IMLebanon

الجميّل يتذكّر التاريخ الذي «يُعيد نفسه»

«ماذا بقي من وصايا موسى العشر .. بعد النقاط العشر؟»

الجميّل يتذكّر التاريخ الذي «يُعيد نفسه»

في «بيت المستقبل» الجديد في سرايا بكفيا القديم (مركز القائمقاميتين سابقاً)، يتحسّر رئيس الجمهورية الأسبق أمين الجميّل على أحوال الرئاسة التي يكاد يشارف الفراغ الذي ضربها حدود السنتين، ويتذكّر التاريخ (لقاء وزارة الدفاع في 1988) الذي «يعيد نفسه» اليوم (لقاء معراب 2016). وما بين التاريخين يتوقّف بمرارة أمام «حروب التسعينيات» التي اختصرت حروب الصراع على السلطة، والتي كان «ضحيتها الأولى» «بيت المستقبل» الكائن في النقّاش في ذلك الحين: «كل الثورات أو الانقلابات كانت تبدأ باحتلال الإذاعة. أما عندنا (عند المسيحيين) فمن كان يريد أن يمسك بزمام السلطة كان يبدأ بالسيطرة على «بيت المستقبل» الذي تناوبت على السيطرة عليه «القوات اللبنانية» ومن ثم قوات الجيش التابعة لقائد الجيش آنذاك العماد ميشال عون، ومن ثم (بعد 13 تشرين) الجيش بقرار من العماد إميل لحود الذي حوّل المكان إلى سجن للمخابرات».

في «بيت المستقبل» الجديد، حيث يمضي معظم أوقاته متفرّغاً لإعادة إحيائه وإحياء المؤتمرات والمنشورات التي كانت تصدر عنه، يتذكّر الشيخ أمين مسببّات الفراغ الرئاسي الأول الذي حلّ في نهاية عهده العام 1988 على نحوٍ يشي بأن اللبنانيين ما زالوا في العام 1988 نفسه: «قبل أربعة أيام من انتهاء ولايتي، قام الرئيس حسين الحسيني والصحافي الراحل غسان تويني بمسعى قادني إلى قمة أخيرة مع الرئيس السوري حافظ الأسد. لم أكن ضدّ انتخاب النائب مخايل الضاهر رئيساً للجمهورية في ذلك الحين كما كان يشاع، لأن أحداً لا يمكنه التشكيك لا بمارونيته ولا بلبنانيته. ذهبت إلى الأسد لأقول له أنا مع الضاهر ولكن لنتّفق على «سلّة» تضمن توفير الإجماع له بحيث يتمكن من الحكم بدون عراقيل، ويتمكن النواب من الحضور إلى مجلس النواب في ساحة النجمة حيث لم يكن الأمن مضموناً. فبادر الأسد حينها (ابتسم الجميّل ساخراً) إلى اقتراح إرسال ضابط سوري مع عسكريين اثنين برفقة كل نائب من أعضاء البرلمان إلى ساحة النجمة، متجاهلاً أن ذلك يتنافى مع الديموقراطية اللبنانية. اقترحت عندها التوافق على انتخاب الضاهر وعلى حكومة وعلى بيانها الوزاري أيضاً، على أساس أن أعود إلى بكركي وأسعى إلى الإجماع هناك على الضاهر وينزل الجميع إلى مجلس النواب لانتخابه، وكان الأسد مرحباً بهذا الاقتراح. لكن بعد قليل من انطلاق محادثات القمة دخل جبران كوريه (مستشار الأسد الإعلامي) إلى مجلسنا وسلّم الأسد ورقة، فقرأها ثم أعطاني إياها بعد قليل حيث كتب فيها أن العماد عون والدكتور سمير جعجع اجتمعا في وزارة الدفاع حيث نفّذا انقلاباً ضد الرئيس الجميّل».

يوضح الجميّل: «هكذا قرأت المخابرات السورية لقاء عون مع جعجع، مع العلم أنه لم يكن انقلاباً وإنما توافقاً بينهما على رفض انتخاب الضاهر. وبالفعل بعدما قرأنا تلك الورقة أبلغني الأسد أنه لم يعد بالإمكان استكمال البحث في انتخاب رئيس طالما أن معنى لقاء وزارة الدفاع واضح».

عاد الجميّل أدراجه إلى بكركي، ومن ثم إلى قصر بعبدا، أصدر مرسوم تشكيل الحكومة العسكرية برئاسة العماد عون، وانطلقت رحلة الفراغ: «للأسف التاريخ يعيد نفسه اليوم. نعيش هذياناً بكل معنى الكلمة. ثمة من تسكنه شهوة السلطة. السلطة من أجل السلطة. ماذا بقي من وصايا موسى العشر بعد النقاط العشر (لقاء معراب)؟

يسترجع الرئيس الجميّل مشهدية معاكسة من العام 1982: «الرئيس الراحل كميل شمعون فكّر بترشيح نفسه للرئاسة قبل انتخاب بشير. استشهد بشير فأعلن شمعون ترشيح نفسه في مواجهة ترشيحي. في ذلك الحين أُطلقت حملة ضدي من بعض القيادات الإسلامية على خلفية اتهام حزب الكتائب بمجزرة صبرا وشاتيلا. أطلق أبو عمّار (الرئيس الراحل ياسر عرفات) تصريحه الشهير من تونس مؤيداً ترشيحي فتبدّل الموقف الإسلامي في بيروت. نصح الموفد الأميركي فيليب حبيب الرئيس شمعون بسحب ترشيحه، وهكذا كان بعد يومين فقط من إعلانه«.