت أرسلت وزارةُ الخارجية الروسية العام الماضي رسائلَ عتب إلى وزير الخارجية جبران باسيل محمّلة مقاطعي جلسات إنتخاب رئيس الجمهورية مسؤولية الفراغ، تؤكّد مصادر ديبلوماسية لـ»الجمهورية» أنّ «موسكو ترحّب بأيّ توافق داخلي يسهّل الحلّ، فما يهمها هو إنتخاب الرئيس المسيحي وليس إسمه».

وتوضح المصادر أنّ «موسكو تعاطت بإيجابية مع إمكان إنتخاب عون، وهي تدعم إنتخابَه في حال كانت هناك إمكانية لوصوله الى القصر الرئاسي، وملاحظاتها السابقة كانت على التعطيل المستمرّ للإستحقاق وليس على شخصٍ معيّن، خصوصاً إذا حظي عون بإجماعٍ مسيحيٍّ ووطنيّ، عندها يكون مرشّحاً توافقياً».

وعلمت «الجمهورية» أنّ «موسكو لم تُجرِ حتى الساعة أيّ اتصال مع إيران في شأن مبادرة إنتخاب عون، لأنّ طهران تعتبر أنّ هذا الملفّ عند حلفائها اللبنانيين أي «حزب الله» وحلفائه، وكلّ ما تتمنّاه روسيا هو تسهيل الإستحقاق وعدم وضع العصي في الدواليب من أيّ جهة كان».

وفي موازاة إنتظار التطوّرات الخارجية، يبقى الداخل مشدوداً الى تطوّر مبادرة انتخاب عون، خصوصاً إذا رشّحه تيار «المستقبل» فيما عرقل الحلفاء هذا الترشيح.

ويعتبر «التيار الوطني الحرّ» أنّ العوائق الداخلية أمام وصول عون يمكن أن تُذلَّل والباقي مرهون بالوقت، وتؤّكّد مصادر في تكتل «التغيير والإصلاح» لـ«الجمهوريّة» أنّ «عون يحظى بدعم «القوّات اللبنانية» وبالتالي أصبحت الغالبية المسيحيّة معه، وسيرشحه تيار «المستقبل» الذي يمثّل الغالبية السنّية، ورئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط لا يعارض إنتخابه، و»حزب الله» يؤيّده وهو الذي يمثّل الغالبية الشيعية، فإذا بقي الرئيس نبيه برّي معارِضاً، هل هذا يمنع الإنتخاب؟».

وتشدّد المصادر على أنّ «عون قال سابقاً إنه لا يريد الوصول الى بعبدا والسنّة ضدّه، والأمر نفسه ينطبق على الشيعة الذين هم حلفاؤنا، وبالتالي نطمح لأن يحظى الإنتخاب بإجماع كلّ القوى السياسية، لكننا في الوقت نفسه نحاور الجميع ولا نريد أن يعطّل أحدٌ الإجماع، خصوصاً أنّ عامل الوقت ليس في مصلحة أحد، وكسر الإرادة المسيحية هذه المرّة لا يخدم الوطن والشراكة».

ومع توالي الشروط وخروج مطالب إضافية، ومن ضمنها عدم السماح لـ»القوات اللبنانية» بتولّي حقيبتَي الدفاع والداخلية، توضح المصادر «أنّ «القوات» حزب موجود وله حيثيّته مثله مثل القوى الرئيسة، ويستطيع المطالبة بالحقيبة التي يشاء، وهذا أمر يُحدَّد عند تأليف الحكومة وتوزيع الحقائب»، مضيفة: «إذا صفت النيات، فإنّ إيجادَ التسوية بات ممكناً، على رغم أنّ الشياطين تكمن في التفاصيل».

في السابق، كانت السهامُ توجَّه الى الحريري بأنه يعرقل وصول المرشح المسيحي الأقوى. امّا اليوم، فإنّ الجميع سيشير بالإصبع الى مَن يمنع إنتخابَ المرشح المسيحي الأوّل إذا إستمرّ التعطيل، وعندها يكون قد «ذاب الثلج وبان المرج»… الرئاسي.