IMLebanon

حكومة خائفة من شعبها ونفسها :  اما سوكلين … أو الفوضى

 اذا كان هدر المال العام جريمة – وهي كذلك – لا جنحة، فإن الجلسة الأخيرة للجنة المال والموازنة النيابية حددت وقائعها بالتواريخ والأرقام. وملخصها أن شركة سوكلين للنفايات وقعت عقداً مع مؤسسة رسمية لبنانية بقيمة ٤١ مليون دولار عام ١٩٩٧، ارتفع في العام التالي الى ٧٣ مليوناً، والى ١٨١ مليوناً عام ٢٠١٣. واذا كانت هذه الأرقام تمثل غبناً بحق الدولة بسبب غفلة المسؤولين المعنيين، فإن الشركة يمكن أن تدافع عن نفسها ب البراءة، لأن القانون لا يحمي المغفلين! ولكن ماذا لو كان السبب هو أمر آخر غير الغفلة؟.. ومع ذلك فإن في سجل الشركة حالة تلبس بقيمة ٥٧٥ مليوناً بدل معالجة لم تقم بها. وحالة تلبس أخرى في سجل الدولة وبعدد غير محدد من الملايين، بشأن المراقبة وغيرها، وهو الأعظم!

***

الهدر هو التعبير المهذب الذي يلطف عبارة سرقة المال العام، أي عندما يسرق رجال الدولة مال الدولة! ولهذا السبب تحديداً تبقى هوية الجاني مجهولة في هذه الحالة، حتى مع ثبوت التلبس! وعلى الرغم من الضجة الكبرى، نيابياً وشعبياً وسياسياً، من طوفان النفايات الذي يغرق لبنان من الشاطئ الى الجبل، فإن الحلول لا تزال مستعصية بسحر ساحر! وكأن الخيار المطروح أمام اللبنانيين هو: اما سوكلين أو الغرق بالنفايات! وكل التهديدات ب المحاسبة وبعظائم الأمور، نزلت برداً وسلاماً على قلوب المرتكبين! واليوم ترتفع أصوات التحذير، وتنذر بضرورة ضب النفايات قبل حلول فصل ارتفاع درجة الحرارة، لما يسببه ذلك من نشر واسع للأوبئة… دخلك…، ألم يصدر التحذير نفسه مع الدعوة الى ضب النفايات قبل هطول الأمطار في الفصل الماضي؟ فماذا حصل؟!

***

أسوأ ما في هذه الحكومة انها تتصرّف وكأنها خائفة من شعبها، وخائفة من نفسها في الوقت نفسه! وتظاهرة مجموعة من المواطنين ضد المطامر في مناطقهم هو المصدر المعلوم من هذا الخوف. أما خوف الحكومة من نفسها فمصدره هو المجهول! ومع ذلك فان فيضان النفايات بلغ حداً بات من المتعذر ايجاد مساحات اضافية له، ربما باستثناء سطوح البنايات! وما يشجع على التمرد الشعبي في وجه الحكومة، هو عدم الثقة بمصداقيتها. واذا أرادت الحكومة اليوم أن تتقبّل منها الناس حلّ المطامر، فعليها أن تعلن في الوقت نفسه، انها اعتمدت بالتزامن معه، حلّ الفرز من المصدر… وهو أمر سهل ولا يحتاج الى أكثر من كيسين بلونين، والى توجيه عاملة المنزل، أو أي فرد في الأسرة بتنفيذ المهمة، دونما حاجة الى تدريب، أو التأقلم مع تغيير في العادات! –