IMLebanon

غطاس خوري: كاسحة الألغام الحريرية

منذ تسعينيات القرن الماضي، في «زمن» رفيق الحريري ونجله بعده، تمكن النائب السابق غطاس خوري من تكريس نفسه «ديك الملفّ المسيحي» في تيار المستقبل. «وفاءً لخطّ الرئيس الشهيد»، اعتاد نقيب الأطباء السابق أن يُقدمه حلفاؤه «أضحية على مذبح التسويات السياسية»، مكتفياً بمنصب «كبير مستشاري سعد الحريري» ووسيطه مع الأطراف المسيحية.

يعود اسمه الى الواجهة عند كل مشروع تسوية. هو صاحب نظرية «الانفتاح على ميشال عون». زار الرابية التي يجمعه بجنرالها حب الزراعة وحبك تفاصيل اللقاء الذي عُقد في روما بين الرجلين في كانون الثاني من العام الماضي، قبل أن تفشل التسوية. منذ نحو ثمانية أشهر، بدأ خوري، بالتعاون مع النائب وليد جنبلاط والوزير نهاد المشنوق، العمل على اقناع الحريري بدعم ترشيح النائب سليمان فرنجية لرئاسة الجمهورية. قبل شهرين، زار بنشعي وطرح الفكرة على رئيس تيار المردة الذي يجمعه به حبّ الصيد.

ليس ابن بلدة كفرنيس الشوفية زاهداً بالمناصب، وهو لم يخف طموحاته بحسب ما نقل في «ويكيليكس» عن السفير الأميركي السابق لدى لبنان جيفري فيلتمان الذي قال إن خوري «يُسوق طموحاته الرئاسية، كباقي السياسيين الموارنة». وتنقل مصادر متابعة لاجتماعات باريس اللبنانية أنه انتزع وعداً بأن «يُعين وزيرا في الحكومة الجديدة» إذا نضجت «طبخة ترشيح فرنجية».

تعرف الاختصاصي في الجراحة العامة الى الحريري الأب وجنبلاط، في ثمانينيات القرن الماضي، في مستشفى الجامعة الأميركية في بيروت حيث كان يعمل. توطّدت علاقته بالرئيس الراحل الذي كلّفه أولى مهمّاته، وهي فتح قناة تواصل مع العماد عون عندما كان في منفاه الباريسي، بالتعاون مع رجل الأعمال عماد الحاج. انتخب نقيباً للاطباء عام 1998، ولم تحل الاتهامات والدعوى التي رفعت ضده في ما يتعلق بكلفة تشييد «بيت الطبيب» دون انتخابه نائباً عن بيروت على اللائحة الحريرية عام 2000.

في عام 2001، تأسس «لقاء قرنة شهوان» المعارض للوجود السوري، برعاية البطريرك الماروني السابق نصرالله صفير، فكان خوري، «صهر» سوريا (متزوج رئيسة قسم الانعاش في الجامعة الأميركية سمر جبور من صافيتا)، من أبرز وجوه «اللقاء التشاوري»، التجمّع المسيحي الذي ترأسه نائب بشري الراحل قبلان عيسى الخوري عام 2002، بهندسة مباشرة من الحريري وجنبلاط، بهدف محاصرة «القرنة»، وتأمين غطاء مسيحي للوجود السوري. اجتمع «اللقاء» حول مأدبتي غداء، الأولى في منزل خوري في كفرنيس، والثانية في منزل النائب السابق ناظم الخوري في عمشيت، لكن تنصّله من «الوفاء لسوريا» بدأ عام 2004، حين سلّمه الحريري مهمة أخرى، هي «العمل على خطّ المصالحة بينه وبين قرنة شهوان على قاعدة الرفض المشترك للتمديد لاميل لحود».

«ضحّى» به الحريري الابن في الانتخابات النيابية عام 2005، حين طلب منه الانسحاب لمصلحة النائبة صولانج الجميل. رضي «على مضض»، الا أنه انتفض على محاولات الالتفاف عليه في انتخابات 2009، عندما علم بأسماء لائحة 14 آذار عبر وسائل الاعلام، بعدما كان من المقررين في هذا الفريق. «حارب» المستقبل بسلاحه عبر توزيع كراتين اعاشة «عن روح الشهيد رفيق الحريري»، واتهم حزبي الكتائب والقوات اللبنانية بأنهما «لا يؤمّنان التمثيل المسيحي في الشوف». برغم ذلك، «بقي وفيا لآل الحريري لأنه لم يتخلّ يوما عن أصدقائه. وربما لذلك لا يزال سعد الحريري يثق به ويحترمه»، على ما يقول عارفوه، اضافة الى أنه «يجرؤ على الحديث في الأمور التي يرتاب منها الآخرون. وهو دفع ثمن قناعاته في مكانٍ معين».

أثرّت انتخابات 2009 سلباً في علاقته بجنبلاط، «بعدما جمعهما رئيس جمعية الدفاع عن المسيحيين في الشرق توفيق بعقليني». الأخير فتح أبواب الولايات المتحدة أمام خوري بعد اغتيال الحريري، مساعداً اياه على نسج علاقات مع المحافظين الجدد وبخاصة مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق «والمهندس الأول لحرب العراق» بول وولفويتز. حاول أن يؤدي دور صلة الوصل بين المستقبل ومراكز القرار في الولايات المتحدة «الا أنّه لم يستطع إطاحة مستشارة الحريري آمال مدللي».

بعد «مغامرة» الحريري ـــ عون، لم ييأس غطاس خوري. يجرّب حظّه في مغامرة جديدة، ترمي إلى إيصال أحد «أعداء» سعد الحريري إلى قصر بعبدا. ليس صانعاً للرؤساء بالتأكيد، لكنه «كاسحة ألغام» متخصصة في إزالة العوائق السياسية عن الطرق التي تفصل الحريري عن خصومه.