IMLebanon

من العقوبات الرمزية  الى مواجهة النفوذ الايراني

فرض عقوبات أميركية جديدة على ايران بعد تجربة صاروخ باليستي هو، في حدّ ذاته، اجراء رمزي. فلا طهران التي تدعمها موسكو تبدو قلقة حيال العقوبات المفروضة أو مترددة في تحدّي واشنطن. ولا ادارة الرئيس دونالد ترامب التي صعّدت اللهجة في الاعتراض على التجربة الصاروخية كانت قادرة على الهرب من فعل شيء ما. لكن من الصعب على أي طرف، وحتى على الجمهورية الاسلامية التي تسخر من الشيطان الأكبر وتقول انه مرعوب من اقتدارها الصاروخي، تجاهل ما بعد العقوبات الرمزية ومعناها في مرحلة إلغاء العقوبات بعد الاتفاق النووي.

ذلك ان أميركا في مرحلة تحولات متناقضة. ترامب يلغي ما فعله الرئيس باراك أوباما بعدما ساهم هجومه عليه في تكبير رصيده خلال الحملة. وأوباما مارس سياسة معاكسة لسياسة الرئيس جورج بوش الابن بعدما كان أكبر رأسمال له في حملته الانتخابية انتقاد حروب بوش الاستباقية وما قادت اليه من خسائر أميركية. لكن ترامب لا يزال يفتقر الى استراتيجية متكاملة. فالغامض هو الخروج أو الابقاء على استراتيجية الخندقة التي سادت عهد أوباما بعد استراتيجية التغيير بالقوة التي سادت عهد بوش الابن. والواضح ان غزو بوش للعراق فتح الباب للنفوذ الايراني، والانكفاء الأميركي عن الشرق الأوسط الذي مارسه أوباما ساهم في تكبير الدور الاقليمي لايران، وبالطبع في اندفاع الرئيس فلاديمير بوتين لاستعادة دور القوة العالمية لروسيا من خلال انخراطه في حرب سوريا.

ولا أحد يعرف كيف سيجمع ترامب بين مواجهة طهران والتفاهم مع موسكو. لكن البداية تتجاوز الأخذ والرد حول الاتفاق النووي الى النفوذ الايراني في المنطقة. فما راهن عليه أوباما الذي أعطى الأولوية القصوى للتوصل الى الاتفاق النووي هو توازن القوى الاقليمية بين ايران وكل من السعودية ومصر وتركيا. وما دعا اليه في حواره الشهير مع أتلانتيك هو سلام بارد بين طهران والرياض واتفاقهما على تقاسم النفوذ في الشرق الأوسط.

لكن ما يقلق ترامب هو توسّع النفوذ الايراني. فالمرشح لوكالة المخابرات المركزية مايك بومبيو تحدث عن ستة تهديدات تواجه أميركا، أحدها ان ايران دولة قيادية في رعاية الارهاب، وقد استقرت وصارت لاعبا أكثر جرأة وتخريبا، وتثير تشنجا مع حلفائنا السنّة. والجنرال جيمس ماتيس وزير الدفاع رأى ان ايران تشكّل أكبر قوة للاضطراب، وان على أميركا التوصل الى استراتيجية بعيدة المدى تضمن منع ايران من تحقيق هدفها بفرض الهيمنة على المنطقة.

وهذا الكلام يوحي ان العقوبات الجديدة حركة أولى على رقعة الشطرنج. والنظام الاقليمي هو اللعبة.