IMLebanon

الحريري متفق مع عون على ملفات زيارته الاميركية

على وقع دوي اصوات القذائف والقصف الصاروخي الذي يتردد صداه في قرى البقاع الشمالي، وفي ظل الصمت الرسمي ،غادر رئيس الحكومة سعد الحريري الى واشنطن بعدما ادت تعديلات اللحظة الاخيرة الى انسحاب احد كبار القادة الامنيين من عداد الوفد نتيجة للاوضاع المستجدة على الجبهة، في الوقت الذي استبق وصول الوفد اللبناني الى العاصمة الاميركية رسالة عاجلة من وزارة الخارجية الكويتية، لافتة في توقيتها ومضمونها الى نظيرتها اللبنانية، تصب في خانة الضغوط الاميركية.

الصمت الحكومي في بيروت حيال تطورات الاحداث العرسالية، وان كان سبقه موقف غير مفهوم لرئيس الحكومة على بعد ايام من لقائه قائد الجيش العماد جوزاف عون ، تحدث فيه عن عملية مدروسة للجيش في جرود البلدة البقاعية، فسرته مراجع حكومية على انه استباق تبريري في حال دخول الجيش المعركة نتيجة تطور الاحداث اثناء لقاء الحريري بالمسؤولين الاميركيين، ما يعني عمليا ان الكلام قيل في الاطار السياسي الذي من خلاله سيقارب رئيس الحكومة الملف الامني مع من سيلتقيهم من سياسيين وعسكريين، مع ما قد تحمله العملية العسكرية من تداعيات على الدولة اللبنانية على اكثر من صعيد، وما قد يضع الحريري في موقف حرج لا يحسد عليه في ظل الاجواء «المشحونة» في العاصمة الاميركية، وبعد فشل الوفود المالية والنيابية اللبنانية سابقا في تحقيق اي خرق عملي.

من هنا ترى مصادر سياسية متابعة ان مفاوضات الوفد اللبناني لن تكون سهلة في واشنطن وان مجريات المعركة الميدانية في الجرود ستجد صداها في العاصمة الاميركية، التي استنفرت طاقمها الدبلوماسي والامني في سفارتها في عوكر والذي وضع بحال الاستنفار، لمتابعة التطورات اولا باول، وابلاغ القيادات المعنية في مراكز القرار بما يجري بدقة، خصوصا ان للمعركة وجه اساسي ابعد من العسكري لما قد يحمله انتصار حزب الله من نتائج على واقع مفاوضات التسوية السورية التي تطبخ اميركيا وروسيا بعلم اسرائيلي، وهو ما يكون قد لعب عاملا اساسيا في تسريع معركة الحسم قبل ان تستوي «الطبخة» الاقليمية – الدولية.

واذا كان ثمة في الكونغرس والادارة الاميركية من «لوبي» متحمس لاستمرار دعم لبنان ،على ما تنقل اوساط لبنانية – اميركية، مدعوما براي فريق عسكري يتقدمه قائد القيادة الوسطى الاميركية ،الذي بات على دراية كاملة باوضاع لبنان على مختلف الصعد، فان في المقابل من يعمل في الخفاء على التحريض ضد الجيش اللبناني وتجييش بعد اعضاء الكونغرس للعب على وتر بعض التناقضات ،من باب الربط بين المساعدات النوعية التي حصلت عليها المؤسسة الامنية اللبنانية اخيرا وحزب الله، رغم التقارير الكثيرة التي اشادت بحكمة قائد الجيش ونجاحه في المواءمة بين مقتضيات التحالف مع الاميركيين كشرط اساسي لربح المعركة ضد الارهاب، وبيت ضرورات مراعاة التركيبة الاجتماعية والسياسية اللبنانية التي يمثل حزب الله مكونا اساسيا وفيها نجاح دفع بالاميركيين الى تحديد موعد جديد لقائد الجيش لزيارة واشنطن بعد اقل من ثلاث اشهر على زيارته لمتابعة الملفات التي طرحت سابقا، في سابقة لم تسجل تاريخيا، وهذا ان دل على شيء فعلى «الرضى» الاميركي على اداء القيادة العسكرية اللبنانية والارتياح القائم بين الفريقين.

وتتابع الاوساط الوزارية ان زيارة رئيس الحكومة وجدول اعمالها منسقة بالكامل مع رئيس الجمهورية حيث تم التوافق بين الرئيسين على سقف مواقفها الذي تحدده مقتضيات الوفاق الوطني ومندرجات البيان الوزاري، ويأتي استكمالا لما سمعه المسؤولون الاميركيون خلال زياراتهم المتكررة الى لبنان، واشارت الى ان الاتفاق واضح على ان لبنان كدولة غير معني بما يقوم به حزب الله خارج الحدود اللبنانية وهو بالتالي لا يتحمل اي تبعات في هذا المجال، كما ان الوفد سيشدد على ضرورة التمييز بين الحزب الذي غالبيته من الشيعة وبين الطائفة ككل التي لا يجب ان تكون كبش محرقة في اي عقوبات وكذلك المصالح اللبنانية العليا من اقتصادية ومالية وعسكرية. وعلم في هذا الاطار ان الوفد اللبناني سينقل الى الرئيس الاميركي امتنان بيروت للمساعدات التي تقدم داعيا الى مزيد منها خصوصا ان لبنان اثبت جدارة عالية في ملف مكافحة الارهاب.

وفيما خص ملف النازحين السوريين، فقد اشارت المعلومات الى انه ستتم مقاربته من مستووين، الاول امني، لما قد يشكله بعض هؤلاء من خطر على الامن اللبناني، بعدما تحولت بعض المخيمات الى بؤر حاضنة للمجموعات الارهابية بحسب ما بينت كل المعطيات والتحقيقات الجارية، والثانية انسانية، من باب التزام لبنان بالمواثيق الدولية الراعية في مجال حقوق اللاجئين، واستعداده للوفاء بكل التزاماته، الا ان ذلك لا يمكن ان يستوي الا في حال تقديم المجتمع الدولي الدعم المادي الضروري بشكل جدي وفق آلية تحددها الامم المتحدة والجهات المانحة تسمح بسرعة وصول المساعدات ووصولها الى مستحقيها.

اما النقطة الابرز والاصعب فهي تبقى في ملف العقوبات ،الذي لن يكون من السهل الحصول على موقف حاسم في شأنه ،كونه اصبح في عهدة الكونغرس والنقاشات حوله خاضعة لموازين قوى اميركية داخلية ولارتباط بعض مراكز القرار بجهات خارجية لها تأثيرها في الداخل الاميركي، وعليه فان المفاوضات ستبقى غير محسومة وكذلك اي وعود قد يحصل عليها الوفد اللبناني، الذي عليه اقناع مفاتيح الكونغرس بصوابية رأيه.

ايا تكن نتيجة الزيارة، فانه من حيث المبدأ ستظهر حدود قانون العقوبات تزامنا مع انتهاء العمليات العسكرية في السلسلة الشرقية، اذا ما صحت التوقعات الزمنية التي حددتها قيادات حزب الله العسكرية للحسم، وهي بالتأكيد ستكون قبل زيارة قائد الجيش المرتقبة الى واشنطن في 12 آب. فهل ينجح رئيس الحكومة حيث فشل الآخرون؟ ام يبقى اللقاء بالرئيس الاميركي على ما درجت عليه العادة صورة تذكارية؟ علما ان آخر لقاء للحريري في البيت الابيض كلف استقالة حكومته في بيروت ومن الرابية بالذات.