IMLebanon

زيارة الحريري لواشنطن، الأولى لمسؤول لبناني على هذا المستوى منذ مجيء إدارة ترامب

    تحييد لبنان وزيادة الدعم للجيش والمساعدة في حلِّ أزمة النازحين والتخفيف من وطأة العقوبات

    المبالغ المقدمة للبنان أقل بكثير  مما تحتاجه الحكومة للوفاء بإلتزاماتها  تجاه النازحين السوريِّين

 تبدأ زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري إلى الولايات المتحدة الأميركية بالتزامن مع الهجوم الذي بدأه «حزب الله» ضد مواقع التنظيمات المعارضة والارهابية السورية في جرود منطقة عرسال تحت شعارات جذّابة لتبرير وتغطية هذا العمل العسكري الذي يقوم به الحزب خارج إطار السلطة الشرعية اللبنانية، وبسلاح غير شرعي يستعمل حسب وظيفته الإقليمية التي تتناسب مع مصالح إيران وحلفائها علی حساب أمن واستقرار لبنان وشعبه. وبالرغم من التأثيرات السلبية لهذا التحرّك غير الشرعي على زيارة الرئيس الحريري إلى واشنطن، إلا انها لا يمكن ان تحجب أهمية حصولها في هذا الظرف الاقليمي والدولي الحسّاس جداً الذي يشهد ما يمكن تسميته رسم خرائط أو تحديد مناطق نفوذ وسيطرة القوى والدول المشاركة في الحروب المذهبية والطائفية والعرقية في سوريا وغيرها.

فأهمية الزيارة تأتي كونها الأولى لمسؤول لبناني بارز على مستوى رئيس الحكومة للإدارة الأميركية الجديدة وتحديد لقاء له مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بعد وقت قصير نسبياً من تولي الإدارة لمهماتها السلطوية في الولايات المتحدة في حين حاول أكثر من مسؤول لبناني وعدد من السياسيين اللبنانيين اجراء اتصالات وتحديد لقاءات مع مسؤولين أميركيين من قبل ولكنهم لم ينجحوا بذلك، وهذا مؤشر على حرص هذه الإدارة على الالتقاء برئيس الحكومة والتشاور معه في أوضاع المنطقة عمومياً ولبنان من ضمنها ومناقشة مختلف القضايا والملفات المطروحة في هذه المرحلة بالذات بالرغم من الانشغالات الإقليمية والدولية.

ولا تقتصر أهمية هذه الزيارة على هذه الناحية فقط وإنما تتعداها إلى نواح أخرى لا تقل أهمية عنها وهي أن رئيس الحكومة سيركز في لقاءاته مع الرئيس الأميركي وغيره على ضرورة استمرار تحييد لبنان من الصراعات والحروب الدائرة بالمنطقة ووجوب ضمان تأمين كل مستلزمات تكريس الأمن والاستقرار فيه، بالرغم من كل العوامل السلبية ومحاولات زعزعة الأمن من أكثر من جهة داخلية و خارجية على حدّ سواء، انطلاقاً من دور وتأثير الولايات المتحدة في التفاهمات التي تجريها مع روسيا ودول المنطقة المؤثرة لتهدئة هذه الصراعات ووضع حدّ للحروب القائمة، وقد بدأت معالمها بالظهور منذ اللقاء الأخير بين الرئيسين الأميركي والروسي.

وهناك أمور مهمة أخرى ستتطرق إليها الزيارة وتفرض نفسها، ومنها مساعدة لبنان على تحمل أعباء استمرار وجود النازحين السوريين على أراضيه من خلال ناحيتين، الأولى الإسراع في إنهاء الحرب السورية لتوفير ضمان ومقومات عودتهم الأمنية والمعيشية لإنهاء معاناتهم وترييح الوضع اللبناني الذي يمرُّ بظروف صعبة جرّاء استنزاف الوضع الاقتصادي وتحمل تبعات وجود أكثر من مليون ونصف المليون نازح معيشياً واجتماعياً، والناحية الثانية وجوب دعم لبنان مالياً واقتصادياً ليتمكن من توفير مستلزمات وجود هؤلاء النازحين من خلال زيادة المخصصات والمبالغ التي يقدمها المجتمع الدولي وفي مقدمته الولايات المتحدة الأميركية الی الحكومة اللبنانية، لتتمكن من الصرف على الاحتياجات المتزايدة لوجود هؤلاء النازحين في الحقول الأساسية، كالطبابة والتعليم وغيرها والمباشرة بتأهيل وتطوير البنى التحتية التي ترزح تحت ضغط كبير يفوق طاقتها المعتادة بعد ما تمّ استهلاكها في السنوات الماضية، ولأن المبالغ المالية المقدمة حتى اليوم أقل بكثير مما تحتاجه الحكومة اللبنانية للقيام بالمهمات المنوطة بها لاستمرار استيعاب هذا العدد الكبير من النازحين السوريين.

ومن المعلوم أن الولايات المتحدة بإمكانها التأثير على حلفائها واصدقائها والصناديق الدولية كي تتم زيادة المخصصات المالية والمساعدات الاقتصادية لدعم لبنان لمواجهة أزمة النزوح السوري المتواصلة، ولا تقل مسألة زيادة الدعم العسكري للجيش اللبناني والقوى الأمنية على اختلافها أهمية عن سائر المواضيع والملفات التي سيناقشها رئيس الحكومة مع المسؤولين الأميركيين، كون هذا الدعم يُشكّل عاملاً رئيسياً في تقوية وزيادة فاعلية الجيش وهذه القوى من خلال تزويدهم بالمزيد من المعدات والأسلحة والذخائر، لتمكينهم من القيام بالمهمات والإجراءات المتزايدة للحفاظ على الأمن والاستقرار الداخلي في كافة المناطق اللبنانية، ومكافحة التنظيمات الارهابية على وجه الخصوص أيضاً باعتبار ان الدعم العسكري الأميركي للجيش، ساهم خلال السنوات الماضية في تحقيق نتائج فاعلة في محاربة وكبح جماح هذه التنظيمات المتطرفة.

وبالطبع، فإن مسألة موضوع العقوبات الاقتصادية التي تستعد الإدارة الأميركية لفرضها على «حزب الله»، كما يتردد في بعض وسائل الإعلام، سيكون لها حيز من البحث في المباحثات التي ستجري مع المسؤولين الأميركيين بهذا الخصوص، انطلاقاً من السعي الحثيث لتجنب تداعياتها السلبية على الاقتصاد اللبناني وشرائح معينة من اللبنانيين، ولكن مع استفحال ما يقوم به «حزب الله»، ان كان من خلال مشاركته بالحرب السورية وتهجير وقتل السوريين، وخصوصاً قتال من تسبب بوجودهم حالياً في صفوف المعارضة والتنظيمات الارهابية ومساهمته في تدريب الخلايا الإرهابية التي تستهدف أمن الدول العربية، كما حصل مع الشقيقة الكويت، مؤخراً، وقبلها السعودية والبحرين واليمن وغيرها، لن يُساعد في تحقيق التقدم المأمول في هذا الملف الصعب والمعقد، بالرغم من المحاولات التي سيبذلها رئيس الحكومة بهذا الخصوص.